من بعبدا.. أورتيغاس: إسرائيل راغبة في خطوات متبادلة مع لبنان
"الحزب" يُهدد بـ "هيهات منّا الذلّة"
عقب هزيمته العسكرية وتراجع سطوته السياسية، لم يبقَ في جعبة "حزب الله" سوى ورقة "أفيون الشارع"، التي بدأ تفعيلها تدريجيًا عقب قرار الحكومة التاريخي في 5 و7 آب. يُلوّح بها حينًا، ويركنها حينًا آخر. تقوم استراتيجيته على الحذر والتدرّج. بدأ استعراض فرقة الدراجات النارية لأيامٍ معدودة، ثم سحبها فجأة، رغم إصراره على أنها تحرّكات عفوية وشعبية، لا علاقة له بها.
فعّل "الحزب" أدواته كافة: من مسؤوليه ونوّابه، إلى ماكيناته الإعلامية التي لا تهدأ، مطلِقًا وابلًا من التخوين والاتهامات، ومُلوّحًا بحرب أهلية وتهديد للسلم الأهلي. بالتوازي، نظّم سلسلة ندوات ومحاضرات يتحدّث فيها بـ"عفاف مصطنع" عن الميثاقية والدستورية، رغم كونه أول من ضربها واغتصبها على مدى سنوات. وفي إطار حشد الشارع ضد الحكومة واللبنانيين، يوسّع "الحزب" رقعة التعبئة لتشمل كل الفئات. أمس، كان دور العمال والنقابيين، إذ دعا "المكتب العمالي المركزي" في حركة "أمل" و"وحدة النقابات والعمال المركزية" في "حزب الله"، في بيان مشترك، تحت شعار "هيهات منّا الذلّة"، "عمال لبنان ومنتجيه ونقابييه الشرفاء" إلى التجمّع في ساحة رياض الصلح، يوم الأربعاء، رفضًا لقراري الحكومة الصادرين في 5 و7 آب 2025.
لكن لم تمضِ ساعات على دعوة التظاهر، حتى صدرت عن الجهة نفسها رسالة تراجُع، إذ حمل البيان الثاني نبرة مختلفة، معلنًا تأجيل الوقفة الاحتجاجية "تلبيةً لتمنيات مرجعيات وطنية حرصت على الاستقرار والحوار". هذا التحوّل المفاجئ عكس توازنًا دقيقًا بين منطق التصعيد وضوابط التهدئة، لكنه لم يُلغِ احتمال العودة إلى الشارع، إذ شدّد المنظّمون على أنّ القضية "لم تُؤجَّل" وأن "سلاح المقاومة سيبقى عنوان الصمود". في هذا السياق، أفادت معلومات بأنّ رئيس مجلس النواب نبيه برّي لعب دورًا أساسيًا في إقناع "الحزب" بتأجيل التحرّك.
هنا تطرح خطوتا الدعوة والتراجع تساؤلين لافتين:
أولًا: هل من المنطقي أن يكون الرئيس نبيه برّي غائبًا عن تفاصيل الدعوة أساسًا، ليُسجَّل له لاحقًا "فضل" التدخّل لتعليقها؟ أم أنّ المسألة مجرّد توزيع أدوار محسوب بين التصعيد والاحتواء؟
ثانيًا: كيف يُعقَل لـ"الثنائي" أن يدعو إلى تحرّك جماهيري واسع في ساحة رياض الصلح قبل يومين فقط من الموعد؟ أليست التظاهرات الكبرى تتطلّب تحضيرًا لوجستيًا وتنظيميًا يمتدّ لأسبوع على الأقل، ما يوحي بأنّ الدعوة كانت رسائل ضغط أكثر منها نيّة فعلية بالتحرّك؟
أمّا النقطة التي يجدر التوقّف عندها، وتُشكّل سابقة سياسية ـ نقابية مثيرة للجدل، فهي بروز اسم علي حمدان، مفوض الحكومة في المؤسسة العامة لتشجيع الاستثمارات "إيدال" والمسؤول العمالي في "أمل"، كوجه مزدوج يجمع بين صفته كموظف تابع لرئاسة الحكومة وبين قيادته تحركات احتجاجية ضد قراراتها. هذا التناقض، كشف عن أزمة عميقة في البنية المؤسساتية للدولة اللبنانية، حيث يتولى موظف رسمي موقعًا حكوميًا حسّاسًا في تشجيع الاستثمارات واستقطاب الرساميل وضمان بيئة مستقرّة للمستثمرين، وفي الوقت ذاته يتصدّر الشارع تحت شعار "هيهات منا الذلّة"، داعيًا العمال إلى النزول إلى الساحات في تحرّكات تصادمية قد تُفسَّر كدعوة إلى الفوضى وضرب الاستقرار الاقتصادي والسياسي الذي يُفترض أن يحميه.
في الخلاصة، تتّضح ملامح مرحلة جديدة يعتمد فيها "حزب الله" الشارع كأداة ضغط سياسي. فالدعوة إلى التظاهرة ثم تأجيلها لا تعكس تردّدًا، بل توحي بجسّ نبض الشارع وتحضيره تدريجيًا لمعركة مفتوحة مع الحكومة. تصريح نائب رئيس المجلس السياسي في "الحزب" محمود قماطي، ليس سوى إعلان صريح عن هذا التوجّه، حيث أكّد أنّ "شعبنا سيُشكّل بكل أطيافه تسونامي ليقف بوجه قرار الحكومة، لذا ننصحهم بمراجعة قراراتهم التي سيجرفها التفاف الشعب ويسقط حكومتهم إذا لزم الأمر".
طوني عطية- نداء الوطن
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|