الثنائي الشيعي في مواجهة الثنائي الأميركي
انتظر اللبنانيون بالأمس وصول الثنائي الأميركي السفير توم باراك ومورغان أورتاغوس للإطلاع على رد الحكومة الإسرائيلية ـــــ من ضمن ما سُمي خطوة مقابل خطوة ــــــــــ بعد قرار الحكومة اللبنانية في السابع من آب الجاري المصادقة بالإجماع على الورقة الأميركية لتثبيت اتّفاق وقف «الأعمال العدائية»، بما يشمل حصر السلاح بيد الدولة اللبنانية ، والذي سبقه تكليف الجيش حتى نهاية الشهر وضع خطة لتطبيق حصرية السلاح بيد الجهات المحددة في الإتفاق قبل نهاية العام.
يشكّل قرار الحكومة بداية مسار لتحوّل لا يتوقف عند حدود لبنان ولا عودة عنه، مسار يستجمع عناصره من سلسلة من الإجراءات غير المسبوقة التي تؤكد طيّ حقبة من الزمن بكل رموزها، وبما حملته من إيديولجيات وشعارات ومفردات ومفاهيم تمردت على كل ما سبقها وهيمنت على المشهد اللبناني لأكثر من أربعة عقود. ما يجري ليس المحاولة الأولى لتطبيق القرار 1701 والقرارات المرتبطة به منذ العام 2006، ولكنها المرة الأولى التي تتموضع فيها الدولة اللبنانية في موقع المبادر وليس في موقع المتلقي، وهي المرة الأولى التي يحتوي فيها القرار الدولي العناصر التي أدت إلى الفشل في تطبيقه سابقاً.
غاب نظام دمشق الذي اعتاد إملاء الشروط ووضع العراقيل، وأقصيت طهران عن التدخل في الشأن الداخلي اللبناني، وفقد سلاح المخيمات الخارج عن سيطرة السلطة الفلسطينية وظيفته بعد الإقصاء الذي خضع له غطاؤه الإقليمي. وبصرف النظر عن مواقف الثنائي الشيعي أمل/حزب الله الرافضة لتسليم السلاح، فإن ما رافق الجولة الأولى في مخيم برج البراجنة من تصريحات لا يعدو كونه زوبعة في فنجان. يؤكد الإعلان عن استئناف إستلام السلاح في مخيميّ «البص وبرج البراجنة» في الأيام المقبلة أن الرهان على مواجهات جانبية مع المخيمات لن يؤدي إلى توقف مسألة استلام السلاح دون أن يلغي ذلك إحتمالات حصولها .
وفي سياق موازٍ لا بد من التوقف عند تزامن مواقف الرئيس السوري أحمد الشرع مع زيارة الثنائي باراك أورتاغوس، والتي ربما كان لإدارة ترامب عبر وسطائها اليد الطولى في إنتاجها وصياغتها. هذه المواقف قد أعطت للمشهد اللبناني كما للمشهد المتعلق بالإستقرار الإقليمي في سوريا ولبنان أبعاداً جديدة، بما يستلزم من الثنائي الأميركي ملاءمة وربما تجديد الإجراءات التي رافقت تطبيق اتّفاق وقف إطلاق النار، وربما هذا ما أدى إلى تأجيل إجتماعات الأمس إلى اليوم بالرغم من وصول الثنائي الأميركي إلى بيروت.
مواقف الشرع التي يمكن إدراجها ضمن إعادة التعريف بالدور السوري مع دول الجوار لا يمكن أن تقرأ إلا في سياق الظروف المرتبطة بنجاح اتّفاق وقف إطلاق النار في لبنان، كما لا يمكن إدراجها إلا ضمن الموجبات المطلوبة من سوريا أميركياً لإسقاط كل الذرائع التي تستثمر من قبل حزب الله لتسويق التمسك بسلاحه. في هذا الإطار يأتي الموقف البارز للرئيس الشرع في إعلان «رفضه الإستثمار السوري في الإستقطاب المذهبي والسياسي في لبنان واعتبار ذلك خطأً كبيراً بحق البلدين ولا يجب أن يتكرر»، كما يندرج في سياق تأكيده لإسقاط رواسب المرحلة السابقة والإنتقال إلى مرحلة جديدة إعلانه «التنازل عن الجراح التي سبّبها حزب الله لسوريا ورفض تصنيفه كتهديد وجودي أو مصدر للإستقواء لتصفية الحسابات مع حزب الله».
من جهة أخرى يلاقي إعلان الشرع بــ«إن المفاوضات مع إسرائيل بلغت مرحلة متقدمة، وأن فرص إتمام الإتّفاق مع إسرائيل أكبر من فرص فشله، لكنه ليس سلاماً شاملاً حالياً، وإذا كان السلام يخدم سوريا والإقليم فلن أتردد في توقيعه» ما أكده موقع «أكسيوس» عن مسؤولين أميركيين «محاولة إدارة ترامب الدفع نحو تطبيق ترتيبات أمنية جديدة بالتوازي بين إسرائيل ولبنان وبين إسرائيل وسوريا كمرحلة أولى على طريق تطبيع العلاقات مستقبلًا.»
وفيما تصبو الولايات المتحدة الى إنتاج ترتيبات أمنية ئنائية سورية لبنانية مع إسرائيل، وفيما تترقب الحكومة اللبنانية ما سيحمله الثنائي الأميركي للتحقق من جدية إنسحاب إسرائيل بشكل منسق بالتزامن مع خطة الجيش، يقفز حزب الله بإسم الثنائي الشيعي نحو المجهول لمواجهة الثنائي الأميركي.
العميد الركن خالد حماده - اللواء
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|