ماذا يخسر الجنوب اللبناني إذا غادرت "اليونيفيل"؟
يخيم التشدد الأميركي على أجواء مجلس الأمن حيال عدم التجديد أو التمديد لـ"اليونيفيل" المنتشرة في الجنوب اللبناني منذ عام 1978، فيما أصبح محسوما تأجيل جلسة المجلس إلى الأيام الأخيرة من الفترة المتبقية. ويأتي التشدد، في وقت تحتاج فيه المنطقة الحدودية إلى الكثير من الرعاية الأممية، السياسية والأمنية، بالإضافة إلى الخدمات الاجتماعية والاقتصادية التي يوفرها وجود نحو 11 ألف جندي وموظف مدني عاملين مع بعثة "اليونيفيل".
يترك إنهاء عمل "اليونيفيل" في الجنوب، إلى تداعياته الأمنية والسياسية، انعكاسات أخرى اقتصادية واجتماعية، ستصيب المجتمعات المحلية مباشرة ونحو 650 إلى 800 موظف لبناني، يعملون لدى القوة الدولية في مهمات ووظائف مدنية مختلفة.
يعمل نحو 110 موظفين من هؤلاء بصفة مترجمين، في مركز قيادة "اليونيفيل" في الناقورة ولدى الوحدات المنتشرة جنوبا، فيما يعمل الباقون في أقسام المحاسبة والإعلام، والمطابخ الرئيسية والخدمات اللوجيستية والصيانة المدنية.
تصل ميزانية القوة الدولية سنويا إلى نحو نصف مليار دولار، تساهم الولايات المتحدة بنحو 27% منها، وتغطي كلفة الرواتب والأجور لـ 10 آلاف جندي وضابط من 46 دولة تشارك في مهماتها، بالإضافة إلى كلفة الموظفين المدنيين والخدمات اللوجيستية لعمل البعثة، وموازنات مشاريع الدعم الاقتصادي التي تقدمها "اليونيفيل" للمجتمعات المحلية.
يعدّ خروج "اليونيفيل" من المعادلة الاقتصادية في الجنوب، إذا ما حصل، ضربة موجعة للاستقرار الاجتماعي الذي ساعد وجود القوة في إرسائه منذ تأسيسها عام 1978. فبالإضافة إلى خسارة الرواتب المرتفعة نسبيا التي يتلقاها اللبنانيون العاملون معها، بالدولار النقدي، سيخسر المئات من أصحاب الأراضي المؤجرة من القوة الدولية عائدات سنوية معتبرة.
وقد تتمدد الخسائر لتصيب القطاع السياحي جنوبي الليطاني بغالبيته، وفي مدينة صور وشواطئها ومنتجعاتها التي تؤمها عائلات ضباط "اليونيفيل" وعناصرها من الخارج لقضاء العطل والأعياد مع أبنائهم.
وفيما سيكون القطاع المطعمي في المنطقة من أبرز الخاسرين، ستفتقد الأسواق الجنوبية أيضا حركة تبضع عسكريي القوة الدولية في متاجرها، وسيخسر صرافو العملات وشركات تحويل الأموال زبائن اعتادوهم لعقود.
وربما سيكون أهالي منطقة جنوبي الليطاني أكبر الخاسرين للخدمات الإنسانية والاقتصادية التي لطالما قدمتها "اليونيفيل"، وقدمت معها المساعدات الطبية والبيطرية وطب الأسنان، وحفر الآبار الإرتوازية، بالإضافة الى البرامج التنموية والتعليمية.
نائب رئيس بلدية صور علوان شرف الدين يؤكد أهمية وجود "اليونيفيل" جنوبا لاعتبارات عدة، "أولها أن عددا كبيرا من المدنيين يعملون في مراكزهم وخصوصا في مركزي الناقورة وشمع، عدا عن مساهماتهم الإنمائية التي يفيد منها السكان المحليون والقرى المجاورة، والأهم أن مجرد وجودهم قوة حفظ السلام يعطي المواطنين الطمأنينة".
ويشير شرف الدين إلى أن جنود "اليونيفيل" كانوا حتى فترة قبل الحرب الإسرائيلية "يتجولون في الأسواق للتبضع، بما يسهم في إنعاش الحركة التجارية في المناطق التي هم فيها، وخصوصا في الناقورة. إلا أنهم منذ بداية الحرب توقفوا عن التجول"، مشيرا الى أن "شركة لبنانية تتولى تأمين التموين لهم، وقد فازت أخيرا بمناقصة أجريت في الخارج".
وهل يتأثر اقتصاد الجنوب سلبا في حال عدم التجديد؟ يجيب بأن "التأثر سيكون جزئيا، فحياة الجنوبيين ليست قائمة على ما تضخه "اليونيفيل" في الاقتصاد". وفي المقابل، يخشى شرف الدين "خسارة الكثير من المدنيين وظائفهم، فهؤلاء يقبضون بالعملة الصعبة، وحتما سيتأثرون سلبا".
ليس خافيا أن المنتجعات البحرية والمطاعم في صور والناقورة تعتمد كثيرا على عناصر القوة الدولية الذين يرتادونها في أوقات فراغهم. ولعل Turquoise هو من أبرز المنتجعات الجنوبية التي يقصدها جنود "اليونيفيل" للاستجمام بموجب عقد موقّع نظاميا.
في هذا السياق يوضح مدير المنتجع بلال جزيني أنه "قبل عامين تقريبا اتخذت قوة الأمم المتحدة الموقتة في لبنان قرارا بعدم السماح لجنودها بالوجود خارج مقارهم لأسباب أمنية. وقبل تلك الفترة كانت المؤسسات السياحية تعتمد عليهم في شكل كبير، نظرا إلى وجود عقود سنوية معهم بغية الاستجمام". ويشير إلى أن "منطقة صور منتعشة جدا عقاريا، إذ إن الموظفين الإداريين عمدوا إلى استئجار شقق عادية ومفروشة في مدينة صور والجوار".
والمنفعة في رأيه لا تقتصر على الجنوب، "فالجنود يقومون بجولات سياحية في مناطق لبنانية عدة مثل جبيل والبترون، والتبضع من أسواقها. عدا عن أن العقود التي يوقعونها لتأمين المازوت والمواد التموينية والغذائية هي من مصانع وشركات موجودة في المناطق كافة، وآخرها كانت مناقصة لشراء مواد تنظيف وأكياس ومعلبات، بقيمة نحو 6 ملايين يورو رست على شركة في بيروت.
ويلفت إلى أن "الدورة الاقتصادية التي تساهم فيها "اليونيفيل" كاملة متكاملة، فكل حاجاتها وأشغالها تؤمنها من لبنان، وكل ميزانياتها تصرفها فيه، عدا عن الخدمات الاجتماعية للبلديات والسكان المحليين".
النهار - سلوى بعلبكيّ
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|