المنطقة العازلة في الجنوب تثير المخاوف..وتسليم السلاح الفلسطيني يثير الانقسام
قبل عشرة أيام من الجلسة المفصلية لمجلس الوزراء التي يفترض أن تتسلم خلالها خطة الجيش لحصر السلاح، وعشية جلسة مجلس الأمن للتجديد لليونيفيل، يدخل لبنان مرحلة شديدة الحساسية تتداخل فيها الملفات الأمنية والدبلوماسية على نحو غير مسبوق.
أولى المؤشرات برزت مع انطلاق عملية تسليم السلاح الفلسطيني في المخيمات، بدءًا من برج البراجنة، في خطوة وُصفت بالمفصلية وأثارت موجات ترحيب واسعة في الأوساط السياسية والشعبية. غير أنّ هذه الخطوة لم تمرّ بهدوء، إذ واجهتها أصوات معارضة من أطراف ترى فيها مسًّا بـ”سلاح المقاومة”. وفي هذا الإطار، رفع المفتي الجعفري الشيخ أحمد قبلان سقف خطابه، واصفًا العملية بـ”الفضيحة المدوية”، ومتهمًا الدولة بالتواطؤ، في إشارة واضحة إلى دفاعه الصريح عن سلاح حزب الله.
محاولات التهدئة ولقاءات كسر الجليد
في المقابل، تستمر مساعي التهدئة من جانب الرؤساء والمسؤولين لطمأنة “الثنائي الشيعي” وتخفيف حدة التوتر، لكن اللقاءات التي عُقدت في الساعات الماضية، ولا سيما بين مستشار رئيس الجمهورية العميد أندريه رحال ورئيس كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب محمد رعد، لم تبدّل في المشهد كثيرًا، إذ لا تزال الحملات السياسية قائمة ضد الحكومة ورئيسها، رغم خفوت حدتها تجاه رئيس الجمهورية.
اليونيفيل في مهب التجاذبات الدولية
دوليًا، يترقب لبنان مسار جلسة مجلس الأمن التي كانت مقررة الاثنين لتمديد مهمة اليونيفيل، قبل أن تتسرب معلومات عن إرجائها إلى 27 أو حتى 29 آب، في مؤشر إلى استمرار الخلافات بين القوى الكبرى حول صيغة القرار وطبيعة مهام القوات الدولية في الجنوب. هذا الغموض يتقاطع مع التحرك الأميركي الذي يقوده الموفدان توم براك ومورغان أورتيغوس، الساعيان إلى تثبيت هدنة مؤقتة بين لبنان وإسرائيل، تشمل وقف الاغتيالات والغارات والانسحاب من إحدى النقاط الخمس المحتلة.
خطة أميركية ومنطقة اقتصادية عازلة؟
لكن المعلومات المتضاربة حول الرد الإسرائيلي تزيد الغموض. فبينما اثارت تقاريرا مخاوف لبنانية بعد ورود معلومات عن مقترحات براك بشأن طرح إنشاء منطقة اقتصادية عازلة خالية من السكان على الشريط الحدودي بجنوب لبنان، نفت مصادر رسمية لبنانية تلقي أي عرض رسمي بهذا الشأن. في المقابل، كشف موقع “أكسيوس” عن طلب أميركي لإسرائيل بتقليص ضرباتها بعد قرار نزع سلاح حزب الله، في إطار خطة لتثبيت الاستقرار جنوبًا.
وكانت مصادر اعلامية لبنانية تحدثت ان “ما وافق عليه الجانب الاسرائيلي “مبدئيًا” هو وقف تدريجي للغارات والاغتيالات اضافة الى الانسحاب التدريجي من بعض النقاط المحتلة والانتهاء من ملف الاسرى، لكن الإسرائيلي طلب ان يكون الشريط الحدودي من القرى المدمرة غير آهل بالسكان على ان تكون المنطقة اقتصادية بمعنى إنشاء معامل ومصانع تابعة للدولة اللبنانية، وتكون فاصلة بين القرى اللبنانية المأهولة والجانب الاسرائيلي، بمعنى اخر ان تكون المنطقة العازلة صناعية وخالية من السكان”.
غارات إسرائيلية واستمرار التصعيد الميداني
أما ميدانيًا، فقد واصلت إسرائيل خرقها للأرض اللبنانية، إذ شنّت اسرائيل هجوما بصاروخي ارض-ارض على بلدة دير كيفا في قضاء صور، استهدفت غرفة مهجورة قرب المقبرة، فيما تحدثت إذاعة الجيش الإسرائيلي عن “مستودع أسلحة لحزب الله”. وفي تطور لاحق، أفيد عن غارة على بلدة تفاحتا في قضاء صيدا، ما يعكس استمرار التصعيد الميداني رغم الاتصالات الدبلوماسية.
وفي الختام، يظهر بوضوح أن لبنان يقف أمام مثلث ضغط معقّد: ملف نزع السلاح الفلسطيني كخطوة رمزية تمهيدية، الصراع الداخلي على سلاح حزب الله، واستحقاق التمديد لليونيفيل بما يحمله من تجاذبات دولية. هذا الترابط يجعل أي خلل في إحدى الزوايا انعكاسًا مباشرًا على الأخرى. فإذا فشلت الحكومة في طمأنة الداخل، وتعثرت المفاوضات حول الجنوب، فإن احتمال الانزلاق إلى تصعيد ميداني واسع يصبح واقعيًا، خاصة في ظل استمرار الغارات الإسرائيلية وطرح مشاريع المناطق العازلة الاقتصادية. في المحصلة، يقف لبنان أمام اختبار مصيري: إما تثبيت مسار الدولة وحصرية السلاح، أو الانزلاق إلى فوضى إقليمية مفتوحة.
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|