الراعي يرفع الصوت... الوطن لا ينهض بالوعود بل بالأفعال

ترأس البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، قداس الأحد الثاني عشر من زمن العنصرة في كنيسة الصرح البطريركي في الديمان، يعاونه المطرانان جوزيف النفاع والياس نصار، والمونسينيور فيكتور كيروز، والقيم البطريركي الخوري طوني الآغا، والخوري بطرس عرب، والأب هادي ضو، في حضور حشد من المؤمنين.

وبعد تلاوة الإنجيل المقدس، ألقى البطريرك عظة بعنوان: "يا ابن داود، إرحمني: إبنتي بها شيطان يعذّبها جدًّا" (متى 15:22)، استوحاها من قصة المرأة الكنعانية التي واجهت محنًا عدة لتثبت إيمانها بيسوع.

وأوضح أنّ المسيح، رغم تجاهله لها في البداية وإطلاق عبارات قاسية بحقها، امتدح في النهاية إيمانها المثابر، فاستجابت رحمة الله لابنتها. واعتبر الراعي أنّ هذه القصة الإنجيليّة تعلن أنّ "رحمة الله لا تحدّها حدود قوميّة أو عرقيّة، بل تشمل كل من يأتي بقلب منسحق ورجاء صادق".

وأضاف: "الإيمان الذي جسّدته المرأة الكنعانية قائم على الثقة بيسوع، وعلى المثابرة رغم الامتحانات الثلاثة. هو درس لاهوتي عميق يبيّن أنّ الضعف الظاهر قد يتحول إلى قوة إيمان ورجاء حيّ، وأن المسيحي مدعوّ للثبات في المحبة والرجاء، وللقاء حقيقي مع المسيح في سرّ الإفخارستيا".

وفي بُعد وطني، دعا الراعي المسؤولين والسياسيين في لبنان إلى استلهام هذا الإيمان في سلوكهم العام، قائلاً: "الوطن لا يُبنى بالصراعات بل بالثقة، لا ينهض بالوعود بل بالأفعال، ولا يحيا بالشعارات بل بالعدل والحق".

وطالبهم بتخطي المصالح الشخصية والانقسامات، والعمل من أجل وحدة وطنية حقيقية، والتمسك بالسيادة الكاملة، والكرامة الوطنية، والاهتمام بالملفات الاقتصادية والاجتماعية التي تقي اللبنانيين من الهجرة ومن بيع أراضيهم.

كما شدد على ضرورة "الإصغاء إلى صرخة الشعب المقهور، ووضع اليد بيد الآخرين لإقامة دولة السيادة والعدالة والقانون".

واعتبر أن لبنان لا يمكن أن ينهض من أزماته إلا باستعادة قيم الإيمان والرجاء، وبالتلاقي حول مشروع وطني جامع يضع مصلحة الشعب فوق أي اعتبارات ضيقة.

وختم الراعي عظته بالصلاة كي يمنح الله اللبنانيين "نعمة الإيمان المثابر، والرجاء المتجدد، وتنقية الذاكرة من جراح الماضي والحاضر"، داعيًا إلى رفع المجد والشكر للثالوث القدوس. وبعد القداس، استقبل البطريرك المشاركين في الذبيحة الإلهية.