هل سلك لبنان طريق الخروج من لائحة فاتف الرمادية؟!

لبنان أُدرج رسميًا على اللائحة الرمادية (Grey List) التي تصدرها مجموعة العمل المالي (FATF) في 25 تشرين الأول 2024، خلال الدورة العادية للمجموعة، حيث تمّت إضافة لبنان إلى القائمة مع دول أخرى مثل الجزائر وأنغولا وساحل العاج، وذلك نتيجة لعدم قدرته على مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب، وبعدما أعطيت له فترة سماح للقيام بالإصلاحات لكنه لم يفعل.

من جهته، حاكم جديد لمصرف لبنان كريم سعيد، ومنذ تعيينه يتحرك على اكثر من مستوى من اجل مكافحة تبييض الاموال منها: العمل على إعادة هيكلة القطاع المصرفي، إعادة أموال المودعين خصوصًا أصحاب الحسابات الصغيرة، تشجيع المصارف الخاصة على ضخ رأس مال جديد أو الاندماج، التحرك نحو شفافية أفضل، وابعاد المصرف المركزي عن أي تدخل سياسي. هذا الى جانب ابرام اتفاقية تعاون مع شركة K2 Integrity الأميركية، متخصصة عالميًا في إدارة المخاطر، والامتثال المالي، والتحقيقات المالية، واصدار تعميم يمنع المصارف والمؤسسات المالية المرخّصة من التعامل مباشرة أو غير مباشرة مع جمعية "القرض الحسن".

والى جانب الخطوات والاجراءات التي اتخذها مصرف لبنان، ايضا لا يمكن غض النظر عن القرارات الحكومية لا سيما تلك المتعلقة بحصر السلاح والتي لاقت ترحيبا دوليا وتحديدا اميركيا...

فهل اقترب لبنان من الخروج من اللائحة الرمادية او اقله عدم الانتقال الى اللائحة السوداء؟!

يرى الخبير الاقتصادي البروفيسور جاسم عجاقة ان الشرط الاساسي للخروج من اللائحة الرمادية يكمن في وقف التعامل بـ"الكاش" الذي يثير الشبهات.

ويوضّح عجاقة ان "الكاش" يعني بالدرجة الاولى التهرب الضريبي لان امكانية عدم تسجيل المعاملات متاح، وبالتالي قد يكون مصدرا لاموال غير نظيفة.

وفي هذا السياق ينوه عجاقة بإقرار مجلس النواب قانون إعادة هيكلة قطاع المصارف وإعادة تنظيمها، لكن تنفيذ القانون مرتبط بإقرار مشروع قانون "الفجوة المالية"، مشيرا الى ان وزير المال ياسين جابر اعلن ان الحكومة ستقره في ايلول المقبل، وبالتالي من المرجح ان يصادق عليه مجلس النواب في تشرين الاول المقبل.

وبالتالي، يتابع عجاقة: اذا سارت الامور وفق ما هو مرجح، الى جانب اجراءات k2 Integrity ، فان الخروج من اللائحة الرمادية - او على اقل تقدير عدم الانتقال الى اللائحة السوداء- يصبح سهلا وذلك بالنظر الى الاجراءات الفعلية التي بدأت تتخذ. ولكن من الآن ولغاية الخريف المقبل يجب التأكد من اقفال القرض الحسن، توقيف الجمعيات الوهمية، وايضا تجارة الذهب التي تحصل احيانا باموال مجهولة المصدر.

وهنا يكرر عجاقة ان المرض الاساسي الذي يصيب لبنان هو الكاش، واذا لم يعالج بشكل فعلي فعبثا نحاول تحسين وضعنا المالي، مشددا على ان ابرز العلاجات في هذا المجال هي قطاع مصرفي فاعل وضمانات وعودة الثقة اليه.