بعد زلزال كامتشاتكا... تحذير من هزّات عنيفة جدّاً قد تضرب هذه المناطق
"الحشد الشعبي" يتأرجح بين "مطرقة طهران" و "سندان واشنطن"
يشهد العراق في الوقت الراهن منازلة سياسية عنوانها "قانون الحشد الشعبي" الذي أحدث انقسامًا عموديًا حادًا بين النوّاب العراقيين. ففيما تجهد القوى الشيعية التي تدور في "الفلك الإيراني" إلى إقرار قانون في مجلس النوّاب ينظم عمل "هيئة الحشد الشعبي"، ما يضمن مستقبلها وموقعها ضمن المنظومة الأمنية للدولة العراقية ويمنحها مزيدًا من الحوافز الماديّة والمعنويّة، تقف قوى برلمانية أخرى بالمرصاد لتمرير القانون، وهي قوى سنية وكردية في معظمها ترى في إقراره تشريعًا رسميًا لعملها، وتعزيزًا لأذرع طهران وأدواتها السياسية والأمنية والمذهبية في بلاد الرافدين.
الكباش العراقي الداخلي المحتدم الذي انتهى إلى الآن بتأخير إدراج مشروع القانون على طاولة التصويت البرلمانية، لا يخلو من الضغوطات الخارجية. فـ "الحشد الشعبي" وبغداد يتأرجحان بين "مطرقة طهران" التي تعتبر جارتها بغداد "حديقتها الخلفية" وامتدادًا سياسيًا وأيديولوجيًا طبيعيًا لها، وبين "سندان واشنطن" التي استثمرت الكثير في العراق، وتكبّدت خسائر عسكرية كبيرة منذ إطاحتها نظام صدام حسين عام 2003، وهي لا تريد ترك بلاد الرافدين "فريسة سهلة" في "الحضن الإيراني"، خصوصًا في ظلّ التبدّلات الجذرية التي شهدتها وتشهدها المنطقة بعد أحداث 7 أكتوبر، والتي تساقطت فيها أذرع نظام الملالي كـ "أحجار الدومينو" الواحد تلو الآخر.
فواشنطن تسعى إذًا إلى إبقاء بغداد في فلكها السياسي والاستراتيجي، وتجد نفسها بغنى عن إقرار قانون في البرلمان العراقي يعزز ويشرعن وجود "الحشد الشعبي" ضمن القوات المسلّحة العراقية الرسمية، وهي تتوجّس من استنساخ تجربة "الحرس الثوري" الإيراني، وتحوُّل "الحشد الشعبي" إلى "حرس ثوري" عراقي. وفي هذا الإطار يندرج موقف للخارجية الأميركية ربطت فيه دعمها الأمني للعراق بمسار تشريعي محدّد، رافضةً صراحة "قانون الحشد الشعبي"، ومعتبرةً أن من شأنه تحويل العراق إلى دولة تابعة لإيران.
في المقابل، طهران يلائمها تعزيز حضور "الحشد" في الجسم العسكري الرسمي العراقي، وهي الخارجة من حرب إسرائيلية - أميركية ضروس أنهكت قواها العسكرية وقدراتها النووية، وأرجعت برنامجها الذرّي سنوات إلى الوراء. وفي هذا السياق، صبّت تصريحات المتحدّث باسم القوات المسلحة الإيرانية العميد أبو الفضل شكارجي، الذي جاهر بتصميم بلاده على ترسيخ "الحشد الشعبي" كركيزة في "جبهة المقاومة" العابرة للحدود، معتبرًا أن هذا التشكيل إلى جانب "حزب اللّه" في لبنان و "حماس" في غزة والحوثيين في اليمن، بات اليوم أكثر تنسيقًا وتماسكًا مِمّا كان عليه في سنوات خلت، وهي تصريحات تحمل دلالات لا لبس فيها على وحدة المشروع الإيراني السياسي والأمني الذي تغذّيه الجمهورية الإسلامية ويمتدّ من بغداد إلى بيروت.
وفي الانتظار، وبينما يتخوّف بعض المراقبين المتوجّسين من إقرار قانوني "هيكلية الحشد الشعبي" و "الخدمة والتقاعد للحشد" في البرلمان العراقي، يرى آخرون أنّ القانونين يعزّزان انضباط هذه المنظومة ويساهمان في تعزيز بسط سيطرة القائد العام للقوات المسلّحة عليها نظرًا لارتباطها المباشر به، وأضحيا جاهزين للتصويت، بيد أن بعض الكتل أعلنت مقاطعتها جلسات التصويت، وقد ألغت رئاسة البرلمان جلسة الأسبوع الماضي بسبب خلافات حادة نشبت بين رئيس البرلمان محمود المشهداني ونائبه الأوّل محسن المندلاوي، وتطوّرت إلى مشادة كلامية وشجار بين النواب، لينتهي الأمر بتطيير الجلسة.
ويبقى أن بلاد الرافدين تقف اليوم على فوهة بركان سياسي، فـ "الحشد الشعبي" المؤلّف من عشرات الفصائل التي تضمّ عشرات آلاف المقاتلين، تحوّل من تشكيل عسكري أمني وُلد في لحظة حساسة ومصيرية بمباركة أميركية ضمنية لوضع حدّ لتمدّد تنظيم "الدولة الإسلامية"، إلى ملف إقليمي متفجّر، تتداخل فيه الهواجس المحلّية والدستورية والسيادية بالمصالح الإقليمية والدولية المتشابكة.
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|