الصحافة

ماذا بعد قرار الحكومة؟ وما مصير اليونيفيل؟... هذا ما كشفه رجّي

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

نحن اليوم في 8 آب، أي بداية الشهر السابع لولادة حكومة عهد الرئيس جوزاف عون الأولى برئاسة الرئيس نواف سلام، كأننا في بداية مسار يعيدنا إلى أكثر من سبعة عقود تقلّبت أحوال لبنان من دولة نالت موقعها المعترف بها دوليًا عام 1943 إلى دولة تكافح عام 2025 كي تستعيد لقبها كدولة من خلال استعادتها حقها في احتكار السلاح من دون أي شريك.

عندما جلست "نداء الوطن" إلى وزير الخارجية والمغتربين يوسف رجي كان السؤال الأول دوره في قرار حصر السلاح في جلسة الثلثاء الفائت فاكتفى بالقول: "قلّ انني صاحب واحد في المئة منه". لكن مسار ولادة القرار خلال عمر الحكومة الحالية منذ الشهور الأولى وحتى الثلاثاء الماضي يقول شيء آخر. وخلال الجلسة مع رجّي قال: "كنت أتطلع إلى قرار يحمل عبارة "تسليم السلاح" بدلًا من "حصرية السلاح". كما كنت أتطلع إلى قرار ينص صراحة على تسليم سلاح القوى التي لا يحق لها حمله بمن فيهم "حزب الله". لكن الرأي ذهب إلى تسمية "الحصرية" وتعداد القوى التي يحق لها حمل السلاح كما أعلن الرئيس سلام وهي قوى تبدأ بالقوى المسلحة الشرعية وفي مقدمها الجيش وصولًا إلى الحرس البلدي. فيكون الاستنتاج أن "حزب الله" خارج هذه اللائحة".

فهم العالم فور صدور قرار مجلس الوزراء بحصر السلاح، وفي مقدمهم "حزب الله" أن الأخير هو المقصود بالقرار. حاول رئيس الحكومة التخفيف من وطأته شكلًا مع الاحتفاظ بمفعوله ضمنًا. ولكن القرار كان "تاريخيًا وحاسمًا ونهائيًا ولا عودة بعده إلى الوراء" وفق تعبير رجّي نفسه.

سيروي محضر جلسة الحكومة عندما سيتم السماح بنشره أن ولادة قرار له صفة تاريخية كان أشبه بالولادة القيصرية التي هي عادة تحصل في الشهر السابع، كما حال عمر الحكومة الذي يبدأ اليوم شهرها السابع. وإذا كان رئيس الحكومة كافح من أجل ولادة القرار ولكن بصورة تلطف من وقعه، طرح رئيس الجمهورية أن لا يقترن القرار بتحديد مهلة زمنية والتي هي نهاية العام الجاري، بل تكون مهلة مفتوحة. ويقول رجي: "لم نقبل بإبقاء المهلة مفتوحة والتي قد تعني أعوامًا ما يجعل القرار بعيدًا من التنفيذ".

وزراء الشيعة
لم تفت وزير الخارجية الإشارة إلى المستوى الراقي الذي لفّ مناقشات جلسة قرار حصر السلاح في ما يتعلق بأداء الوزراء الشيعة الذين شاركوا فيها. نحن نتحدث هنا عن الوزراء تمارا الزين وركان ناصر الدين وفادي مكي. وعندما طلبت الزين كما طلب ناصر الدين إرجاء البت بالقرار إلى حين رجوع الوزيرين ياسين جابر ومحمد حيدر من السفر، لم يلق طلبهما الاستجابة. وعندما وقف ناصر الدين منفعلًا بسبب عدم الموافقة على طلب التأجيل عاد هو بنفسه ليؤكد أن انفعاله لا يعني قطيعة مع الحكومة. ويقول رجي: "كان لا بد من المضي قدمًا في إقرار قرار حصر السلاح وعدم الدخول في متاهة التأجيل وفق مبررات لا تبدو أقوى من مبرر صدور القرار". ويضيف: "عندما تحدد موعد جلسة الثلاثاء كنت خارج لبنان كي أمضي وقتًا مع أولادي خارج لبنان والذين كنت منقطعًا عنهم طوال ستة أشهر. لكن، بعد تحديد موعد الجلسة قطعت الإجازة وعدت إلى بيروت".

ماذا بعد قرار الحكومة؟ يجيب وزير الخارجية أنه لا بد من تتبع مسار القرار حتى إنفاذه في نهاية العام الحالي. وقد أعطيت مهلة لقيادة الجيش كي تعد خطة التنفيذ وترفعها إلى مجلس الوزراء في مهلة تفصلنا عن نهاية الشهر الجاري. علمًا أن مجلس الوزراء سيغيب عن الجلسات على مدى أسبوعين خلال هذا الشهر لارتباط أعضائه بمواعيد سفر. وكشف رجي عن حجم الضغوط الدولية التي سبقت ولادة القرار ولا سيما من الجانبين الأميركي والفرنسي إضافة إلى الخطر الوشيك من إسرائيل الذي كان يلوح. أما بعد هذا القرار، وكما وعدت الولايات المتحدة الأميركية، يتطلع لبنان للحصول على مساعدات للجيش للشروع في تنفيذ قرار حصر السلاح في كل لبنان.

العلاقات بين رئيس الجمهورية ووزير الخارجية
يفوت كثيرين مدى العلاقة بين رئيس الجمهورية ووزير الخارجية. تبدو العلاقة بين الرجلين وكأنها تعكس تباعدًا بين رؤيتين: رؤية الرئيس عون الذي حافظ حتى جلسة الحكومة الثلاثاء الماضي على مبدأ عدم قطع شعرة معاوية مع المكوّن الشيعي وتحديدًا "حزب الله". ورؤية الوزير رجي التي تقوم على أن مبدأ تسليم السلاح غير الشرعي يتفوق على كل ما عداه أيا كانت نتائج هذه الرؤية. لكن ظاهر الأمور في العلاقات بين الرئيس والوزير هو غير مضمونها. والدليل هو تكرار انضمام رجي إلى عون في كل أسفاره الخارجية وآخرها زيارة رئيس الجمهورية إلى الجزائر. كما سيكونان معًا في رحلة نيويورك الشهر المقبل. ومنحت هذه الزيارات فرصة لـ "تمتين العلاقات التي هي في الأصل مبنية على تقارب واهتمام أبداه الرئيس عون ولا يزال" كما يؤكد وزير الخارجية. ويضيف: "خلال السفر يمكن تبادل الآراء التي يمكن تبادلها في ظروف أخرى. ويعتبر رئيس الجمهورية أن لكل أمر أوانًا ولا حاجة لاستعجاله"، في إشارة من الأخير إلى مقاربة الرئيس عون لطبيعة علاقته بـ "حزب الله".
ويستدرك وزير الخارجية ليقول إن مرافقة رئيس الجمهورية في أسفاره الخارجية "لا تعني الجانب الشخصي فقط، بل هناك الكثير من العمل الذي يتطلب مني إيلاءه أهمية لجهة الملفات في علاقات لبنان مع الدول التي تتم زيارتها".

الأيديولوجيا والدولة والسلام مع إسرائيل
يستدرج الكلام بين "نداء الوطن" والوزير رجي جانبًا عميقًا في قناعات الأخير وخصوصًا عندما يتكرر الحديث عن "قرار حصر السلاح التاريخي". يقول الوزير: "لا أعير اهتمامًا للأيديولجيا وأؤمن بحرية التعبير . أعتبر أن من حق "حزب الله" أن يؤمن بولاية الفقيه وأن تكون للحزب "القومي" قناعاته. لكن بين حرية الاعتقاد وبين ما له علاقة بكيان الوطن ما لا يمكن الخلط بينهما. لذا، يجب عدم المساس بما له علاقة بالدولة وبما يحقق ظروف الأمن والاستثمار والرخاء والسلام". وكأن رجي أعطى لقرار حصر السلاح كل هذا البعد الفكري.

ويتساءل وزير الخارجية: "يقولون دومًا إن لبنان هو آخر دولة تبرم سلامًا مع إسرائيل. حسنًا، ولكن لماذا يفرض على لبنان هذا التوصيف إذا كانت له مصلحة أبعد من ذلك؟".

بشير الجميل والشيعة
أتاح الحوار فرصة العودة إلى جذور الواقع اللبناني. وميّز رجي في العلاقات بين المكونات اللبنانية وعلاقة المسيحيين بالشيعة: "هذه كانت رؤية بشير الجميل. كان الأخير مؤمنًا بمستقبل العلاقات بين هذين المكونين انطلاقًا من خصوصية رؤية كل منهما إلى مصيره في هذا الكيان".

تطل خصوصية في علاقة وزير الخارجية بالإعلام فتجمعهما أكثر مما تفرقهما. فهو ابن الصحافي إميل رجي الذي مارس المهنة في صحيفة الأوريان في زمن جورج نقاش.

كما كان للصحافة حضور في تكوين وزير الخارجية أكاديميًا عندما أعد أطروحة حول الإعلام الدولي ونال على أساسها درجة خاصة في الإعلام والاتصال السياسي - المعهد الفرنسي للصحافة، جامعة باريس الثانية.

كما كان للمهنة حضور في هذا التكوين عندما مارس رجي المهنة لبعض الوقت في الأوريان لوجور قبل انصرافه إلى سلك الخارجية بدءًا من تسعينات القرن الماضي.

قوس الخارجية أعطيت لباريها
عندما أصبح رجّي وزيرًا للخارجية عرف تمامًا ما هي أولوياته في مكان له خبرة تامة فيه. من هنا أنجزت التشكيلات الدبلوماسية بسرعة قياسية. وهو على يقين لو أن وزيرًا لم يكن ملمًا بأوضاع الوزارة لكان حتى الآن يمضي وقته للتعرّف إلى ملفاتها. ويشير في هذا الصدد إلى الحل الذي يأخذ طريقه حاليًا إلى التنفيذ بما يتصل بتصديق المعاملات ذات الصلة بالوزارة.

لا يكتم الوزير همه بالفراغ الذي تعانيه الوزارة أسوة بأحوال مؤسسات القطاع العام حاليًا. ويقول: "كان من الواجب أن أكون الآن في الطائرة كي ألاحق استحقاق التمديد لـ "اليونيفيل" نهاية الشهر الجاري. لكن ما العمل، وأنا مضطر لملاحقة أوضاع الوزارة كي يستمر العمل فيها".

مصير "اليونيفيل"
وكان السؤال التلقائي: ما مصير التمديد لـ "اليونيفيل"، يجيب رجي: "أصبح واضحًا أن الولايات المتحدة ستتوقف عن تمويل قوات الطوارئ الدولية. كما إنها تريد إحداث تغيير في مهمتها. وفي المقابل، نعمل من خلال فرنسا وبريطانيا إضافة إلى الجزائر أي الدول الأعضاء في مجلس الأمن على حل مسألة تمويل "اليونيفيل" مع الإبقاء على مهمتها كما هي من دون تعديل وهذا ما يريده لبنان".
ويلفت رجي إلى المفارقة التي تلاحق قوات الطوارئ منذ حلولها في لبنان بعد ولادة القرار 1978 ما جعلها تقع بين فريقين يناصبانها العداء هما إسرائيل و"حزب الله". في وقت تبلغ موازنة هذه القوات سنويًا نصف مليار دولار خلقت على مدار الأعوام دورة اقتصادية عادت بالنفع على الجنوب وأهاليه الذين يبدون الود لـ "اليونيفيل" مع التخلي عنها عندما تقع الواقعة بينها وبين "حزب الله".

الصورة وملفات جبران باسيل
رفض رجّي وما زال أن ترفع له صورة إلى جانب أسلافه على جدران المكتب الخارجي. يريد فقط أن تعلق له صورة عندما يغادر الوزارة.
أما عندما يتطرق الحديث إلى ما سبق لسلفه جبران باسيل أن أثاره الأسبوع الماضي في مقابلته مع برنامج "صار الوقت" مع مارسيل غانم من ملفات قد تنبش له في الوزارة فاستغرب رجي ما سمعه وقال إنه في الأصل لا يضع باسيل في باله. ويترك الأمر إلى ما إذا كانت هناك ملفات أو ليست هناك من ملفات موجودة.
ويحرص وزير الخارجية حتى آخر دقيقة من اللقاء معه على القول إن ما قام به هو ما آمن به ولا يزال لجهة أن يعود للدولة ما للدولة لا سيما ما يتعلق بحصرية السلاح.  

أحمد عياش - نداء الوطن

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا