في ذكرى 4 آب... الحجار من فوج الإطفاء: جميعنا بانتظار ظهور الحقيقة (فيديو)
قضية المرفأ في خمس سنوات: رحلة القاضي البيطار
يُقال إن "العدالة المُتأخرة هي كالـ"لا عدالة". تتحول تلقائيًا لشكلٍ من أشكال الظُلم. اليوم، الإثنين الرابع من آب، تدخل قضية تفجير المرفأ عامها الخامس. وبعد تفجير العاصمة بيروت، وقتل أولادها، وتدمير أحياءها، أطلّ وزير الداخلية والبلديات آنذاك، محمد فهمي، وأعطى وعدًا رسميًا بأن التحقيقات بدأت وستُكشف خلال خمسة أيام فقط، وسيُحاسب كل من تسبب بهذه المجزرة. خمس سنوات مرّت، لم تُكشف الحقيقة. وتحول الملف لقضية سياسية قابلة للانفجار في الشارع اللبنانيّ.
حُوّلت هذه التحقيقات لملف قضائيّ ضخم خالٍ من الموقوفين، تُحيط به الكيديات السياسية. وبجانبه، قاضٍ يتمسك بملفه، لكنه يُحارَب في كل مرة يقترب فيها من السياسيين والأمنيين لمساءلتهم.
من صوان إلى البيطار
في العام 2021، تسلّم المحقق العدلي طارق البيطار ملفّه بعد تنحية القاضي فادي صوان الذي حقّق في الملف لستة أشهر فقط. تابع التحقيقات من النقطة التي توقف عندها صوان، وشكل نقطة تحول كبيرة في الملف. ادعى على السياسيين وقرر مواجهة السلطة، وكان القاضي الوحيد الذي تجرأ وطلب ملاحقة مجموعة من السياسيين والأمنيين في لبنان. كُفّت يده عن الملف لأشهر طويلة بسبب دعاوى الرد والمخاصمة والارتياب المشروع، لكنه أبى ترك القضية. وتوصّل لاجتهاد قانوني يتيح له العودة إلى الملف متجاهلًا كل العراقيل. عاد إلى الملف لتبدأ محاربته من داخل الجسم القضائي، ادعى على أربعة قضاة ومن ضمنهم المدعي العام التمييزي السابق غسان عويدات، الذي ادعى على البيطار بجرم اغتصاب السلطة، وعمد إلى إطلاق سراح كل الموقوفين. ومُنعت النيابة العامة التمييزية من التعاون مع البيطار. فُجر الشارع اللبناني بما عرف بـ"أحداث الطيونة" وجُمدّت التحقيقات مرة أخرى. لكنه قرّر العودة إلى ملفه وتحديد جلسات الاستجواب، إلا أن الحرب الإسرائيليّة حالت دون ذلك.
لم يكن يتوقع يومًا البيطار أن ينقلب عليه القضاء اللبنانيّ. وأن يُتهم فجأة بأنه "اغتصب السلطة"، أي انتحل صفة قاضٍ لأنه قرر فقط توسيع لائحة المدعى عليهم والتحقيق معهم. ولم يكن يتوقع أهالي الضحايا أيضًا، أن تمنعهم السلطة السياسية من تحقيق العدالة لأبنائهم. خمسُ سنوات مرت والأمهات مُتشحات باللون الأسود. مرة، خلال إحدى الوقفات الاحتجاجية أمام قصر عدل بيروت، كانت امرأة تبكي وحيدها الذي عُثر عليه داخل سيارته بعد أيام من انفجار المرفأ، طلبت العدالة له بدموعها، وظلت تُردد بأن روحه لن ترقد بسلام قبل أن يُعاقب من قتله. وهذا حال جميع أهالي الضحايا.
انطلاق الملف
وخلال ولاية المدعي العام التمييزي القاضي جمال الحجار، أعيد التعاون مع البيطار، على الرغم من فشل التسوية التي كان اقترحها الحجار التي تقضي بتجزئة الملف وتوزيعه على مراجع عدة. وفي العام 2025 انطلق ملف المرفأ مرة جديدة، وتزامنت عودته مع تغيرات سياسية في لبنان، وبداية عهد رئيس الجمهورية جوزاف عون، الذي أصرّ على إنهاء هذا الملف باستكمال التحقيقات.
اعتمد البيطار استراتيجية جديدة في التحقيقات؛ استجوب كل المدعى عليهم من دون اتخاذ أي إجراءات قانونيّة. فجأة، مثُل كل المدعى عليهم أمامه، في خطوة تطرح الكثير من علامات الاستفهام. اعترفت الشخصيات السياسية والأمنية والقضائية بشرعيته! واستجوب أكثر من 15 شخصًا، إضافة إلى عشرات الشهود، وقُدمت الأدلة والمستندات أمامه. لكن، تمنّع القاضي عويدات عن حضور جلسة استجوابه، وأيضًا الوزير السابق والنائب الحالي غازي زعيتر.
أنهى البيطار مرحلة الاستجواب، وسيستمع لمجموعة من الشهود خلال الأسابيع المقبلة، وسينتظر الرد الرسمي على ست استنابات كان قد حولّها للخارج، وبعدها سيختم تحقيقاته ويحول الملف للنيابة العامة التمييزية.
وحسب معلومات "المدن"، من المتوقع أن تشارك مجموعة من القضاة في هذه المطالعة. أما الخطوة الأخيرة ستكون للبيطار حيث سيطلب من المدعى عليهم الحضور أمامه، لتبليغهم بالإجراء القانوني الذي اتخذه بحقهم. وهنا من المتوقع أن يسطر مذكرات توقيف وجاهية أو غيابية إضافة إلى إجراءات أخرى، ويحول ملفه للمجلس العدلي.
متى سيصدر القرار الاتهامي؟
بامكان البيطار ختم تحقيقاته خلال هذه الفترة خصوصًا أنه وصل إلى المرحلة الأخيرة من الملف. لكن، حسب معلومات "المدن"، قد يصدر القرار الاتهامي خلال شهر كانون الأول العام 2025، أو في بداية العام 2026.
ما العراقيل التي تحيط بالملف؟
على الرغم من تحرك الملف بوتيرة سريعة، توحي بأن السلطة السياسية اتخذت قرارًا بتحقيق العدالة أخيرًا.. إلا أنه في الواقع، الأمر مختلف. إذ من الممكن أن تجمد المحاكمة فور وصول الملف إلى المجلس العدلي، إذا لم يبت القضاء اللبناني بالدعاوى المرفوعة ضد البيطار. فهو يواجه الأخير أكثر من 42 دعوى رد ومخاصمة وارتياب مشروع، إضافة لدعوى "اغتصاب السلطة"، والبت بهذه الدعاوى خطوة أساسية لتحقيق العدالة. ولم يعرف بعد الأسباب التي تمنع القضاء من البت بهذه الدعاوى. وإذا استمرت هذه الحالة، سيكون هذا الأمر "ثغرة" قانونية أو "فخٍِ" يستغله كل المدعى عليهم بعد وصول الملف للمجلس العدلي، فتتوقف المحاكمة. ولا تنفذ أي إجراءات قانونية.
فهل سُتحقق عدالة المرفأ قبل الذكرى السنوية السادسة؟
فرح منصور - المدن
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|