تقسيم جديد يُنهي "سايكس - بيكو" ويسهّل الفرز التأسيسي لإعلان "الخلافة"؟...
لا شيء جامداً أو أبدياً في السياسة، ولا في الحروب، والصراعات، ورسم الخرائط. وها هي اتفاقية "سايكس - بيكو" المرفوضة أصلاً من أكثر من مكوّن إقليمي، منذ أكثر من 100 عام، تتوغّل يومياً ضمن مستقبل مجهول، بين أطراف شرق أوسطية تريد إسقاطها منذ زمن بعيد، انتقاماً من غرب قسّم السلطنة العثمانية، وأنهى الخلافة الإسلامية بواسطتها (اتفاقية سايكس - بيكو)، وبين أخرى شرق أوسطية - غربية - عالمية، تريد إسقاطها أيضاً اليوم، في معرض رسم جغرافيا جديدة لواقع جديد، أفرزته المتغيّرات العالمية الجديدة.
وهنا، نصبح أمام تلاقي مصالح بين كل الأطراف، حتى المتقاتِلَة بين بعضها البعض. مصالح مختلفة المنابع والأهداف، وذات نتيجة واحدة، هي تغيير الجغرافيا، أي إنهاء زمن "سايكس - بيكو".
مرحلة هدوء؟
وأمام هذا الواقع، ماذا عن بلدان مثل إيران، وعن جماعات وفصائل مسلّحة خسرت الكثير من قدراتها العسكرية، و(خسرت) صبغة المقاومة؟ وماذا عن تنظيمات جهادية باتت مُجبَرَة على التسليم بالضّعف العسكري الذي أصاب فكرة المقاومة؟ وماذا عن جماعات "الأخوان المسلمين"، وعن مشروع استعادة الخلافة الإسلامية، وإعلانها من جديد، في زمن سَحْب البساط من تحت أقدام كل العناصر المُقاتِلَة والجهادية في الشرق الأوسط؟
قد يكون هناك أكثر من مجال لاتفاقات متعددة في هذا المجال، بين مختلف أشكال وأنواع المكونات الطائفية والمذهبية والإيديولوجية والسياسية، شرقاً وغرباً، كأن تُستبدَل فكرة المقاومة التي ضَعُفَت عسكرياً أصلاً، بمرحلة من هدوء شرق أوسطي الآن، سيُفسح المجال ليس فقط لتعافٍ عسكري يجدّد الحروب بمدى زمني أبْعَد، بل لإرساء تقسيمات جغرافية إقليمية جديدة أيضاً، تنهي زمن "سايكس - بيكو" تدريجياً، وتفرز المكونات الديموغرافية الشرق أوسطية طائفياً ومذهبياً بشكل أوضح، يقدم الصورة التأسيسية الأكثر دقّة لمرحلة إعلان الخلافة من جديد مستقبلاً.
لبنان...
أوضح الكاتب والمحلّل السياسي والخبير في شؤون الحركات الإسلامية أحمد الأيوبي أن "لا شيء اسمه خلافة لدى الإيرانيين وجماعاتهم، بل لديهم نظام ولاية الفقيه. وهم عندما أسّسوا دولة ونظام سلطة قبل النظام الإيراني الحالي، عملوا نظام الشاه، وليس لديهم مصطلح الخلافة الذي لا يستعمله الشيعة إجمالاً. فالخلافة كنظام سياسي هي لدى السُنَّة فقط".
ورأى في حديث لوكالة "أخبار اليوم" أن "من حيث المبدأ، لدى إيران وجماعاتها مصلحة بالفوضى في سوريا والعراق ولبنان، لأنها تمكّنهم من أن يُعيدوا مدّ الجسر الخاص بهم من الأراضي الإيرانية وصولاً الى لبنان. وأما بالنسبة الى فكرة التقسيم، فليس معلوماً ما إذا كانوا قادرين على أن يكونوا جزءاً حقيقياً ومؤثّراً فيه. فهنا يبرز دور الولايات المتحدة الأميركية. وبالتالي، يصبح السؤال، هل يريد الأميركي سوريا دولة موحّدة أم لا؟ وفي أي حال، لبنان آخر من يتأثر بالتقسيم، لأن الدول الكبرى هي التي تكون قابلة لذلك أكثر من الصغرى".
إيران و"الحزب"
وأشار الأيوبي الى أن "إيران لا تُحسن اللّعب سوى بلعبة الأقليات في جميع الأحوال. وما تفعله هو التخويف من الأغلبية السُنيّة في سوريا. فالجماعات التابِعَة لها تركّز على الأحداث التي نتجت عن الموالين للحكومة السورية، ولكنها لا تذكر ما ارتكبه أتباع الشيخ الهجري مثلاً، من جرائم ومجازر في السويداء، ولا ما ارتكبته فلول بشار الأسد من أعمال أدّت الى مقتل آلاف المدنيين والعسكريين".
وأضاف:"الواقع الحالي يُظهر أن إيران و"حزب الله" يحاولان شراء الوقت بانتظار متغيرات معينة، مثل سقوط حكم أحمد الشرع في سوريا، أو اكتساب مدة زمنية ريثما تنتهي ولاية ترامب في الولايات المتحدة الأميركية، ويراهنان على احتمالات مختلفة الآن. ولكن بالموضوع الاستراتيجي، يبدو أنهما غير قادرَيْن على اللّعب بالحدود. فبالنسبة الى "الحزب"، رأينا كيف اضطر الى أن يستعين بالجيش اللبناني عندما وقعت الاشتباكات في منطقة حوش السيد علي. وبالتالي، لا قدرة لدى إيران و"الحزب" سوى على إحداث تخريب أمني كذاك الذي حصل في السويداء مثلاً، أو في الساحل السوري قبل أشهر أيضاً، حيث تبرز بصماتهما في ما حصل هناك".
الأخوان"
وعن "الأخوان المسلمين"، شرح الأيوبي أنه "لا يمكنهم أن يلعبوا دوراً على صعيد الملفات الكبرى، كتغيير الحدود مثلاً، لأن قدراتهم هي أقلّ من ذلك. هذا فضلاً عن أنهم ليسوا كلّهم أصدقاء أو حلفاء لإيران".
وختم:"أخوان" سوريا والعراق والكويت والخليج، هم ضد إيران بشكل عام. والقسم الأكبر من "أخوان" مصر ضد إيران أيضاً. وعندما قامت مجموعة من "الأخوان المسلمين" في مصر بإصدار بيان تضامن مع إيران خلال الحرب الإسرائيلية عليها، ردّ "أخوان" سوريا ببيان عنيف جداً على هذا الموقف. وبالتالي، لا توجد كتلة موحَّدَة لدى "الأخوان المسلمين" قادرة على أن تقوم بخطوات كبرى".
أنطون الفتى -أخبار اليوم
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|