محليات

من الأسد إلى الشرع .. هل يعود النفوذ السوري إلى المسرح اللبناني ؟

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

شكل التداخل الجغرافي والطائفي بين لبنان وسوريا عاملا أساسيًا في تداخل أزمات الجارين، فقد امتدت آثار الحرب الأهلية اللبنانية في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي إلى الداخل السوري، ودفعت دمشق للتدخل عسكريا في لبنان بذريعة "حفظ الاستقرار"، وهو ما أدى إلى توترات وأزمات طويلة الأمد بين البلدين.

كذلك مع بداية الحرب السورية عام 2011، تأثر لبنان بشكل مباشر سياسيًا وأمنيا وطائفيًا، لتعيد إلى الواجهة خطوط الانقسام القديمة. ففي حين انخرط "حزب الله" عسكريًا في القتال داخل سوريا إلى جانب النظام تصاعدت التوترات في لبنان، وخصوصًا في المناطق ذات الامتداد الطائفي المباشر مع الداخل السوري، وبعد سقوط نظام بشار الأسد برزت مؤشرات جديدة على هذا الترابط المتوتر، تمثلت في تحركات الشارع اللبناني على خلفية التوترات في محافظة السويداء، وفيما يتواصل الجدل حول سلاح "حزب الله" الذي أصبح قلقا من التهديدات القادمة من الأراضي السورية، بحسب تعبيره.

امتداد توترات السويداء إلى لبنان

وصلت تداعيات التوترات في محافظة السويداء جنوب سوريا إلى الداخل اللبناني، حيث ارتفعت الأصوات في الشارع الدرزي اللبناني تضامناً مع دروز السويداء. وقد دعا عدد من مشايخ الطائفة الدرزية إلى حمل السلاح والدفاع عن أبناء طائفتهم، بالتزامن مع خروج تظاهرات في مناطق درزية.

وفي محاولة لاحتواء الموقف، سارعت السلطات اللبنانية إلى التواصل مع المرجعيات الدينية والاجتماعية الدرزية، بهدف تهدئة غضب الشارع وتفادي أي احتكاك محتمل مع العشائر العربية المقيمة في لبنان.

في المقابل، شهدت مدينة طرابلس ذات الغالبية السنية تظاهرات مؤيدة للرئيس السوري أحمد الشرع، ما يعكس الانقسام الداخلي اللبناني حيال تطورات المشهد السوري.

في هذا السياق، يقول الأكاديمي والباحث السياسي د. مالك الحافظ في حديث إلى منصة "المشهد" إن "أحداث السويداء وما أعقبها من توترات، أسهمت في إثارة الهواجس لدى مكوّنات لبنانية، تخشى من تحول البعد الدرزي في سوريا إلى خاصرة رخوة تمتد إلى جبل لبنان".

ويضيف الحافظ : "نحن أمام موجة جديدة من التوتر العابر للحدود، لكنها تختلف من حيث البنية. لم تعد نت تتعلق بتصدير اللاجئين أو المقاتلين فقط، بل باتت تتعلق بإمكانات التشظي داخل الطوائف نفسها. روح إلى الهواجس المناطقية والطائفية داخل لبنان نتيجة تطورات الداخل السوري".

بدوره، يؤكد الصحفي والباحث السياسي ميشال نجيب أبو نجم لـ"المشهد " أن "اشتباكات السويداء أثارت قلقاً كبيراً في لبنان لجهة تداعيات التشنج المذهبي والاحتقان، خصوصا بعد بث صور وفيديوهات ما حصل. ولذلك ازداد منسوب التوتر لبنانياً، لكن تم تسجيل حركة لقاءات دينية وسياسية خصوصا على المستوى الدرزي - السني، ساهم في سحب فتيل التوترات من الشارع".

دور سوري في لبنان؟

في ظل التطورات المتسارعة في سوريا، يبرز سؤال جوهري حول ما إذا كانت السلطة الانتقالية تريد لعب دور إقليمي في لبنان ولو بشكل جزئي أو غير مباشر. غير أن المعطيات الراهنة لا تبدو مشجعة، كما يوضح الباحث السوري مالك الحافظ، الذي يقول إن "السلطة الانتقالية الحالية في سوريا بقيادة الشرع، تفتقر حتى اللحظة الأدوات لإنشاء مشروع إقليمي مؤثر، فضلاً عن أنها لا تحظى باعتراف دبلوماسي شامل، ولا بغطاء دولي يتيح لها نسج أذرع فعّالة في الخارج اللبناني أو غيره. هي سلطة محلية حتى اللحظة".

ويتابع الحافظ قائلا: "العودة إلى لبنان، كما كان يفعل نظام الأسد، غير واردة بالمعنى المؤسسي. أما التدخل غير المباشر من بوابة التحريض الطائفي أو تغذية المشاعر الإيديولوجية، فهو ممكن في حال حصل تقاطع مصالح بين بعض التيارات داخل السلطة الانتقالية وبعض القوى الهامشية في لبنان. لكن حتى هذه اللحظة، لا تتوافر معطيات قوية على تفعيل هذا السيناريو".

فيما يبين أبو نجم أن "هناك هواجس لبنانية تاريخية من الأنظمة في دمشق. وما ساهم في تغذية الهواجس تصريحات توم براك وغيرها، لكن حتى الآن لا تزال الأمور ضبابية، مع تسجيل وجود توتر ضمني ومرات معلن بين بيروت ودمشق، فلا توجد نتائج تذكر على صعيد عودة النازحين فضلاً عن ذكر توتر بسبب الموقوفين السوريين في السجون اللبنانية والأخطر بالنسبة لغالبية لبنانية أن النظام الجديد يحمل معه وجهاً من التشدد الذي يزيد من صراع الهويات فضلاً عن التمزق السوري وعدم بناء دولة حتى الآن تحترم الحريات وحقوق الإنسان ومبنية على عقد اجتماعي، وهذا ما يرفع من نسبة القلق اللبناني".

 سلاح "حزب الله" 

تصر الولايات المتحدة على ضرورة حصر السلاح بيد الدولة اللبنانية، معتبرة أن أي سلاح خارج إطار المؤسسات الشرعية يشكل تهديداً لاستقرار البلاد. ورغم تعهد الدولة اللبنانية مراراً بأن لا سلاح خارج نطاقها، فإن الواقع على الأرض لا يزال يناقض هذا الموقف.

في المقابل، يواصل "حزب الله" تبرير احتفاظه بسلاحه عبر سلسلة من الحجج التي يقدمها خلال المفاوضات المستمرة منذ أشهر. ويؤكد نائب الأمين العام للحزب، الشيخ نعيم قاسم، أن الحزب غير مستعد للتخلي عن سلاحه في ظل ما يصفه بـ "التهديد الوجودي" الذي يواجه لبنان.

وفي الفترة الأخيرة، برزت حجة إضافية لدى الحزب، تتمثل في ضرورة الحفاظ على سلاحه لحماية الطائفة الشيعية من خطر الجماعات المتطرفة، وعلى رأسها تنظيم "داعش"، الذي يتخوف الحزب من تكرار مجازره بحق الأقليات كما حصل مع العلويين والدروز في سوريا.

يشير أبو نجم إلى أن "التاريخ الصدامي بين الحزب والجماعات المتطرفة يجعله وبيئته متنبهاً، خصوصا بعد المجازر التي سجلت بحق العلويين في الساحل والدروز في السويداء، كما يرتبط ذلك بإمكانية الضغط الأميركي على "حزب الله" من خلال السلطة السورية الجديدة".

من جهته، يرى الحافظ أن "هذه المخاوف تبدو واقعية على المستوى التكتيكي، ومضخّمة على المستوى الإستراتيجي. هناك فعلاً جماعات في الداخل السوري تكن العداء لـ"حزب الله"، ليس فقط على خلفية مذهبية، بل أيضاً نتيجة لتورّطه في معارك دعمت النظام السابق، ونتيجة لما يُعتبر في الوعي السني السوري تدخلاً إيرانياً سافراً. بعض هذه الجماعات لا تزال تملك قدرات لوجستية محدودة، وخبرات ميدانية تجعلها قادرة على تنفيذ عمليات خاطفة أو خلق توتر على حدود لبنان الشرقية، وربما جنوبه".

لكن القلق الحقيقي لـ"حزب الله" برأي الحافظ لا يأتي من قدرة تلك الجماعات على "اجتياح الحدود"، بل "من إمكانية استخدامها كورقة من قبل خصومه الإقليميين ضمن سياسة الضغط المركّب عليه في لحظة إقليمية مأزومة، خصوصاً بعد تراجع هامش المناورة الإيراني في سوريا ولبنان".

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا