الصحافة

1984 سرقة موصوفة في نصف عام... والرقم مرشح للارتفاع

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا



في ظلّ الانهيار الاقتصادي المتواصل وغياب المقوّمات الأساسية للأمن المدني، يتفشّى في لبنان مسلسل الجرائم اليوميّة من سرقات ونشل وسلب بقوّة السلاح، في مشهد يعكس هشاشة الرقابة. إنّ العصابات لم تعد تكتفي بالأساليب التقليدية في السرقات، بل باتت تنفّذ عمليات سلب بقوّة السلاح في وضح النهار، مستخدمةً سيارات مسروقة أو درّاجات نارية، وتنتقل من منطقة إلى أخرى بأسلوب احترافيّ. وتُعتبر هذه العصابات أكثر جرأة من السابق، مستفيدة من غياب الردع وسرعة الإفلات من العقاب.

تلعب الإنارة العامة دورًا أساسيًا في ردع الجرائم، إذ تسهم في تعزيز وضوح الرؤية والحدّ من النقاط السوداء التي يستغلّها المجرمون لتنفيذ مخطّطاتهم، خصوصًا في المناطق الطرفية والفرعية حيث تنعدم الإضاءة كليًا. هذه الفجوات الأمنية لا تزال قائمة في العديد من المناطق اللبنانية، ما يوفّر بيئة ملائمة لتحرّك العصابات ليلًا دون رقابة. وفي المقابل، يؤدي غياب الإشراف على الأسواق والمرافق العامة إلى انتشار الفوضى، الأمر الذي تستغلّه بعض الجهات لتنفيذ عمليات النشل والسلب، خاصة في الأماكن المزدحمة ووسائل النقل العامة.

تشير الأرقام التي حصلت عليها "نداء الوطن" من مصدر خاص في قوى الأمن الداخلي إلى أن عام 2024 شهد 719 عملية سرقة سيارات في مختلف المناطق اللبنانية، استُعيد منها 124 فقط، أي ما نسبته 17 % من مجمل المسروقات. أما في النصف الأول فقط من عام 2025 حتى نهاية حزيران، فقد تمّ تسجيل 199 عملية سرقة سيارات، استُعيد منها 46، أي بنسبة استرداد بلغت حوالى 23 %. أمّا عمليات سلب السيّارات فقد بلغت في عام 2024 نحو 51 حالة، في حين سُجلت 18 حالة فقط خلال النصف الأول من 2025. أما العمليات التي تمّ إحباطها، فسُجل منها 6 في 2024، مقابل عملية واحدة فقط حتى الآن هذا العام.

وبالانتقال إلى جرائم القتل والنشل والسرقات الموصوفة، تُظهر الأرقام أنّ عام 2024 شهد 274 جريمة قتل، في حين تمّ تسجيل 141 جريمة حتى نهاية حزيران من العام الجاري، ما يُنذر بإمكانية مضاعفة الرقم مع نهاية العام. وفي حين سُجّلت 219 حالة نشل خلال عام 2024، فإنّ الرقم بلغ حتى الآن 223 حالة، أي أنّ عدد حالات النشل خلال ستة أشهر فقط تخطّى ما سُجّل في عام كامل.

أمّا السرقات الموصوفة، أي التي تترافق مع عنف أو كسر وخلع، فقد بلغت 2787 حالة في عام 2024، وسجلت 1984 حالة خلال النصف الأول فقط من 2025، ما يرجّح أن يتجاوز عددها 4000 حالة في نهاية العام إذا استمرّ الوضع على هذا النحو. أما سلب الأشخاص، فسُجلت منه 558 حالة في 2024، مقابل 347 حالة حتى الآن في 2025، ما يُعدّ أيضًا ارتفاعًا ملحوظًا مقارنة بمرور نصف سنة فقط.

ويُظهر عدد الموقوفين على خلفية مختلف أنواع الجرائم بدوره تصاعدًا واضحًا، إذ بلغ في عام 2024 ما مجموعه 9927 موقوفًا، بينما وصل العدد في الأشهر الستة الأولى من 2025 إلى 7048 موقوفًا، ما يعكس حجم التوتر الأمني المستشري في الشارع اللبناني.

وقد حصلت "نداء الوطن" على تفصيل لعدد الموقوفين بحسب نوع بعض الجرائم حتى نهاية حزيران 2025، وتبيّن أنّه تم توقيف 1364 شخصًا على خلفية جرائم السرقة، و 120 شخصًا بجرائم سلب، و 42 في قضايا نشل. كما تمّ توقيف 61 شخصًا بجرم سرقة سيّارات، و 2 فقط في قضايا سلب سيّارات. وفي ما يتعلّق بجرائم القتل، سُجّل توقيف 102 شخص، إلى جانب 117 آخرين في قضايا الاشتباه بالقتل، و 133 شخصًا بجرم محاولة القتل.

وتعزو الجهات الأمنية تفشّي هذه الظواهر إلى الأزمة الاقتصادية الحادة وارتفاع معدّلات الفقر والبطالة، إضافة إلى تأثير النزوح السوري غير المنظّم، حيث تضاعفت الضغوط على الموارد والبنية التحتية والأمن الاجتماعي، ما أدّى إلى ازدياد ملحوظ في الجرائم ذات الطابع المعيشي، كالنشل والسرقة والسلب.

من بين جرائم النشل التي تنتشر بشكل لافت في بعض المناطق اللبنانية، تبرز ظاهرة سرقة الهواتف المحمولة من المارّة على الطرقات العامة. وغالبًا ما تُنتزع الهواتف من يد الضحية أثناء استخدامها، أو تُسحب بسرعة من الجيوب والحقائب، خصوصًا في الشوارع المزدحمة أو على إشارات السير. لذلك، يُنصح المواطنون بتوخّي الحذر في طريقة حمل الهاتف أثناء التنقل، وتجنّب وضعه في الجيوب الخلفية أو الأماكن الظاهرة، وعدم استخدامه بشكل مكشوف في أماكن غير آمنة، تفاديًا للتعرّض للنشل.

نشهد في عدد من الأحياء اللبنانية مبادرات تطوّعية شعبية تهدف إلى حماية الأحياء وتنظيم الدوريات الليلية لمراقبة التحرّكات المريبة. هذه المبادرات، رغم عفويتها، تساهم في تعزيز الشعور بالمسؤولية الجماعية، كما تشكّل رادعًا نفسيًا لدى من يخطط لارتكاب الجرائم. إلّا أن الخبراء الأمنيين يشدّدون على ضرورة أن تتمّ هذه المبادرات بالتنسيق مع الجهات الأمنية الرسميّة لضمان التزامها بالأطر القانونية ولتفادي أي مخاطر أو تجاوزات قد تخرج عن السيطرة. فالتعاون بين المواطنين والقوى الأمنية لا يُسهم فقط في زيادة فعالية التدابير الوقائية، بل أيضًا في ترسيخ الثقة بين المجتمع والأجهزة المعنيّة بحفظ الأمن.

شدّد المصدر في قوى الأمن الداخلي على أنّ مكافحة الجريمة قائمة ومستمرّة على كلّ الأصعدة، من خلال الرصد الميداني، وتكثيف الدوريات، والتحقيقات الاستباقية، لافتًا إلى أنّ العمل الأمني لا يتوقف رغم التحدّيات

ماريانا الخوري
نداء الوطن

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا