دمشق للبنان: "بيّضوا سجونكم"!
الزيارات المتبادلة للوفدين السوريّ واللبنانيّ لبيروت ودمشق، تُدشَّن إدارة جديدة لملفّ الموقوفين والمحكومين السوريّين، تخلّلها قبل أيّام حصول اتّصال بين وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني، المؤجّلة زيارته لبيروت، ووزير الخارجية اللبنانيّ يوسف رجّي، جرى خلاله تأكيد الالتزام المتبادل للمسار القانونيّ للملفّ، وعدم وجود قرار لدى دمشق بالمطالبة بأيّ سجين لبنانيّ، وهو ما تبلّغه الوفد اللبناني القضائي-الأمنيّ خلال زيارته الأولى لدمشق.
في المعطيات أنّ هناك توافقاً رئاسيّاً ثلاثيّاً في لبنان على التسريع في إنجاز خطوات جدّيّة في هذا الملفّ، من دون أن يتبيّن حتّى الساعة المدى الذي يمكن أن تذهب إليه السلطة في لبنان لاستخدام ورقة السجناء السوريّين من أجل الضغط في ملفّ إعادة النازحين السوريّين إلى بلادهم.
وفق برنامج استكمال المرحلة الثانية من العودة الطوعيّة للنازحين السوريّين التي تنظّمها المديريّة العامّة للأمن العامّ تمّت حتّى الآن، منذ 1 تموز من العام الجاري، عودة نحو 361 ألف سوريّ، وهناك 62 ألف سوريّ سجّلوا أسماءهم للعودة، ويتوقّع أن يصل الرقم الإجمالي نهاية العام إلى نحو نصف مليون سوري، وفق مصادر مديريّة الأمن العامّ.
عليه، وبعد زيارة الوفد القضائي-الأمنيّ اللبناني لدمشق في 9 أيلول الماضي، وكان مؤلّفاً من مفوّض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي كلود غانم والقاضيَين منى حنقير ورجا أبي نادر ومدير مكتب الوزير طارق متري الدكتور سامر حدارة، إضافة إلى ضبّاط من الجيش والأمن العامّ، يستعدّ وفد قضائيّ سوريّ لزيارة بيروت للمرّة الثانية خلال أيّام، فيما شكّل “لقاء دمشق” العناوين الأساسيّة المتّفق عليها، وتلك التي تحتاج إلى اجتماعات دوريّة للتوصّل إلى صياغات تضع ملفّ السجناء السوريّين على سكّة الحلحلة. وتتردّد معلومات عن احتمال حصول زيارة لوزير العدل السوريّ مظهر عبدالرحمن الويس لبيروت.
أحبّاؤنا في سجونكم
في “لقاء دمشق”، أكّد الجانب السوري الذي ضمّ بين أعضائه مساعد النائب العامّ السوري القاضي حسّان تربة، وقاضي الإحالة في سوريا، أنّ دمشق ليست في وارد المطالبة بأيّ سجين لبناني في السجون اللبنانية من المؤيّدين للحركات الإسلاميّة، لكنّ التشدّد برز خصوصاً في المطالبة بالموقوفين والمحكومين السوريّين ممّن قال ممثّل وزارة العدل في الاجتماع إنّهم “سجنوا لآرائهم السياسية وتأييدهم الثورة في عهد بشّار الأسد. نحن اليوم نجلس معكم، و”أحبّاؤنا وأصدقاؤنا” في سجونكم”.
لم يتوانَ ممثّل وزارة العدل السوريّة عن القول: “بيّضوا سجونكم، كما فعلنا نحن”. لكنّ الجانب اللبناني كان صارماً في التأكيد أنّ “أيّ خطوة من هذا النوع من جانب الدولة اللبنانية تشكّل مخالفة صريحة للقوانين القائمة تؤدّي إلى عقوبة الحبس. في سوريا، تمّ تعليق الدستور وإطلاق السجناء بعد وصول “الثورة” إلى السلطة، وهذا واقع مختلف”.
راهناً، وفق القوانين اللبنانية المُعتمدة لا يمكن تسليم أيّ سجين سوريّ، موقوفاً كان أم محكوماً، إلّا بعد عقد اتّفاقات ثنائية بين لبنان وسوريا تؤدّي إلى تنظيم تسليم عدد من هؤلاء مع مراعاة أمور أساسيّة:
– لا تسليم لمن تورّطوا بقتل عناصر من الجيش، ولا يمكن أيّ معاهدة جديدة أو اتّفاق، أو ذريعة، أن تؤدّي إلى تسليم هؤلاء لسوريا. وهذا أمرٌ، على ما يبدو، تفهّمه الجانب السوري، ولبنان أقفل باب التفاوض فيه.
– سيخضع ملفّ المحكومين لعدّة شروط. فمثلاً أيّ سوري مرتكب جريمة جنائيّة بحقّ لبنانيّين، لا يمكن تسليمه كي يقضي محكوميّته في سوريا، ما لم تتمّ مراعاة دفع تعويضات معيّنة، ففي عدد من جرائم القتل يوجد ورثة وأصحاب حقوق، وبالتالي لا يمكن تسليم محكوم من دون فرض دفعه مسبقاً للتعويضات. يقول مصدر قضائي لـ “أساس”: “سيتمّ درس كلّ حالة بحالتها، حتّى بعد التوصّل إلى اتّفاقات ثنائية”. فيما تفيد المعلومات إعداد الجانب السوري للائحة السجناء الذين تطالب بهم دمشق (محكومين وموقوفين)، وذلك بناءً على اقتراح من لبنان بإعداد هذه اللائحة.
– هناك قرار بتسريع المحاكمات لتسهيل حلّ مسألة الموقوفين الذين لا يمكن تسليم أيّ أحد منهم قبل محاكمته، ومعظمهم متّهمون بجرائم جنائيّة. يمكن في هذا السياق أن يشمل أيّ اتّفاق محاكمة موقوفين سوريّين في لبنان، وقضاء محكوميّتهم في سوريا. يتحدّث لبنان عن وجود ما يفوق 2,000 سجين سوريّ، بين محكوم وموقوف، القسم الأكبر منهم غير محكوم حتّى الآن، فيما المتّهمون بجرائم إرهابيّة يبلغ عددهم نحو 700 شخص، وبعض من هؤلاء تطالب دمشق بهم بالاسم.
– في ما يخصّ المفقودين اللبنانيّين في السجون السوريّة أكّد “الجانب السوري العودة إلى قيودنا، لكن بعد فتح كلّ السجون تبيّن عدم وجود لبنانيّين من مفقودي الحرب”.
لجنتان في لبنان وسوريا
عمليّاً، ضمن إطار “التوصيات” الواردة في “الورقة الأميركيّة”، في شقّها المرتبط بملفّات النزاع بين لبنان وسوريا، وردت عبارة “تنظيم عودة النازحين السوريّين إلى ديارهم، والمساعدة في تسريع إعادة الأسرى السوريّين من لبنان إلى سوريا، ومعالجة ملفّ اللبنانيّين المفقودين في سوريا”.
اكتفت الورقة، التي تخصّص فصلاً في شأن “مبادرة لترسيم وتحديد الحدود البرّيّة والبحريّة بين سوريا ولبنان والمناطق الاقتصاديّة الخالصة للدولتين والتحرّك المشترك لمكافحة الاتّجار بالمخدّرات”، بعرض القضايا الرئيسة العالقة بين البلدين في شأن “غياب اتّفاق رسميّ بشأن الحدود الدوليّة بين البلدين، والغموض في الحدود العقاريّة والإداريّة داخل القرى الحدوديّة، والتردّد السوريّ في الانخراط في الترسيم دون الحصول على تنازلات إقليمية مقابلة، والخطّ الحدوديّ المقترح”، من دون أيّ توسّع في تحديد خارطة طريق معالجة ملفَّي النازحين والسجناء السوريّين، كما حصل في ملفَّي ترسيم الحدود ومكافحة الاتّجار بالمخدّرات.
بدأ الخيط الأوّل لملفّ السجناء السوريّين من خلال الاجتماع الذي عُقد في السراي في 1 أيلول، برئاسة نائب رئيس الحكومة طارق متري وحضور وفد سوريّ موسّع، وشملت المحادثات ملفّات الموقوفين السوريّين، والمفقودين اللبنانيّين في سوريا، وعودة النازحين السوريّين، وضبط الحدود وترسيمها، ومراجعة الاتّفاقات اللبنانيّة ـ السوريّة، وأسفرت عن “تشكيل لجنتين متخصّصتَين لمتابعة الملفّات المشتركة، إحداهما في لبنان والأخرى في سوريا (دون تحديد أعضائهما)”، وفق بيان وزارة العدل.
ملاك عقيل - اساس ميديا
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|