الصحافة

تحديد سقف زمني لبسط السيادة… تسليم السلاح يدخل في "مدى غير بعيد"

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

في ختام جلسات مساءلة الحكومة في مجلس النواب، أطلق رئيس مجلس الوزراء نواف سلام موقفًا واضحًا لا لبس فيه، قائلًا إن ما ورد في خطاب القسم والبيان الوزاري "هو قرار لا رجعة عنه".

لكن النقطة الأبرز في كلمته كانت في ربط هذا العائق الخارجي بمسار داخلي موازٍ، إذ قال سلام إن الحكومة "مُصرّة، بالتلازم مع هذه المسؤولية الوطنية، على مواصلة العمل من أجل بسط سيادة الدولة على المناطق اللبنانية شمال الليطاني كما في جنوبه"، في إشارةٍ مباشرة إلى الواقع الأمني جنوبًا وسلاح "حزب الله"، في أول موقف واضح يُدرج مسألة حصرية السلاح بيد الدولة ضمن جدول زمني، ولو من دون تحديد تواريخ دقيقة، وهو ما قوبل بتصفيق حار من النواب السياديين الحاضرين في الجلسة.

وفي هذا السياق، علّق النائب وضّاح الصادق، فقال: "حصرية السلاح بيد الشرعية اللبنانية أمرٌ متّفق عليه بين جميع اللبنانيين، حتى "حزب الله" على علمٍ به، لكنه مضطر إلى الذهاب نحو خطابٍ آخر، لأن القاعدة الشعبية الخاصة به تسائله وتحاسبه بطريقة غير علنية، بعد تدمير بيوت اللبنانيين من دون أي خطة لإعادة الإعمار بعد الحرب". واضاف: موقف سلام منطقي، وهو ردّد أكثر من مرة أن السلاح سيسلَّم في كل لبنان، والمجتمع الدولي مطمئن للموقف الرسمي للدولة اللبنانية، ولكنه غير مطمئن لعدم وجود آلية.

وتابع الصادق لـ"نداء الوطن": "الدولة الرسمية بكاملها كانت ضد الحرب بطريقة لا لبس فيها، ورئيس مجلس النواب نبيه بري كان ضد هذه الحرب منذ اللحظة الأولى، حتى بيئة "حزب الله" لم تكن قادرة على الدخول في الحرب، واكتشفت أن الكلام الذي باعنا إياه "حزب الله" كان مجرد وهم، ولا يقتصر سوى على الكلام".

وأضاف: "ثمّة اتفاق أجاب عليه المسؤول الأميركي السابق آموس هوكستين، عندما كان لا يزال في مهامه، وكان واضحًا عندما قيل له في أحد اللقاءات: هل هذا الاتفاق يعني شمال الليطاني كما جنوبه؟ فكان جوابه: This is a joke. فالاتفاق واضح، ويعني حصرية السلاح في كلّ لبنان. فحصرية السلاح تبدأ من جنوب الليطاني (المنطقة الحساسة)، لنزع فتيل الحرب، على أن تمتد إلى كامل الأراضي اللبنانية".

وأكد أن "ما يقوله الرئيس سلام اليوم يتمثل بأن موضوع سلاح "حزب الله" هو قرار مُنتهٍ ومتخذ مسبقًا ولا غبار عليه، والكل متفق عليه. ولكن اليوم نناقش آلية حصر السلاح، والتي طمأنت المجتمع الدولي، بالتزامن مع جولة الموفد الأميركي توم براك، وتكمن بالإجماع الثلاثيّ الذي يمثّل الدولة، مع ملاحظة تغييب مجلس النواب عن هذا الأمر، وهو أمر سيّئ جدًا بحق الشعب اللبناني الممثَّل داخل البرلمان. لكن الجواب اللبناني للوفد الأميركي واضح لجهة نزع السلاح في كل لبنان، إلّا أن ما يطالب به المجتمع الدولي، وتحديدًا الطرفان الأميركي والسعودي، يكمن في إعطاء لبنان الآلية التنفيذية مع المهل الزمنية، قبل البدء بالكلام عن إعادة الإعمار".

وردًا على سؤال، أجاب الصادق: "لن يضع المجتمع الدولي أي قرش قبل التزام لبنان بقرار وقف إطلاق النار، والقرار 1701، والقرار 1559".

وتابع: "حزب الله" لم يعد لديه أي قدرات عسكرية، وقد أثبتت الحرب أن "الحزب" يمتلك قدرات كلامية لا قتالية، وسلاحه أثبت عدم فعاليته في حربٍ كاملة، والضرر الذي طال إسرائيل يختصر بـ15 صاروخًا قتلت 20 إسرائيليًا كحدّ أقصى، في وقتٍ استُشهد فيه الآلاف من اللبنانيين".

من جهته، رأى رئيس قسم الدراسات الدولية والسياسية في الجامعة اللبنانية الأميركية الدكتور عماد سلامة أن خطوة سلام بوضع مهلة زمنية لتسليم السلاح تُعدّ تطورًا جديًا يُعبّر عن إرادة سياسية واضحة، تنسجم مع بيان القسم الرئاسي والبيان الوزاري لحكومة سلام، واللذَين شدّدا على مبدأ حصرية قرار الحرب والسلم بيد الدولة اللبنانية.

وقال سلامة لـ"نداء الوطن": "هذا الموقف ليس جديدًا من حيث المبدأ، لكنه يكتسب وزنًا مختلفًا الآن لعدة أسباب: أولًا، لأن الحكومة الحالية نالت ثقة البرلمان على أساس هذه المبادئ، ثانيًا، لأنه يأتي في ظل تحوّلات إقليمية ودولية تضغط باتجاه إقفال ملفات النزاع المفتوحة في لبنان".

وعن تحديد سلام تسليم السلاح في جنوب الليطاني وشماله؟ لفت إلى أن "هذا التحديد يُقارب الواقع الميداني بواقعية، ويستند إلى القرار 1701 الذي يحظر أي وجود مسلح خارج الدولة جنوب الليطاني. توسعة هذا المفهوم لتشمل شمال الليطاني أيضًا، هي إشارة إلى أن الحكومة لا ترى في أي سلاح غير شرعي، أينما وُجد، سوى مصدر تهديد للاستقرار. فالإشكال ليس في الموقع الجغرافي بل في مبدأ السلاح خارج الشرعية".

وحول إمكانية تحقيق هذا الموقف، أجاب: "ذلك ممكن لكنه مشروط بعوامل سياسية وأمنية: يجب أن يُنظر إلى تسليم السلاح كجزء من مسار وطني شامل، لا كعملية فرض قسري، بحيث سيتطلب ضمانات دولية، أبرزها انسحاب إسرائيل الكامل من الأراضي اللبنانية، كما يتطلب إعادة إعمار المناطق المنكوبة لتثبيت الأمن الأهلي، وتفعيل دور القوى الأمنية في كل المناطق، وعلى الصعيد الداخلي، يجب أن يتم الأمر ضمن تفاهم لبناني - لبناني يشمل "حزب الله"، وتحت مظلة استراتيجية دفاعية تنقل السلاح من يد "الحزب" إلى يد الدولة تدريجيًا".

وهذا الطرح يطمئن المجتمع الدولي لأنه يتقاطع مع مطالبه المزمنة: وقف خروقات القرار 1701، وحصر السلاح بيد الدولة، والنأي بلبنان عن صراعات المحاور الإقليمية". وختم سلامة: "تسليم السلاح بات أكثر من إلزامي، بل ضرورة وطنية فلبنان يعاني من أزمة اقتصادية خانقة ومؤسسات شبه منهارة، ولا يمكن تحقيق التعافي دون استعادة السيادة الأمنية والعسكرية، والمجتمع الدولي لن يتحرك جديًا وكذلك الدول المانحة في ملف إعادة الإعمار أو تقديم المساعدات من دون خطوات ملموسة نحو ضبط السلاح غير الشرعي".

بين الالتزام بخطاب القسم والبيان الوزاري، والإشارة إلى "مدى زمني غير بعيد" لبسط السيادة، يبدو أن رئيس الحكومة فتح الباب أمام نقاش وطني طال انتظاره حول سلاح "حزب الله" ودور الدولة، واضعًا الحكومة في مواجهة واحدة من أكثر القضايا حساسية… فهل تبدأ المرحلة الأولى من هذا المسار الطويل؟

ريشار حرفوش
نداء الوطن

 

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا