اللواء شقير بحث مع المدير العام لصندوق قطر للتنمية في دعم استقرار لبنان
ما هي خلفيات الغزل الاميركي لـ"بري"؟
لم يتنازل الرئيس نبيه بري يوماً عن لقب "سيد العهود". هو الوحيد الصامد بوجه المتغيرات والأحداث التي اغتالت كبار القادة وأسقطت رؤساء ونفت آخرين، إلا أن الرجل بقي رئيساً لمجلس النواب، والتصق به المكان حتى أصبحت "عين التينة" مرادفاً له. سيد العهود أسقط كل من وقف بوجهه، وآخرهم ربما عهد الرئيس ميشال عون، ومن صمد في الحكم كان مفتاح استمراريته "مراضاة الأستاذ".
اليوم، يعود بري إلى الواجهة ليس فقط كرجل سياسي محترف، بل كوسيط دولي في واحدة من أخطر الملفات وهي مفاوضات وقف إطلاق النار وسحب سلاح حزب الله. في كلامه عن الورقة الاميركية والرد اللبناني عليها، وصف المبعوث الأميركي توم برّاك اللقاء مع بري بـ"الممتع"، قائلاً: "نتفاوض مع متمرس بالعمل السياسي". وأكد أنه "عندما نتعامل مع محترف تصبح الأمور أسهل". الاطراء الاميركي لبري اليوم وفي عز الحرب الاميركية الاسرائيلية على "محور الممانعة" تؤكد المؤكد أن بري خارج معادلة المحور، وأن الثنائي الوطني بالنسبة للغرب هو مصطلح تسويقي داخلي أكثر ما هو معادلة سياسية وعسكرية لها تأثيرها على المنطقة. فبري يعرف متى يخلع عنه صفة الالتصاق بالحزب ومتى يُعيدها. وربما يعكس وصف برَّاك لبري استراتيجية غربية واضحة في التعامل معه كحلقة وصل لا غنى عنها. فالغرب يدرك أن بري يتمتع بعلاقة استثنائية مع حزب الله، فرضت استثنائيتها مصالح الحزب وتحديدا بعد هزيمة المحور، الا أن بري في الوقت نفسه ليس جزءاً من هيكلية الحزب العسكرية، بل ترك له مساحة تُمكنه من اللعب ضمن المنطقة الدبلوماسية
الآمنة وترك لنفسه موقع "الوسطي" ليكون الطرف الأمثل للتفاوض حول ملف السلاح، من دون الدخول في مواجهة مباشرة مع الحزب.
الموفد الأميركي توم برّاك سمع من المسؤولين في لبنان موقفاً موحداً ينص على ضرورة "حصر السلاح بيد الدولة" و"حصر قرار الحرب والسلم بيدها"، إضافة إلى "بسط سلطتها على كامل الأراضي اللبنانية". لكن الكلام الرسمي يخفي تناقضات عميقة، فحزب الله لن يتخلى عن سلاحه بسهولة، هو ما عبَّر عنه الامين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم بوضوح، فيما لا تزال الدولة اللبنانية ضعيفة وغير قادرة على حسم قرار نزع السلاح بمفردها. هنا تبرز براعة بري التفاوضية، فهو يعمل على تحويل المطالب الدولية إلى صيغة مقبولة داخلياً، عبر خطاب يركز على "سيادة الدولة" من دون الاصطدام المباشر مع الحزب. وقد أشارت معلومات إلى أن واشنطن أعربت عن رضاها الكبير بأدائه، معتبرةً أنه يلعب دوراً محورياً في تليين المواقف وفتح قنوات اتصال غير مباشرة. في المقابل، يعرف بري أن اللعبة السياسية في لبنان لا تُحسم بالقوة، بل بالمساومات والتفاهمات. لكن هذه المرة، الملف مختلف، لأن الأمر لا يتعلق بتعيين مدير عام أو ترقية ضباط أو تسمية وزير، بل نحن اليوم أمام مفترق طرق وجودي يتعلق بكيفية نزع سلاح حزب الله من دون أي صدام داخلي.
وفي الداخل "غزل" من نوع آخر مع بري. فالرئيس نواف سلام خرج من عين التينة ليؤكد أن "الرئيس بري كفّى وموفى" في الوساطة مع واشنطن، كما ان معظم الملفات التي تمر عبر الحكومة لا يمكن اقرارها قبل التفاهم مع الرئيس بري حيالها، وآخرها التشكيلات القضائية التي وفق الاجواء كانت وفق ما يطلبه الرئيس بري "وحبة مسك". كما أن الرئيس جوزاف عون حريص على التشاور الدائم مع بري والأخذ بنصائحه في أكثر من ملف، ما يؤكد أن بري ما زال يمسك بخيوط اللعبة.. ولكنه في الوقت نفسه يخضع لاختبار حقيقي: إن نجح في تحقيق تقدم في ملف نزع السلاح، فسيدخل التاريخ كـ"وسيط السلام" الذي جنّب لبنان حرباً جديدة. وإن فشل،
فقد يُتهم من قبل الغرب بالمماطلة، ومن قبل حزب الله بالتواطؤ. لكن التاريخ يعلمنا أن "سيد العهود" لا يخسر معاركه بسهولة. قد لا يحقق انتصاراً كاملاً، لكنه سيبقى لاعباً رئيسياً في المعادلة، لأن الجميع يعرف: في لبنان، لا حلَّ من دون بري.
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|