محليات

الخطيب: وحدة الموقف اللبناني مع صمود المقاومة اقوى عوامل الانتصار

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

أدى نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الاعلى العلامة الشيخ علي الخطيب الصلاة في مقر المجلس في طريق المطار، وألقى خطبة الجمعة ، قال فيها :" ما من شك ان الازمات التي يعيشها مجتمعنا كثيرة ومتنوعة، بعضها يشكل أخطر مظاهر الضعف لديه، ان لم يعمل على معالجتها فتحت ابوابا لولوج الشر إليه، أولها تآكله الذاتي لافتقاده المناعة اللازمة، تماما كمن أصيب بمرض ان لم يبادر لأخذ العلاج تفاقم الداء وأصبح الشفاء منه أكثر صعوبة كلما تأخر اكثر.

فالمجتمع كالجسد يحتاج الى توفير عوامل المناعة التي تبقيه بمأمن من ان يصاب بالضعف ليبقى سليم البنية، قادرا على الاستمرار في اداء مهماته البيولوجية أولا، ومن ثم قادرا على الصمود امام التحديات الخارجية. فكما يحتاج كل عضو من اعضائه الى امداده بأسباب الحياة من العناصر الغذائية ليكون سليما، كذلك في اداء وظيفته كجسد واحد وتكامل عناصره في ما بينها، والا كان عاجزا أو قاصرا.
وهنا نتذكر رسول الله ص عندما شبه المجتمع بالجسد الواحد في قوله ( : مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى[1].
وقد عدد ص في هذا القول العناصر الضرورية التي ينبغي توفرها بين أفراد الأمة التي توفر الحياة للأفراد كما توفرها للجماعة، حتى تستطيع القيام بالوظيفة الالهية التي اسندت اليها وكانت سببا لوجودها. فهي كما تكون سببا لحياة الافراد وسلامتهم النفسية والبيولوجية والأخلاقية، كذلك بالنسبة للأمة. فهناك وظيفتان: وظيفة فردية متعلقة بالافراد على نحو الاستغراق، يُسأل كل فرد عنها وحده بغض النظر عن الآخرين، يثاب ويعاقب عليها كفرد، وهناك وظيفة اخرى للأفراد باعتبارهم امة وجماعة مترابطة لها نفس الاهداف".

أضاف :" فعلى مستوى الفرد مثلا فإن هناك مسؤوليات متعلقة به هو، كالواجبات العبادية مثل الصلاة والصوم والحج أو كالاعتقادات، وهو ما نعبر عنه بأصول الايمان كالايمان بوحدانية الله وعدالته والنبوة واليوم الآخر وغيرها كالامامة.

وهناك مسؤوليات متعلقة بالأمة المؤمنة كالامر بالمعروف والنهي عن المنكر والجهاد في سبيل الله والامور التي لا تقوم بالافراد ولا تتعلق بهم كأفراد، وانما بالأمة والمجتمع. فالحساب والثواب والعقاب يتعلق بها ويكون الفرد مسؤولا كواحد منها.. قال تعالى ( يوم ندعو كل أناس بإمامهم ).
والذي يهمنا الحديث عنه هنا هو الثاني، اي الحديث عن الجماعة والأمة، ويأتي في رأس الاولويات هنا الحديث عن سلامتها ووجوب الحفاظ عليها بما هي جماعة مؤمنة تحمل رسالة ولها وظيفة، والحؤول دون انحرافها. فقد تبقى أمة ولكن قد تتخلى عن الوظيفة الاساسية التي كانت لأجلها كما هو شأن امتنا اليوم، فقد وجدت لتكون شاهدة على الأمم بنص الكتاب العزيز ثم تخلت عن هذا الهدف. قال تعالى :
وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا .
فهي لم توجد لتكون أمة لأغراض دنيوية فقط، لتأكل وتشرب وتتنعم، أو تكون امة تحمي نفسها ووجودها فقط، او امة مقتدرة غاشمة كالامم الاخرى التي تستخدم قوتها لتستعلي على الامم الأخرى، وانما امة تحمل رسالة انقاذ ورسالة حياة واخلاق وقيم فلا تتخلف فتصبح أمة تابعة خانعة وذليلة ومتخلفة:
(الر كتاب أنـزلناه إليك لتخرج الناس من الظلمات إلى النور بإذن ربهم )".

وتابع الخطيب:"أمة حق ونور ومعرفة وعدل وقسطاس. الامة الرائدة بين الامم التي تحمل على عاتقها تحقيق القيم الإلهية، فما هي المقومات والشروط التي يجب توفرها لتحقيق هذه الغاية ، امام التحديات الكبيرة التي تواجهها في هذا المسار وبعد هذه الفترة الزمنية من التخلف والتراجع؟
طبعا لن تكون هذه المهمة سهلة ومتيسرة بعد كل التحولات الكبرى التي جرت على مدى زمني ليس بالقصير، وكانت له تبعاته الفكرية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية، وخصوصا على الصعد الديموغرافية السياسية تأثرا بالتحولات الدولية والفكرية والدعوة الى الديمقراطية والنزوع الى الانفصال عقب اثارة النزعات القومية والاثنية والوطنية ، واضعاف الشعور بالانتماء الرسالي والانتماء للأمة والجماعة بسبب ظهور الدولة الحديثة والانبهار بالنموذج الغربي بسبب العقم الفكري لدى النخبة، الذي انتج تخلفا حضاريا شاملا وتبعية عمياء لكل ما دعا اليه الغرب دون تبصر وانتقاء.

وقد عمل الغرب بخبث ودهاء حيث فرق بين امرين: بين الاسلام كتكاليف فردية، وبين الاسلام كمشروع أمة حضاري ينظم حياة المسلمين ويحمل رسالة للعالم، فاستطاع ايهام المسلمين بدعوته الى حرية الممارسة والاعتقاد الديني بعدم تعارضه مع الإسلام، طالما انه يمنح المسلمين هذه الحرية، فتحول الاسلام لدى المسلمين الى مجرد طقوس لا اثر لها على الصعيد الفعلي والحضاري وجعله المسلمين على هامش الحياة، وبذلك اخرج الاسلام عن دائرة التأثير العالمي.

وفي حين ظن المسلمون، وخصوصا النخبة الممسكة بمقاليد الأمور، ان ذلك سيخرجهم من واقع التخلف الذي يعيشونه الى مصاف الامم الأخرى، فوجدوا انفسهم قد وقعوا في شراك التبعية الذي نصب لهم دون ان يكون لديهم القدرة على التراجع بعد ان ارتبط بقاؤهم في السلطة بهذه التبعية، وبعد ان أُفلت الزمام من ايديهم ومكّنوا الغرب من الامساك بمقاليد التأثير الثقافي والعلمي والتربوي ،فتمزق شملهم واصبح الهمّ لدى كل منهم حفظ وجوده ومصالحه وموقعه في السلطة ودوره، والتي اصبحت جوائز ترضية يمن بها الغرب الممسك بالقرار على الاكثر طواعية وتلبية لأهدافه ومخططاته ومصالحه في الفكر والثقافة وبرامج التعليم التي يستطيع من خلالها احكام الطوق عليها، فهي لا تستطيع ان ترى الا من خلال المنظار الذي صنعه لها، والا فالانظمة التي اوكلها المهمة حاضرة عبر الملاحقة والاتهام والقتل والاعدام والسجون والزنازين، ثم زرع لها في قلبها العدو الصهيوني ليكون العصا الغليظة، يجلد بها ظهر كل من يفكر في فك هذه الاغلال عن عنقه من الافراد والجماعات المتنورة التي لم تتأثر بالدعاية او تنبهت الى الخديعة التي جر الغرب اليها هذه الامة، بعد ان شغل نخبها بجدل فكري فارغ بين اليسار واليمين، فألهاها لوقت ليس بالقليل عن حقيقة ما تعاني منه، ولكنها مع ذلك بقيت فيها بقية من جذوة لم تزل متيقظة الى حقيقة مايجري، من شخصيات فكرية وحوزات علمية دينية منتشرة في بقاع العالم الاسلامي ، الى ان قُيّد لها ان تعيد الامل بانبعاث حركات فكرية وجهادية اتيح لها في غفلة من الزمان ان تؤسس لكيان اسلامي نموذجي مقاوم في ايران على يد الامام الخميني رض، فاستطاع في فلتة من الزمان هيأها له الانشغال الغربي بالحرب على الاتحاد السوفياتي الذي كان يترنح، أفاق له الغرب متأخرا ومازال منذ ستة واربعين عاما، وهو مشغول بمحاولاته للقضاء عليه بشتى السبل دون ان يلوي على شيء، وكان له الاثر البعيد في انبعاث حالة من اليقظة في الامة الفكرية والثقة في النفس".

وأستطرد الخطيب :"،ولا نستطيع هنا ان نغيب حركات اخرى كحركة الامام المغيب السيد موسى الصدر، بعد اليأس الذي دب فيها عن النهوض مرة اخرى ومقارعة الطاغوت الغربي بعد صمود اسطوري وتضحيات كبرى، والتحول الذي افرزته على الصعيد العلمي والانجازات الضخمة في بناء القدرات العلمية والتقنية والتسليحية بالاعتماد على قدراتها الذاتية، والالتفاف الشعبي الذي كان اهم مرتكزاتها في حماية كيانها الوليد رغم محاولات الغرب اليائسة لاجهاضها.

لقد بعث ذلك الامل لدى شعوب المنطقة والامة فخرجت المقاومة من بين الركام في لبنان لتحقق المستحيل باخراج العدو الاسرائيلي من لبنان، وتعلن عن تحرير معظم اراضيه في الخامس والعشرين من ايار عام الفين ميلادية، كأول انتصار عربي واسلامي أجبر العدو على الانسحاب من جنوب لبنان دون قيد او شرط ، ما عزز الشعور بالقوة، فانطلقت بعدها المقاومة الفلسطينية بقوة في حروب متتالية انجزت على اثرها اخراج العدو من غزة، ثم تتالت انجازات المقاومة فأُفشل العدوان الاسرائيلي على لبنان في عام الفين وستة وما ترتب عليه من اخراج الاسرى بمن فيهم المحكومون بالمؤبد، ولم تقتصر على الاسرى اللبنانيين ، ما اشعل الجماهير العربية والاسلامية وبعث الخوف في دوائر القرار الغربي الذي حاول ان يطمس هذا الانجاز بخلق فتنة داخل الامة، كحلقة من حلقات المواجهة مع هذا العدو الخبيث الذي حقق للاسف في هذه الفترة انجازا تكتيكيا في هذه المواجهة، كانت له ندوب عميقة في جسد الامة، سرعان ما بدا التعافي منه بالملحمة البطولية التي سطرها ابطال غزة في معركة طوفان الاقصى ليصدق عليها قول الله تعالى ( كلما اشعلوا نارا للحرب اطفأها الله ) وسطر فيها ابطال المقاومة في لبنان اعظم الاسناد وقدموا اعظم التضحيات حتى اذا فشل العدو رغم تضافر الكفر فيها على النيل منها فما استطاعوا، فأرادوا الذهاب لتجربة حظهم مع النبع الاصيل مع الجمهورية الاسلامية الايرانية علهم يجدون طوق نجاة، ولكنهم عادوا مخزيين بالتدمير الذي اصاب مركز البغي وما حسبوه قلعتهم الحصينة في الكريوت وحيفا وتل ابيب".

وقال :"لقد اجمع الكفر امره بعد الفشل العسكري الذريع الذي مني به، سواء مع غزة او لبنان او اليمن واخيرا في ايران.. اجمع امره لينال من لبنان بشن حرب نفسية اعد لها ما لم يستطعه بالحرب العسكرية فثبتنا له وواجهنا هذه الحرب القذرة بكل قوة وثبات .

"ورد الله الذين كفروا بغيظهم لم ينالوا خيرا وكفى الله المؤمنين القتال ".

وأكد " سيهزم الجمع ويولون الدبر بقوة وعزيمة شعب لبنان الابي ، وبحكمة ووحدة الموقف اللبناني القوي الذي وفرت له جماهير عاشوراء والخطاب العاشورائي ارضا صلبة يقف عليها ، ما يجب على اللبنانيين جميعا ان يقتدوا بها ويقفوا صفا واحدا الى جانب الدولة لينالوا شرف الموقف وليكونوا شركاء في افشال مخططات اعداء لبنان والضغوط التي اريد منها إيقاع الفتنة بين اللبنانيين".

وقال :"وليعلم الجميع ان وحدة الموقف اللبناني وتوحد اللبنانيين حوله، الى جانب صمود المقاومة وعقلانية قيادتها وحكمتها اقوى عوامل الانتصار.

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا