توم براك: بين "الغزل" بالشرع ومفهوم الهدن الموقتة؟!
بات من الواضح أن قراءة التوجهات الأميركية في الشرق الأوسط، تحديداً في سوريا ولبنان، ينبغي أن تتم إنطلاقاً من المواقف التي يعبر عنها سفيرها في تركيا ومندوبها إلى سوريا ولبنان توم براك، خصوصاً أن الرجل لا يتردد في الكشف عما تفكر فيه واشنطن، في الكثير من الأحيان، بشكل واضح، بالرغم من أنه، حتى الآن، لا يمكن الحديث عن نظرة أميركية شاملة لهذه الملفات، نظراً إلى أن المفاجآت لا تزال هي العنوان الأبرز، بدليل ما حصل خلال الحرب الإسرائيلية على إيران.
في هذا السياق، يبدو أن براك، الذي يمسك بالملفين السوري واللبناني معاً، من أكثر المعجبين بالرئيس السوري الإنتقالي أحمد الشرع، حيث يعتبر أن ما تقوم به السلطة الجديدة في دمشق نموذجاً ينبغي على الجميع التعلم منه، وهو ما كان قد ألمح إليه أكثر من مسؤول أميركي آخر، بينهم الرئيس دونالد ترامب، رجل الصفقات الطامح إلى الفوز بجائزة نوبل للسلام.
من حيث المبدأ، الرؤية الأميركية ترتكز، بالدرجة الأولى، على الشق الأمني من هذه الملفات، بحسب ما تشير مصادر متابعة عبر "النشرة"، الأمر الذي يبرر "الغزل" بالشرع، بغض النظر عما يقوم به على المستوى الداخلي، بدليل التغاضي عن كل التجاوزات التي تقوم بها السلطة الجديدة، بالإضافة إلى الرسائل التي كان قد توجه بها براك نفسه، في الأيام الماضية، إلى "قوات سوريا الديمقراطية"، لناحية رفض طروحات التقسيم أو الفيدرالية أو الحكم الذاتي، بعد أن كان ينظر إلى واشنطن على أساس أنها داعمة لها.
بالنسبة إلى المصادر نفسها، براك، الذي سبق له أن وجه إنتقادات إلى إتفاقية سايكس بيكو، معتبراً أنها قسمت سوريا والمنطقة الأوسع لتحقيق مصالح إمبريالية لا من أجل السلام، لا يستطيع أن يقدم أي أجوبة تستطيع أن تقنع مختلف المكونات السورية بالإدارة الجديدة، في ظل إستمرار الإنتهاكات اليومية، الأمر الذي يرجح أن تكون نتيجة أي إستفتاء حقيقي، حول رؤيتها لمستقبل العلاقة معها، هو الإنفصال الكامل دون أدنى شك.
على الرغم من ذلك، تشير هذه المصادر إلى أن الإدارة الأميركية، من ضمن رؤيتها التي تقوم على المصالح التي تخدم أمن إسرائيل، قبل أي أمر آخر، مستعدة لتجاوز كل ذلك، لدعوة تلك المكونات إلى التعاون مع الشرع، على قاعدة أنه "المنقذ" الذي لا بديل عنه، فهو الذي سيقوم بنقل سوريا من مرحلة إلى أخرى، عبر مجموعة من الإجراءات تعهد القيام بها لها تحت عناوين مختلفة أبرزها محاربة الإرهاب ومواجهة النفوذ الإيراني في المنطقة.
في هذا المجال، من الممكن الإشارة إلى أن واشنطن، لم تقدم أي رؤية حول كيفية معالجة الملفات العالقة، فهي تسعى إلى هدنة موقتة في قطاع غزة، تماماً كتلك القائمة في لبنان، بالتزامن مع تقديم طروحات تطالب كل من حركة "حماس" و"حزب الله" بالإستسلام، من دون أي ضمانات تذكر أو إلزام تل أبيب بأي أمر، تحت طائلة إستمرار الإعتداءات الإسرائيلية بضوء أخضر منها.
من وجهة نظر المصادر المتابعة، مفهوم الهدن الموقتة، الذي يشمل أيضاً إيران بعد الحرب التي شنتها إسرائيل عليها، يعني إمكانية عودة التصعيد العسكري في أي لحظة، خصوصاً أن المطروح، من الجانبين الأميركي والإسرائيلي، يؤكد التعامل من منطلق أن نتائج الحروب، بعد عملية "طوفان الأقصى"، كرست هيمنة تل أبيب العسكرية، وبالتالي يجب ترجمة ذلك من الناحية السياسية، عبر مجموعة من الإتفاقات، التي تختلف عما كان يعرض في السنوات الماضية.
في المحصلة، ترى المصادر نفسها أن براك، من خلال مواقفه، يقدم الصورة الأوضح لمستقبل المنطقة، من وجهة النظر الأميركية، التي تستند إلى نموذج الشرع في سوريا، أي الإستسلام لما تريده إسرائيل مقابل تكريس سلطته، بغض النظر عما يقوم به على المستوى الداخلي، أو البقاء ضمن دائرة الهدن الموقتة، التي تعطي تل أبيب "الحق" بأن تقوم بما تراه مناسباً في مختلف الساحات.
ماهر الخطيب -النشرة
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|