بالفيديو - الجيش ينفذ مداهمة في سد البوشرية دون توضيح الأسباب
"تحرير الشام" تحرّر نفسها من قوائم الإرهاب.. و"الحزب" خالد فيها

بعد قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب رفع العقوبات عن سوريا، توجت "هيئة تحرير الشام" تحولاتها المذهلة، والتي قادتها إلى حكم سوريا و"خلع" بشار الأسد عن عرشه "مذمومًا مدحورًا"، بتحرير نفسها من قوائم الإرهاب الأميركية والعالمية.
تنبع أهمية هذا القرار من كونه اعترافًا مرجعيًا ممهورًا بتوقيع القوة الأكبر على المسرح الدولي برحلة المراجعات الفكرية العميقة والعاصفة التي أجرتها "تحرير الشام"، وقادتها من الفكر الجهادي المتطرف إلى تبني فكر الدولة.
تتجاوز رحلة أحمد الشرع من "أبو محمد الجولاني" إلى شخصيته الحالية نمطية اللقب الجهادي، لتعبر عن مدى قدرته على تطوير الطروحات وصياغة السياسات، واتخاذ مواقف يحاول الكثير من المتضررين من عملية صعوده إسقاطها من الذاكرة الجمعية. في طليعتها إعلانه أن "نهج القاعدة خاطئ ومنحرف"، واقتران ذلك بتفكيك فرعها الشامي "حراس الدين"، فضلاً عن حظر "داعش" في مناطق نفوذ حكومته.
وبالمقارنة بين "هيئة تحرير الشام" و"الحوثيين" الذين استغلوا الانتفاضة الشعبية في اليمن للقيام بانقلاب مكنهم من السيطرة على جزء من الدولة، لتصبح إحدى أذرع نظام الملالي الإيراني، نجد أن جماعة "الحوثيين" لم تخرج عن كونها حركة فوضوية، عجزت عن إدارة المؤسسات التي ورثتها، وفشلت في تطوير خطاب يتسم بالحد الأدنى من القدرة على الإقناع، رغم كل الفرص التي منحت لها، من بينها إخراجها من لوائح الإرهاب بقرار من الرئيس الأميركي الأسبق جو بايدن.
في حين نجح الشرع في الحيّز الضيق الذي كان يسيطر عليه في مأسسة بنية دولتية ومجتمعية منتجة عبر سلسلة من المؤسسات التربوية والأمنية والاقتصادية. ناهيكم عن إجراء مراجعات دائمة مكنته من تطوير رؤية استراتيجية ترتكز على الواقعية وفهم التوازنات، وتوظيف تقاطع المصالح الدولية لتعزيز الدور والمشروعية.
هذه المراجعات تنسجم مع ما يتسم به الموروث السني من مرونة فكرية وتطور دائم، وقدرة على إجراء المراجعات الضرورية، والتكيف مع المتغيرات الجيوسياسية، كما تقوض دعائم الدعاية المكثفة التي تختزل إرث السنة العريق في تأسيس الدول والشراكة الفاعلة في صناعة التاريخ ضمن إطار هوياتي ضيق، لتصورهم بأنهم بيئة صانعة للإرهاب ومتعطشة لسفك دماء الآخرين.
هذه الدعاية التي يتجاوز عمرها عقدين ونيف تشكل اليوم جوهر استراتيجية التضليل التي يتبعها "حزب الله" لإعادة إنتاج هيمنته، عبر دفع الشيعة إلى الشعور بخوف وجودي كجماعة، وتوظيف نفوذه على عملية صناعة الرواية التي تقدم للرأي العام، وضمن بنية الدولة، من أجل خلق عداوة مع دمشق، ومع سنة الشمال حيث يبرز المناخ الإسلامي المحافظ، فيما المفارقة أن "الحزب" نفسه خالد في قوائم الإرهاب وعاجز عن الخروج منها، بسبب العقم الفكري الذي يتسم به.
ومدينة طرابلس نفسها التي تروج الآلة الدعائية لـ "حزب الله" خبراً إسرائيلي المصدر لوضعها موضع الاتهام بنقص في هويتها الوطنية، أثبتت مجريات التاريخ أنها أجرت مراجعات عميقة تعبر عن حيوية مجتمعها، حيث انتقلت من رفض الانضمام إلى الكيان اللبناني غداة تأسيسه، إلى رفع شعار لبنان أولًا، ومنح هذا الخطاب الأكثرية في الشارع والبرلمان، في لحظة جسدت توازناً دقيقاً بين الأبعاد الهوياتية العربية والإسلامية والوطنية، كثمرة لرحلة طويلة من تحديث المراجعات بين الحقب الناصرية والعرفاتية والإسلامية المتأثرة برياح "الخمينية" العابرة للحدود.
بالمحصلة، السنة ليسوا مضطرين إلى إجراء فحص دم في الوطنية كل يوم، كما كان يردد رفيق الحريري. لا ريب أن معاناتهم الطويلة من سياسات التهميش والإقصاء، في موازاة المحاولات الدائمة لإلباسهم لبوس البيئة المنتجة للإرهاب وسفك الدماء، كان لهما دور مؤثر في إضعاف تأثيرهم وحضورهم، لكنهم لم يكونوا أسرى الجمود الفكري ولا أيديولوجيا إقصائية أو مقفلة. والارتباط المعنوي الذي يظهرونه بالحالة التي يمثلها الرئيس السوري أحمد الشرع تختزن في ثناياها رغبة عارمة في استيلاد ديناميات جديدة تغير من واقعهم السلبي.
سامر زريق
نداء الوطن
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|