بالفيديو - الجيش ينفذ مداهمة في سد البوشرية دون توضيح الأسباب
ما بين عودة راجح وهروب راجح... فيلم أجهزة صناعة الإرهاب بالوكالة!

عندما سأل أحد المقرّبين اللواء الشهيد فرانسوا الحاج عن هروب شاكر العبسي خلال معركة نهر البارد أجاب برصانة القيادي وهدوء الحكيم «شاكر العبسي هو راجح جديد»... فحين تعجز السلطة عن تقديم الحلول وتنهار الدولة تحت وطأة أزماتها المتلاحقة يُستدعى «راجح». لا يأتي راجح الحقيقي لأنه لم يكن يوماً حقيقياً بل يُبعث كرمز للفوضى المصطنعة والخطر المحدّق والعدوّ الجاهز عند غب الطلب. لا نراه لكننا نُجبر على الخوف منه.
من على خشبة مسرح الرحابنة في أواخر الستينيات ومع انطلاقة عهود أنظمة الأسد الظلامية، وُلدت شخصية «راجح» في فيلم «بنت الحارس» كرمزٍ للشرّ الغامض. قرية بأكملها تخشاه ترتجف منه وتُشلّ قدرتها على التفكير والحركة لمجرد تخيّل قدومه. وفي النهاية تكتشف «ابنة الحارس» أن راجح ليس سوى إشاعة محلّية تحوّلت إلى سلطة قهرية بتواطؤ سلطة اعتادت تعميم الخوف الجماعي لفرض تسلّطها وهيمنتها.
في لبنان ومنذ زمن وصاية المخابرات السورية لم يكن «راجح» غائباً عن المشهد. بل إن وجوده تحوّل إلى ضرورة تتطوّر باستطراد، من خلية إرهابية تُعلن ثم تُنسى أو متّهم سنيّ يُجرَّم باسم جماعة هوليوودية أو حيّ سكنيّ يُعاقب جماعياً لأنه «حاضنة متطرّفة»، مئات ان لم نقل آلاف الشباب تم التبلّي عليهم وتدمير مستقبلهم بملفات «بزنس راجح».
لقد نجح هذا النموذج الأمني عبر اختراق ممنهج لمقوّمات الدولة والمجتمع السنّي في ترسيخ سرديّة تقول أن «الطائفة السنية مشتبه بها حتى تثبت براءتها!» سردية استُخدمت لتفتيت نسيج الدولة من الداخل باغتيال نواتها الصلبة فكرياً، شعبياً وقيمياً وبهدم القاعدة الوطنية التي كانت تؤمن بدورها الجامع ومنطق المدنيّة المنورة.
واليوم في لحظة الانهيار الشامل يعود «راجح» بأسماء أخرى من عُدّة نظام التركة البائدة «داعش» «خلية نائمة» أو «تهديد أمني داهم». لا أحد يراه ولا أحد يعرفه لكن الجميع يُطلب منهم أن يخافوا، أن يصمتوا وأن يتخلّوا عن حقّهم في المحاسبة والكرامة مقابل وعد بالحماية من خطرٍ غير مرئيّ والتستّر على خطأ غير مقترف!
لكن هذا لم يعد زمن الخوف. هذه لحظة «ابنة الحارس» المتجددة لم تعد فرداً على الهامش بل باتت حالة سياسية ناشئة، تعرف هويتها ودورها ورؤيتها الإنقاذيّة. حالة قادرة عاجلاً أم آجلاً على تشكيل تيار وطني وسطي متحرّر من الخوف الأمني والطائفي. لحظة استعادة «منطق الوسطية» ببريق قوة عمقها الفكري ومعرفتها ومشاركتها على أساس قيمٍ ترفض أي احتكار أو وصاية.
فالوسطية هنا لا تقوم على ركام المخابرات ولا على مصالح الخارج بل على وعي سنّيّ جديد ضمن شراكة وطنية عابرة للطوائف ترى أن التحرر من وهم «راجح المخابراتي» شرط بناء الدولة.
هذه الحالة لا تخوض المعركة بالشعارات بل بمنهجٍ يضع كرامة الإنسان قبل الطائفة، ويؤمن بحالة سياسية تشاركية لا تُقاد بأجهزة التبعية ولا بتحالفات الشياطين. تعيد تعريف السنيّ لا كمُتّهم دائم بل كحامل مشروع وطني عادل. وتبدأ بكسر سردية «المشتبه الأول» واستبدالها بسردية «الشريك الأول» في بناء الدولة الحقيقية.
ما نحتاجه اليوم ليس فقط كشف أكاذيب أجهزة التضليل بل تفكيك اللعبة الأمنية المفلسة التي تسلّلت إلى وجداننا وجعلتنا نشكّ ببعضنا ونصمت أمام الإهانات المتكررة.
إن مواجهة «راجح» الحقيقية لا تكون إلّا بالمقاومة المدنية، بنشر المعرفة والوعي والنقد الحر. لقد انتهى زمن الولاء الأمني والخوف بلا رجعة ونحن أمام ولادة وطنية جديدة. إنها ليست لحظة صراع طوائف أو بروباغندا التخويف المعتادة بل بداية النهوض من تحت ركام الإرهاب المعنوي والإذلال الجماعي لبناء إنسان يليق بمجتمعه وتاريخه وحضارته وكيانه.
آن الأوان لنقول بثقة ورويّة، وبقدرة على التسامح دون أن ننسى العدالة الانتقالية، كفى... الطائفة ليست متّهمة والعدوّ ليس من بيننا. كلّ اتهام سياسي مموّه بقناع أمني هو اعتداء على الناس وذاكرتهم. وكل «راجح» ستصنعونه اليوم لن يصمد أمام «ابن وابنة الحارس» الجديدة التي تعرف ألاعيبكم البالية وتُدرك أن خلف كل «إشاعة تهديد» هناك مشروع سقوط حتمي لسلطة مهترئة تخشى الحقيقة وتخاف مراجعة ماضيها.
نعم وبكل ثقة نقول لن يعود راجح... لأن الحارس الحقيقي استعاد دوره وكل أبنائه لن يصمتوا بعد اليوم.
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|