معراب تُمهّد للانقلاب الكبير… وجعجع يستعد لمرحلة ما بعد نواف سلام
يرفع حزب القوات اللبنانية بقيادة سمير جعجع سقف المواجهة عاليًا في وجه كل من رئيس الجمهورية العماد جوزيف عون ورئيس الحكومة نواف سلام، في مشهد يعكس بوضوح أن معراب انتقلت من موقع الشريك المتحفّظ إلى موقع الخصم المتمرّد، ليس فقط على مستوى الأداء الحكومي، بل أيضًا في النظرة إلى المرحلة المقبلة برمّتها.
وقد جاء بيان جعجع الأخير الصادر أمس الإثنين ليعطي الصورة الأكثر وضوحًا عن هذا التصعيد. فقد شدد جعجع في بيانه على أن الرد الذي قدّمه الرؤساء الثلاثة للموفد الأميركي توم باراك يُعدّ “غير دستوري وغير قانوني ولا حتى رسمي”، لافتًا إلى أن المادة 65 من الدستور واضحة في إناطة السلطة الإجرائية بمجلس الوزراء مجتمعًا. وطالب جعجع رئيس الحكومة بالدعوة فورًا إلى جلسة لمجلس الوزراء لمناقشة ورقة باراك بشكل جماعي، واتخاذ القرار الدستوري حيالها، محذّرًا من أن مصير ومستقبل اللبنانيين يتحدد في هذه اللحظات الدقيقة، وأن أي خطأ أو تقصير من المسؤولين قد يدفع بالبلاد نحو الهاوية، أو في أحسن الأحوال إلى جمود وشلل وتراجع تدريجي.
هذا الموقف الذي عبّر عنه جعجع عبر بيانه لم يكن مفاجئًا لمن يراقب المسار الذي سلكه حزب القوات اللبنانية في الأشهر الأخيرة، إذ تتكامل مواقفه اليوم مع خط تصعيدي متدرّج سبق لـ”ليبانون ديبايت” أن أضاء عليه، يقوم على رفع منسوب الاعتراضات تمهيدًا لانسحاب حزب القوات من الحكومة في توقيت مدروس بعناية، تمهيدًا للانتخابات النيابية المرتقبة في العام المقبل.
ففي حسابات معراب، هذا التصعيد يوفر أرضية خصبة للاستثمار الشعبي، ويضيّق في الوقت ذاته الهامش أمام أي محاولات من جانب الرئيس جوزيف عون لبناء حاضنة سياسية جديدة تتشكّل على هيئة “كتلة نيابية” تصوّت وتشرّع باسم رئيس الجمهورية.
وهنا لا بد من الإشارة إلى أن تصعيد جعجع في خطابه في هذا الوقت الحساس ربما يكون تمهيدًا لإسقاط حكومة نواف سلام العاجزة بالمطلق عن إتمام التسويات الكبرى في لبنان، وأبرزها إنهاء ملف سلاح حزب الله، وأن إسقاط هذه الحكومة والإتيان بحكومة جديدة، من أبرز المرشحين لتولي رئاستها الرئيس نجيب ميقاتي، قد يفتح المجال واسعًا أمام التسويات، نظرًا لما يشكله ميقاتي من ضمانة لدى الثنائي الشيعي وتحديدًا حزب الله.
هذا التحرّك أيضًا لا يمكن فصله عن محاولات لضرب حكومة نواف سلام من داخلها، إذ إن خروج القوات منها سيجعلها حكومة عرجاء مسيحيًا، غير ممثّلة لا بالقوات اللبنانية ولا بالتيار الوطني الحر، الحزبان المسيحيان الأكبر على الساحة، وذلك وسط برودة واضحة تخيّم على علاقة رئيس الحكومة مع رئيس الجمهورية، الذي يُنقل عنه بدوره تسجيله ملاحظات عميقة على أداء السراي.
وبذلك، يجد جعجع نفسه أمام فرصة مزدوجة: ممارسة ضغط شعبوي وانتخابي يرسخ موقعه كأقوى حزب مسيحي أولًا، ودفع الحكومة إلى التعثّر وربما السقوط، ما يفتح الباب أمام حكومة جديدة قد تُشكَّل على وقع تسويات كبرى تشمل حتى ملفات حساسة مثل سلاح حزب الله ثانيًا.
من هنا، يترسخ الانطباع بأن لبنان مقبل على مشهد سياسي مغاير تمامًا عمّا اعتاد عليه في السنوات الأخيرة، عنوانه سقوط تفاهمات قديمة وصعود تحالفات ومقاربات جديدة، يكون سمير جعجع أحد أبرز أبطالها، سواء من موقعه الحالي المعارض أو من داخل حكومة قد تأتي بها ضرورات التفاهم الإقليمي والدولي على وقع انهيارات متلاحقة في الداخل.
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|