هيكل: المؤسسة العسكرية ماضية قُدُمًا في تحمُّل مسؤولياتها ولن تتراجع مهما بلغت التحديات
هل قال بري “الأمر لي شيعيًّا”؟
تمرّ الساحة الشيعية في لبنان في فترةٍ حرجةٍ جدًا وخصوصًا بعد اتّضاح حجم العملية الأميركية التي نفذت أمس في إيران. وبالتالي، أصبح الواقع الشيعي اللبناني على مفترق طرق خصوصًا بعد كلّ الرسائل التي وصلت إلى لبنان وآخرها تلك التي حملها الموفد الرئاسي الأميركي طوم باراك الذي كان له اجتماع مميز مع رئيس مجلس النواب نبيه بري. فماذا في هذه الرسالة التي تلقاها الأخير من زائره الأميركي؟
تُفيد المعلومات بأنّ توماس باراك الذي هو من أصل لبناني، بدأ الخميس الماضي رحلة الاهتمام بالملف اللبناني خلفًا للموفدة السابقة مورغان أورتاغوس. وجاء بالرسالة بعدما عرّج على إسرائيل بما يفيد أنّ هناك مهلة معطاة للبنان عليه الاستفادة منها وهي فرصة لن تتكرّر وستُتيح تجنيب هذا البلد كلّ تداعيات الحرب الطاحنة التي بلغت الذروة في الساعات الماضية.
ويقول المتابعون للمحادثات التي أجراها الموفد الأميركي إنّه أبلغ المسؤولين الذين التقاهم بوضوحٍ لا لبس به أن عودته إلى لبنان ستكون بعد ثلاثة أسابيع (انقضى منها حتّى الآن 3 أيام)، على أن يشرع لبنان خلال هذه الأسابيع الثلاثة في تنفيذ برنامج يتّصل بتسوية سلاح “حزب الله” ليس فقط في منطقة جنوب الليطاني فحسب، ولكن أيضًا في كل لبنان، ما يعني أنّ هناك برنامجًا زمنيًا يجب على لبنان تنفيذه وينتهي إلى تسويةٍ نهائيةٍ فلا يعود هناك سلاح بيد “الحزب”، وتُصبح الشرعية اللبنانية محتكرة السلاح فلا يحقّ لـ”الحزب” أو لأي جهة أخرى حمل السلاح بعد الآن.
كان لافتًا، بحسب هذه المعلومات، المودّة التي سادت محادثات الموفد الرئاسي الأميركي مع رئيس مجلس النواب. وقد نُقل عن الموفد الأميركي أنّه أعجب بقدرة الرئيس بري على المتابعة وهو في عمره الحالي. وقال باراك عن بري أن الأخير يملك وضوحًا في التصوّر لجهة ما يجب اتخاذه من خطوات من أجل إنهاء محنة لبنان. ويقول الموفد الأميركي أنّ “الكيمياء” بينه وبين بري أصبحت متناغمة. وقد أكّد بري ما ذكره باراك فسارع إلى الإعراب عن ارتياحه الشديد لمحادثاته مع موفد الرئيس الأميركي. وأرفق بري كلامه عن اللقاء مع باراك بقوله إنّه “متأكد 200% بأنّ الحرب لن تصل إلى لبنان” وهذا أمر له دلالته.
في هذا التوقيت، كانت المفاجأة صدور بيان الأمين العام لـ”حزب الله” الشيخ نعيم قاسم والذي أعلن فيه الأخير أن “الحزب” لن يقف على الحياد في الحرب التي تخوضها إيران في هذه المرحلة. وبدا بيان قاسم وكأنّه نقيض لطمأنينة رئيس مجلس النواب من أن الحرب لن تقع في لبنان مجدّدًا. وعندما عُرض بيان قاسم على بري أشاح الأخير بيده وكأنّه يقول إنه ما زال عند قناعته بأنّ لا حرب ستقع مجدّدًا في لبنان. مضيفًا: “ألستُ أنا الأخ الأكبر كما يخاطبونني؟”
لكن، وبحسب المعلومات أيضًا، لا تسري طمأنينة بري على الآخرين ومن بينهم الموفد الرئاسي الأميركي. وبناءً على معطيات الأخير استنادًا إلى المحادثات التي أجراها في تل أبيب قبل وصوله إلى بيروت أنّه لا تزال هناك مخاطِر تتهدّد لبنان في حال نجحت محاولات زجّه في أتون الحرب بين إسرائيل وإيران. ولا تزال تجربة حرب الإسناد التي شنّها “حزب الله” في 8 تشرين الأول 2023 حاضرة.
وتذهب أوساط نيابية بارزة في مخاوفها إلى القول إنّ “حزب الله” ما زال يملك الأسلحة التي يستطيع من خلالها التصويب بدقّة على حيفا واستهداف حقل كاريش الإسرائيلي النفطي. وإذا اتُخذ قرار الحزب بفتح حرب إسنادٍ جديدةٍ فسيكون قراره إيرانيًّا بالكامل. ولا تأتي مخاوف الأوساط النيابية من فراغ، إذ تقول إنّ “حزب الله” أصبح الآن في وضعٍ لم يعد فيه يأبه بمخاطر خوض مغامرةٍ جديدةٍ على قاعدة المثل القائل “وما الغريق ليخشى البلل”. وستعني المغامرة المقبلة، في حال حدوثها بمثابة قرار الذهاب إلى الانتحار الذي سيذهب لبنان اليه أيضًا.
يتوقع المتابعون لهذه التطورات أن يتبلور موقف ما على مستوى العلاقة داخل الطائفة الشيعية في لبنان لا سيما بين الحليفَيْن الرئيس بري و”حزب الله”. لذلك، سيتّضح قريبًا ما إذا كان لبنان ماضٍ في اتجاه تنفيذ جدول الأعمال الذي طرحه الموفد الرئاسي الأميركي لجهة تطبيق القرار 1701. أو أنّنا ذاهبون مرة أخرى إلى مغامرة تسقط تنفيذ هذا القرار.
تقول المعلومات أيضًا إنّ الموقف الرسمي، أيًّا تكن التباينات التي ظهرت في الجلسة الأخيرة لمجلس الوزراء، مُتّخذ على أعلى المستويات وهو سيذهب في الاتجاه الذي رسمته خريطة الطريق التي احضرها موفد الرئيس الأميركي الى لبنان، ما يعني أن هناك ورشة عمل ستنطلق من تحضير خطوةٍ تتّصل بملف الأسرى اللبنانيين في إسرائيل. وكشفت أوساط مواكبة أن إحدى العُقد التي حالت دون الوصول الى إطلاق إسرائيل الأسرى اللبنانيين لديها هو دخول إيران على خط المطالب سواء في العراق أو في إسرائيل. وتتضمّن الورشة أيضًا خطواتٍ ميدانيةً في جنوب الليطاني وشماله وصولًا في المرحلة الأولى الى نهر الأوّلي الذي يحد صيدا شمالًا.
بالعودة الى عنوان المقال، يتّضح أيضًا، وبحسب المعلومات، أنّ بري كأنه بقوله “أنا الأخ الأكبر” يقول في الوقت نفسِه “الامر لي شيعيًّا”.
أحمد عياش -”هنا لبنان”
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|