الصحافة

صدّقوا ترامب.. لا عودة إلى الوراء

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

لم تبدأ الحرب الإسرائيلية على إيران إلّا بعد انتهاء مهلة الستّين يوماً التي أعطاها الرئيس الأميركي دونالد ترامب للتفاوض مع إيران، يوم كان المبعوث الخاصّ ستيف ويتكوف لا يزال يسعى إلى الوصول إلى تفاهم مع طهران بعيداً عن الذهاب إلى الحرب. يومها قرأ كثيرون في الضربة الإسرائيلية الأولى مباغتةً أو خدعةً قامت بها إسرائيل بالتعاون مع واشنطن، إلّا أنّ مصادر دبلوماسية من الإدارة الأميركية في واشنطن روت لـ”أساس” تطوّرات هذه الحرب. وبدأت الرواية بدعوة صريحة وواضحة لكلّ قادة ومسؤولي الشرق الأوسط: صدّقوا ما يقوله ترامب. فهو يفعل ما يقول. 

في الليالي السابقة، كان العالم ينتظر تدخّل الولايات المتّحدة الأميركية العسكريّ المباشر في الحرب. طال الانتظار حتّى ظنّ البعض أنّ واشنطن لن تتدخّل لأنّها تتجنّب تداعيات الحرب. إلّا أنّه وسط حيرة كلّ العالم، كان البنتاغون يدرس احتمالات الضربة وتداعياتها ويقدّمها على طاولة الرئيس الأميركي.

في المقابل، كانت مجموعة “الميغا” make America great again، وهي المجموعة الداعمة لترامب واللصيقة به، تدعو وتنصح بعدم الانخراط المباشر في هذه الحرب، على اعتبار أنّ شعار عهد ترامب هو اللاحرب والحصول على جائزة نوبل للسلام.

إقفال المضيق انتحار

إلّا أنّ ما فات البعض أنّ ترامب نفسه قال يوماً عبارة أرادها أن تكون رسالة مباشرة مفادها أنّ الوصول إلى السلام يمكن أن يكون أيضاً بالقوّة، وهذا ما أكّده مجدّداً أمس بعد الضربة مباشرة في قوله إنّ على إيران أن تختار السلام الآن، محذّراً من أنّها إذا لم تفعل فستكون الضربات المقبلة أعظم وأسهل بكثير.

انطلاقاً من هنا، تقول رواية واشنطن إنّ ترامب اليوم لا يريد لهذه الحرب أن تتّسع، بل يريد أن تكون ضربة واحدة قويّة وقاضية تؤدّي إلى فرض شروطه على إيران.

كان النقاش في واشنطن، قبل انطلاق طائرات الـB2 الأميركية من قواعدها، يتناول قدرة إسرائيل على الوصول إلى المنشآت النووية الإيرانية بسبل مختلفة عن الوسائل المتقدّمة التي تمتلكها أميركا، أكان عبر الموساد داخل إيران أو عبر الضربات المتتالية أو غيرها. غير أنّ ترامب أراد أن يستخدم القوّة ليؤكّد المؤكّد، وهو أنّ أميركا هي القوّة الكبرى في العالم وتستطيع فرض شروطها. وعندما قال إنّه يمهل إيران أسبوعين للتفاوض لم يقصد أنّه سينتظر أسبوعين، كما تقول رواية واشنطن، إنّما قصد بذلك أنّ طهران لديها أسبوعان حدّاً أقصى.

بعد الضربة، قال نائب ترامب إنّ قيام إيران بإقفال مضيق هرمز سيكون بمنزلة انتحار لها. وبحسب الرواية الأميركية لتطوّر الأحداث، هذا ما يجب أن تصدّقه طهران لأنّ نظامها أصبح على المحكّ.

سقوط جنيف ومستقبل المنطقة 

حاول الثلاثي الأوروبي إقناع طهران بالذهاب إلى تطبيق الشروط بعدما أصبحت فرنسا وبريطانيا في موقع المشاركتين في الدفاع العسكري عن إسرائيل وصدّ الصواريخ الإيرانية عنها.

كانت المفاوضات بمنزلة الفرصة الأخيرة التي كانت تمتلكها طهران قبل الضربة الأميركية. بعد خروج طهران من المفاوضات في جنيف متمسّكة بمطالبها قائلة إنّها لا يمكن أن تقبل بالتخصيب خارج أرضها، وإنّ مطالب أوروبا غير مقبولة، انتهت فترة السماح ووُضع قرار تنفيذ الضربة قيد التطبيق بانتظار التوقيت المناسب.

للمزيد من تأكيد الإشارات التي كان يرسلها ترامب ملوّحاً بالضربة، قال تعليقاً على المفاوضات: “it’s too late”، أي فات الأوان على التفاوض.

بعدئذٍ انطلقت طائرات الشبح الأميركية، ونُشر خبر أنّها نُقلت إلى المحيط الهادئ، قبل أن ينتشر خبر استهدافها لمنشآت فوردو ونطنز وأصفهان.

تضيف الرواية الأميركية أنّه بغضّ النظر عن كلّ الكلام الإيراني عن إخراج اليورانيوم من المنشآت، غيّرت هذه الضربةُ المعادلةَ بشكل كامل. دخول الولايات المتّحدة الأميركية الحرب ليس كما قبله. والمطلوب من طهران اليوم الامتثال لشروط الأميركي: أوّلاً عدم امتلاك أيّ نشاط نووي داخل إيران وتصفير التخصيب، وثانياً القضاء على نظام الصواريخ البالستية، وثالثاً تخلّي إيران عن كلّ نفوذها في المنطقة، من اليمن إلى العراق ولبنان.

لبنان في قلب الحرب

ليست هذه الشروط للتفاوض بل للتطبيق. وفي حال عدم استجابة إيران لهذه الشروط، ستضع واشنطن النظام الإيراني في دائرة الخطر. وعليه، تردّد الإدارة الأميركية في تصاريح لمسؤوليها بشكل مباشر أنّ أيّ ردّ عسكري من أيّ مكان، من طهران أو من الدول التي يمتدّ إليها نفوذها، ستكون تداعياته وخيمة جدّاً.

ماذا يعني هذا الكلام؟

يعني أنّ المنطقة سبق أن رُسمت ويُطبّق ذلك بالقوّة. وما دامت موازين القوى لا تسمح لأيّ طرف في المنطقة بمواجهة فائض القوّة الأميركية، فإنّ تطبيق الشروط الأميركية يجنّب المنطقة الحرب. وإذا اختارت القوى الخصمة لواشنطن مواجهة المخطّط، فسيواجَه ذلك بضربات متتالية ومتسارعة تريد منها الإدارة الأميركية الحسم انطلاقاً من إيران.

هل يحذو خامنئي حذو الخميني في حرب العراق يوم قال في 20 تمّوز عام 1988: “ويلٌ لي لأنّني ما زلت على قيد الحياة حتّى أتجرّع كأس السمّ بموافقتي على اتّفاق وقف إطلاق النار… وكم أشعر بالخجل أمام تضحيات هذا الشعب العظيم”، ويذهب إلى تنفيذ الشروط للمحافظة على النظام؟

أمّا لبنان فهو في قلب هذه الحرب. وأمامه أيضاً مسار جعلت واشنطن السير به قولاً وفعلاً ضرورةً قصوى.

آخر الغيث تحذير السفارة الأميركية رعاياها من عائلات الموظّفين من البقاء في لبنان، وهو تحذير أوّليّ تحضيريّ لما يمكن أن يكون مقبلاً على البلد. وهو ما سنفصّله في مقال آخر يُنشر غداً.

جوزفين ديب -اساس

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا