إطلاق إعادة تأهيل ساحة الشهداء في بيروت... عبود : خطوة إنقاذية لقلب العاصمة
وسط أجواء من الأمل والتطلع إلى مستقبل أفضل، انطلقت مساء الجمعة من وسط العاصمة بيروت ورشة إعادة تأهيل ساحة الشهداء وإنارة ساحة النجمة، تحت شعار "بيروت نبض الحياة"، برعاية رئيس الجمهورية العماد جوزف عون واللبنانية الأولى نعمت عون. هذا المشروع المموّل بالكامل من شركة "سوليدير"، يُفترض أن يُنجز خلال ستة أشهر، ليعيد بعضا من البريق إلى قلب المدينة الذي خفت نبضه في السنوات الأخيرة.
الاحتفال بإطلاق المشروع شكّل مشهداً جامعاً، في حضور حشد من الشخصيات السياسية والعسكرية والاجتماعية، تخللته إزاحة الستار عن لوحة تذكارية وجولة ميدانية في شوارع العاصمة، وسط أجواء وطنية شارك فيها الأطفال بأغانٍ لاقت تفاعلاً كبيراً من المواطنين. وأكد عون في كلمته أن "إرادة الحياة أقوى من التحديات"، مشدداً على أن "بيروت ستبقى منارة للصمود والثقافة، رغم التصعيد الإقليمي المتسارع".
وفي حديث إلى "النهار"، أضاء محافظ بيروت مروان عبود على خلفيات المشروع، مشيراً إلى أن "هذه الورشة ليست مستجدة، بل تعود جذورها إلى مشروع عمراني وضعته شركة "سوليدير" في التسعينيات ضمن خطة شاملة لإعادة إعمار وسط العاصمة بعد الحرب". وأوضح أن "المشروع حينها كان يتضمن إنشاء مواقف للسيارات تحت ساحة الشهداء، لكن ظهور آثار مهمة تحت الأرض أوقف الأشغال، وتراكمت بعدها الأسباب السياسية والإدارية التي أدت إلى تجميده لعقود".
ولفت إلى أن "هذه الورشة تعدّ اليوم خطوة إنقاذية بعدما تدهورت أوضاع ساحة الشهداء خلال السنوات الخمس الماضية. فقد تحوّلت إلى مساحة مهملة ومشوّهة، لا تليق برمزيتها ولا بدورها المركزي في ذاكرة اللبنانيين. وكان لا بد من خطوة ترميم تُعيد إليها كرامتها، فالأضرار التي لحقت بها كبيرة، سواء بسبب الاحتجاجات أو الإهمال أو غياب الصيانة".
وفي ما يتعلق بجدوى إنشاء مواقف جديدة، أوضح عبود أنه تمت إعادة تقييم الحاجة إليها، وتبيّن أن المواقف القائمة حالياً حول الساحة تكفي لتلبية الحاجات المستقبلية لمدة لا تقل عن عشرين عاماً. وبالتالي، تقرّر صرف النظر عن الحفر تحت الأرض، خصوصا أن الآثار المكتشفة تمنع أي تدخل عميق.
وأشار إلى أن المشروع الحالي سيُنفذ استناداً إلى دراسة أصلية وضعها المعماري العالمي رينزو بيانو، وقد أُجريت عليها تعديلات من استشاري لبناني حديث كي تُواكب تطورات المدينة وحاجاتها، وتم الاتفاق بين شركة "سوليدير" والدولة اللبنانية على أن تتحمل الشركة تمويل وتنفيذ المشروع، كجزء من التزاماتها القديمة التي تعود إلى اتفاق إنشائها في التسعينيات.
وأكد عبود أن "تنفيذ المشروع يتم بالتنسيق مع مجلس الإنماء والإعمار وبلدية بيروت، والورشة ستشمل تحسين المشهد الحضري، وإعادة تنظيم الأرصفة والإنارة، وترميم المساحات الخضراء، وتجميل الواجهات المحيطة، بما يعيد إلى هذه المساحة الحيوية طابعها الثقافي والتاريخي.
وسيسهم المشروع في إعادة تنشيط الحياة التجارية والسياحية في الوسط التجاري للعاصمة، وندعو اللبنانيين في الداخل والخارج إلى التفاعل مع هذه الخطوة والعودة إلى بيروت بثقة وأمل".
يشكّل مشروع "بيروت نبض الحياة" محاولة عملية لإصلاح جزء من المشهد المتعب في وسط العاصمة، بعد سنوات من التراجع والإهمال. ربما لا يكون كافياً لإحداث تغيير جذري، لكنه خطوة ضمن مسار طويل ومعقّد يتطلب التزاماً مستداماً وجهوداً متواصلة. إعادة تأهيل الساحات لا تعيد وحدها مدينة إلى مجدها، لكنّها على الأقل تذكير بما كان، وإقرار بالحاجة إلى ما يجب أن يكون.
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|