بالفيديو : الصواريخ الايرانية تستهدف "طمرة" في الجليل وتحوّل المباني إلى أنقاض
النسبيّة أنصفت المسيحيين: من يلعب بنار الاستقرار؟

فيما يترقّب لبنان تداعيات التصعيد في المنطقة والجنوب، ووقوف الدولة عاجزة رغم تصريحات المسؤولين التي تؤكّد حصر السلاح بيد الشرعية، تطفو الملفّات السياسية مجدّداً مع طرح تعديل قانون الانتخاب.
شكّل قانون الانتخاب على مرّ العصور مادة للتجاذب السياسي، يُصاغ حسب الموازين الداخلية، ويضع الفريق المنتصر القانون الانتخابي الذي يناسبه، لذلك كانت المحاسبة غائبة دوماً، ويحلّ محلّها الاقتراع على أساس الغريزة والتجييش الطائفي والمذهبي.
عاش لبنان فترة من الظلم والبطش بحق المكوّن المسيحي، وشهدت المرحلة ما بين انتخابات 1992 و 2005 أسوأ صياغة للقوانين الانتخابية حيث بات المسيحي ملحقاً بسبب الفجوة الديموغرافية التي حصلت والإبعاد السياسي فترة الاحتلال السوري.
أقرّ عام 2017 قانون النسبية على أساس 15 دائرة، وعاد جزء من التمثيل المسيحي، حتى قانون القضاء الذي كان مطلباً مسيحياً لم يعد يلبّي أدنى الحقوق المسيحية. فهو يسمح فقط باختيار 31 نائباً بأصوات المسيحيين يتوزّعون كالآتي: 10 نواب في أقضية الشمال المسيحي، 5 في كسروان، 8 في المتن الشمالي، 5 في بيروت الأولى، 3 في جزين. أما في بعض الأقضية ذات الأغلبية المسيحية مثل بعبدا وزحلة وجبيل، كان الصوت المسلم حاسماً نتيجة الديمقراطية الموجودة في الشارع المسيحي، والانقسام العمودي بين الفرقاء المسيحيين.
توجد ثغرات في أي قانون نتيجة التوزيع الخاطئ لبعض المقاعد، فعلى سبيل المثال، المقعد الماروني في طرابلس يجب نقله إلى البترون لأنه حق للقضاء، وثانياً عدد الناخبين الموارنة ضئيل جداً في طرابلس.
ساهم القانون النسبي في رفع التمثيل المسيحي، ويظهر هذا الأمر من خلال عدد المقاعد التي نالتها الأحزاب والتيارات والقوى المسيحية، ولم تعد بحاجة إلى أخذ رضى هذا الفريق أو ذاك لكي يمنحها مقاعد. وإذا شرّحنا القانون نجد ما يلي:
كان الصوتان الدرزي والسني طاغيين في دائرة الشوف وعاليه، وبعد إقرار النسبية بات المسيحي ينتخب 3 نواب في الشوف ويؤثر على المقعد الرابع. وفي عاليه هناك 3 مقاعد مسيحية، حيث بات المكوّن المسيحي قادراً على إيصال اثنين ويستطيع إيصال الثالث إذا ارتفعت نسبة الاقتراع. وبالتالي أصبح المسيحي يختار 5 نواب مسيحيين من أصل 7 في هذه الدائرة.
أما دائرة بعبدا التي يوجد فيها 3 مقاعد موارنة، فكان الصوت الشيعي هو الحاسم، وبعد إقرار النسبية أصبح بمقدار الصوت المسيحي إيصال النواب الموارنة الثلاثة.
وإذا كان المتن الشمالي بنوّابه الثمانية ينتخبون بأصوات مسيحية، فقد شكّلت جبيل مع كسروان دائرة انتخابية، وتحرّر الصوت المسيحي في جبيل وبات قادراً على إيصال النائبين المارونيين، وانتقلت المشكلة عند الشيعة بعد سقوط مرشّح «الثنائي الشيعي» في انتخابات 2018.
لم يتأثر الشمال المسيحي بأقضيته الأربعة لأنه كان ينتخب نوابه وفق الأكثري على أساس القضاء، وخفّ تأثير الصوت المسلم في بعض أقضيته. وبعد جعل طرابلس والمنية والضنية دائرة واحدة، بات الصوت المسيحي قادراً على إيصال مرشّح من أصل اثنين في طرابلس، مع وجود فائض في الأصوات المسيحية في المنية - الضنية من دون مقعد.
في عكار، هناك 3 مقاعد مسيحية، كان المرشحون يفوزون بفعل الصوت السني، وبعد إقرار النسبية أصبح بمقدار الصوت المسيحي إيصال نائبين. الأمر نفسه ينطبق على بعلبك - الهرمل، ففي هذه الدائرة مقعدان مسيحيان من أصل 10 مقاعد، وبعد إقرار النسبية أصبح مسيحيّو هذه المنطقة قادرين على إيصال نائب. أما في زحلة، فبات بإمكان الصوت المسيحي إيصال 4 نواب من أصل 5 للمسيحيين، وإذا ارتفعت نسبة المشاركة يستطيعون إيصال خمسة من خمسة. وفي البقاع الغربي وراشيا يستطيع الصوت المسيحي إيصال مرشح من أصل اثنين للمسيحيين.
في الانتقال إلى الجنوب، يستطيع الصوت المسيحي إيصال ثلاثة نواب مسيحيين من أصل ثلاثة في دائرة جزين- صيدا، أما في الزهراني، فبقي المقعد المسيحي تحت تأثير الصوت الشيعي بسبب تحالف «حزب اللّه» وحركة «أمل»، والأمر نفسه ينطبق على المقعد المسيحي في مرجعيون.
وشهدت العاصمة بيروت تحسّناً كبيراً بالتمثيل المسيحي بعد ضمّ المدوّر إلى الدائرة الأولى وبات المسيحي البيروتي ينتخب 8 نواب، ما صحّح التمثيل بشكل كبير، في حين بات قادراً على التأثير على نائب مسيحي من أصل اثنين في دائرة بيروت الثانية.
وبعد جردة على نتائج هذا القانون، يظهر أنه سمح للمكوّن المسيحي باختيار 54 نائباً مسيحياً من أصل 64 مقعداً، بينما هناك نحو 3 مقاعد يستطيع الصوت المسيحي اختيارها إذا ارتفعت نسبة التصويت، و 7 مقاعد يخفّ مستوى التأثير المسيحي عليها.
تخضع بعض المقاعد للتحالفات، وعندها تستطيع القوى المسيحية رفع مستوى التمثيل، وبالتالي دخلت المكوّنات المسيحية في معركة الحفاظ على هذا القانون والإبقاء على صوت تفضيلي واحد بدل اثنين مثلما يطرح رئيس مجلس النواب نبيه برّي.
ويسبّب الصوتان التفضيليان ضرباً للتمثيل المسيحي خصوصاً في الدوائر المختلطة، لأن عدد الناخبين المسلمين أكثر من المسيحيين، وما يريح الميزان الديموغرافي هو إقبال المغتربين على التسجيل والإبقاء على حقهم باختيار مرشحيهم في دوائرهم وعدم الذهاب نحو بدعة خلق دائرة انتخابية للاغتراب.
تتحضّر الأحزاب والتيارات والقوى المسيحية لمعارضة أي تغيير يمسّ جوهر القانون الحالي، وعلى الرغم من الاختلاف السياسي بين «القوات اللبنانية» و «التيار الوطني الحرّ» و «الكتائب اللبنانية» والفاعليات المسيحية، إلّا أن الموقف المسيحي موحّد في رفض تطيير القانون.
وتقف بكركي مع الأحزاب المسيحية في معركة الحفاظ على صحة التمثيل، لذلك من الصعب تخطي الإرادة المسيحية وفرض شروط إقصائية.
وبما أن البلد يقوم على التوازنات، فإن أي خلل سيؤدّي إلى تصعيد الموقف ويعدّ بمثابة لعب بنار الفتنة وضرب الاستقرار.
ألان سركيس
نداء الوطن
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|