"الحزب" لا يتعاون فماذا سيفعل العهد؟
بعد العدوان الأعنف الذي شنّه الطيران الإسرائيلي على الضاحية الجنوبية منذ إعلان وقف إطلاق النار عشية عيد الأضحى المبارك (5-6-2025) وما نتج عنه من تشريد للمواطنين وخسائر فادحة في المباني، يمكن اختصار المشهد السياسي والأمني والاستراتيجي وفق استنتاج واحد هو أنّ سياسة العهد والحكومة في ما يتعلّق بسلاح «حزب الله» غير الشرعي لم تثبت جدواها، وأنّ هناك إجماعاً، داخلياً وخارجياً، على أنّها بطيئة وغير فعّالة، وأنّ «الحزب» يأخذ ما يجري على سبيل الاستعلاء وتجاهل الواقع والوقائع، فهو بعد كلّ قصف إسرائيلي يردّد اللازمة الخشبية عن استمرار المقاومة، وهذا ما لا يمكن القبول باستمراره أبداً، لأنّه يهدِّد بإسقاط لبنان من معادلة الاهتمام الدولي والعربي، وبترك مصيره بين يدي أخطر حكومات الكيان الإسرائيلي.
الواضح أنّ رفض «حزب الله» الدخول في «حوار» جدّي حول تسليم السلاح يجعل موقف رئيسي الجمهورية والحكومة ضعيفاً وهشاً، ويجعل الإدانة للعدوان الإسرائيلي شكلية وغير قابلة للردع الدبلوماسي، وهذا ما بات يخصم من زخم العهد شعبياً وسياسياً، بينما يلوذ «الحزب» بالصمت أو بترديد الشعارات الفارغة أمام تصاعد العدوان على لبنان بسبب مغامراته العقيمة.
والأكيد الآن أنّ «حزب الله» لن يردّ على أيّ عدوان إضافي، حتى لو اغتال الإسرائيليون أمينه العام الحالي، مما يجعل سلاحه أداة تخريب متواصلة للأمن والسلم، ومصدر الإعاقة الأكبر لدخول لبنان مرحلة الاستقرار والإفادة من فرصة انفتاح المجتمع الدولي، كما تحصد قيادة سوريا الجديدة النجاحات الواسعة سياسياً واقتصادياً.
ما لا يُقال من أركان الدولة اللبنانية هو أنّ «حزب الله» يأخذ موقف المتفرج جنوب الليطاني، فهو يترك الجيش اللبناني والقوات الدولية يغرقون في عمليات البحث عن المواقع والمخازن والأنفاق، فإذا اكتشفوا شيئاً منها، فإنّ «الحزب» لا يأخذ موقف التصدّي، والحقيقة تقول إنّ «الحزب» لا يسلِّم سلاحه جنوب الليطاني ولا يتجاوب مع الجيش، ولا يقدِّم الخرائط والمعلومات التي تسهِّل عمله وتختصر الوقت، بل يحصل العكس، بحيث يستفيد «الحزب» من هذا الغرق في مستنقع البحث عن آلاف المواقع لتضييع البوصلة على الدولة اللبنانية.
لا يزال الجدول الزمني لتسليم السلاح ملتبساً والأرجح أنّه افتراضي، بحيث يقول البعض إنّه يُفترَض أن ينتهي قبل الانتخابات النيابية المقبلة، لكنّ الجميع يعلم أنّ «الحزب» لن يُقدِم على هذه الخطوة في هذا التوقيت لأنّه سيخسر شعبيته إذا بدأ تسليم السلاح، وفي حال قطع هذا التاريخ بدون إنجاز سيدخل البلد مرحلة التشكيك الكبير في جدوى كلّ ما يجري من حوار و»تبريد وتسخين» مع «الحزب».
يضع مبرِّرو التباطؤ في التعامل مع معضلة السلاح غير الشرعي بالحرص على تجنيب لبنان الحرب الأهلية، وهذا يعني أنّ «حزب الله» يضع سلاحه مقابل تفجير البلد بحرب داخلية، فضلاً عن تعريضه لمخاطر العدوان الإسرائيلي الدائمة، فهل حقاً يستطيع «الحزب» فتح حرب أهلية، وضدّ من سيخوضها؟
الحقيقة هو أنّه ليس لدى الشيعة، المفترض انشقاقهم، مكان يذهبون إليه، فـ «جيش» الحزب بات في حال يُرثى لها، و»القرض الحسن» تبخّرت أمواله، وتحالفات الثنائي الشيعي على المستوى الوطني تراجعت إلى حدودها الدنيا، فضلاً عن أنّ الجيش اللبناني اليوم في حال استقرارٍ وثبات، ويحظى بالإجماع الوطني عليه وتجاوز حدود الخطر بعد أزمة الانهيار المالي والسياسي.
لم يعد بالإمكان تأخير استحقاق تسليم السلاح، وليس من الصواب الانتظار والمراهنة على أن يأتي الحل من المفاوضات الإيرانية الأميركية، فالإسرائيليون يضغطون بعنف لإنهاء هذا الملف في إطار الشدّ والجذب بين إدارة الرئيس دونالد ترامب ورئيس الحكومة الإسرائيلية المتطرفة بنيامين نتنياهو، وهذا يهدِّد بتوسيع دوائر العدوان على البلد وبتصعيد أخطر وأكبر يضع لبنان تحت وطأة حربٍ إسرائيلية مستمرة.
انتهى وقت الحوار والتصريحات.. فالنار تقترب والمخاطر تتصاعد، وسياسة شراء الوقت أصبحت كاسِدة: «الحزب» لن يسلم سلاحه، فيا أركان الدولة ماذا أنتم فاعلون؟
أحمد الايوبي - نداء الوطن
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|