"الهيئة التشاورية".. جسم علوي جديد في سوريا ينذر بـ"صراع المجالس"
تخيم نُذُر انقسام في أوساط الطائفة العلوية بسوريا، مع إطلاق ما يسمى "الهيئة التشاورية للطائفة العلوية" والتي تضم ممثلين عن محافظات دمشق وحماة وحمص واللاذقية، فيما يبدو انشقاقا عن المجلس الإسلامي العلوي الذي يرأسه الشيخ غزال غزال، ومنافس له يحظى بدعم "خفي" من السلطات السورية في دمشق.
هيئة علوية "منافسة"
وشهدت مدينة حمص، الأحد، لقاءً تشاورياً موسعاً للمجالس العلوية في محافظات دمشق وحماة وحمص واللاذقية، نتج عنه الإعلان عن تشكيل "هيئة تشاورية للطائفة العلوية"، في خطوة وصفت من قبل المنظمين بأنها تهدف إلى ضمان مشاركة الطائفة في الحوار الوطني، والعمل على إنهاء الانقسام وتعزيز المصالحة المجتمعية.
وحسب البيان الختامي للقاء، فإن الهيئة التمثيلية الجديدة تضم ممثلين عن المجالس الدينية العلوية في المحافظات الأربع، مع غياب أو "تغييب" لمحافظة طرطوس الساحلية.
وتناط بهذه الهيئة مهمات تتعلق بالتشاور مع الحكومة السورية، ودعم السلم الأهلي، وتحقيق العدالة الانتقالية، والمطالبة بالإفراج عن المعتقلين، وتعويض المتضررين، وتحقيق المصالحة الوطنية الشاملة.
البيان الذي حمل توقيع كل من الشيخ صبحي الدين السلوم (رئيس مجلس حمص)، والشيخ حسين العباس (حماة)، والدكتور علي أحمد أحمد (اللاذقية)، والشيخ علي شعبان ضرير (دمشق)، أكد أن الهيئة لا تدّعي التمثيل المطلق، بل تنطلق من إرادة داخلية لمعالجة القضايا الراهنة، مشدداً على أهمية فتح قنوات الحوار بين جميع الأطراف.
غزال غزال يرد
وفي خطوة تصعيدية من قبل رئيس المجلس العلوي، أصدر رئيس المرجعية الروحية العليا للطائفة العلوية، الشيخ غزال غزال بيانا مكتوباً بخط اليد، أعلن فيه عزل رؤساء المجالس الدينية الأربعة المشاركين في اللقاء، واعتبر أن ما جرى "انحراف عن المسار"، واتهم بعض القائمين على المجالس الفرعية بـ"بيع القضية والتنكر لدماء الشهداء والمعتقلين".
وأشار غزال في بيانه إلى تشكيل "لجنة استشارية دينية جديدة" تمثل المحافظات كافة وتكون مسؤولة أمامه مباشرة، مؤكداً: "لا يُعترف بأي مجلس أو لجنة تدعي تمثيل الطائفة من دون إجماع علني وصريح من المكوّن العلوي".
كما صدر عقب ساعات من إعلان الهيئة التشاورية، بيان باسم "الشباب العلوي"، نشر عبر صفحة "الحقيقة السورية" في "فيسبوك"، عبّر فيه موقّعوه عن رفضهم الكامل لتشكيل الهيئة الجديدة، معتبرين أنها تمثل محاولة "لتفتيت الصف العلوي"، وتجاهُل المجلس العلوي القائم الذي يترأسه الشيخ غزال غزال، واصفين الهيئة الجديدة بأنها "تفتقر للإجماع وتهدد وحدة الطائفة".
وأكد البيان أن المطالب المطروحة في بيان الهيئة، كإطلاق المعتقلين وتحقيق العدالة "ليست جديدة"، بل كانت جزءاً من الخطاب العام للمجلس العلوي القائم، معبراً عن خشية من "محاولات موازية لخلق جسم بديل يهدد وحدة الصف".
ردود فعل شاجبة.. ومؤيدة
بيان الشيخ غزال غزال وما تبعه من حملات دعم، أثار أيضاً ردود أفعال حادة في وسائل التواصل الاجتماعي، حيث انقسم العلويون بين مؤيدين يعتبرون غزال "المرجعية الوحيدة للطائفة"، وبين رافضين وصفوه بـ"رجل المرحلة الماضية".
وفي منشورات تداولها نشطاء مؤيدون لغزال، تم التحذير من "مؤامرة لتشكيل مجلس علوي بديل"، متهمين مشايخ اللقاء التشاوري بـ"تنفيذ أجندات تهدف إلى تخدير الطائفة وإقناعها بالتخلي عن حقوقها".
من جهته، الدكتور مجد حيدر، نجل الروائي السوري حيدر حيدر، كتب منشورا لاذعا ضد الجسم الجديد، فقال "نحن أمام تحدي الزعران والشبيحة الذين كانوا يعملون لصالح النظام الساقط، والآن هم أنفسهم يعملون لصالح من عملوا على إسقاطه وإسقاط ما تبقى من ظلال الدولة، ولتكن الأشياء بمسمياتها، لتمييع الموقف الجلّي من مجازر الساحل التي تتجاوز بأعدادها الآلاف مما صُرح عنهُ رسمياً أو ماوثقته بشكل مؤكد منظمات حقوق الإنسان والمواقع المستقلة".
واتهم حيدر، مستشار الأسد السابق، ومستشار وزير الخارجية الحالي، خالد الأحمد، وقائد الدفاع الوطني في عهد النظام السابق، فادي صقر، بالوقوف وراء التجمع العلوي الجديد، مشيرا إلى أنهما "يعملان بدأبٍ وطموحٍ لا حدود له الآن لصالح هيئة تحرير الشام في محاولة لإخفاء ما أمكنهم من هول المجزرة المستمرة بحقِ أهلنا في الساحل"، وأيضاً لترهيب أي صوتٍ مستقل تحت راية مجالس طائفية يتم اختراعها وتشكيلها لشيوخ من الطائفة العلوية سبقَ وأن كانوا أعضاء في المؤسسات الأمنية للنظام السابق.
وقال إن "المجلس الجديد هو عبارة عن ضباط وصف ضباط وضيعين، تقاعدوا فتمّ توظيفهم كمشايخ يُسْدون الرُشدَ والطريق القويم للأجيال الجديدة من أبناء الساحل، في غياب أي حالة سياسية أو ثقافية تُبعدهم عن قطيع آل الأسد أو أيًّا كان من رموزٍ يأتمرون بأمرها، حتى لو كان جزّارهم، لصالحِ مالٍ قذرٍ يتسلل إلى جيوبهم ومصالح ونفوذ اعتادوا عليه من مشغلهم السابق لمشغلهم اللاحق"، حسب قوله.
في المقابل، رد معارضون لهذا الخطاب، قائلين إن الشيخ غزال غزال "نصّب نفسه مرجعية روحية من دون شرعية أو إجماع"، متهمينه بأنه "من بقايا النظام السابق"، وأن "مجلسه الجديد لا يمثل الطائفة بل يمثل منطق الهيمنة الدينية الفوقية".
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|