إضرابات وتحرّكات مرتقبة بالشارع... هل نقترب من انفجار اجتماعي؟
تنذر تحركات العاملين في القطاعين العام والخاص وإلى جانبهم المتقاعدين والمزارعين بانفجار اجتماعي ليس ببعيد. ففي وقت تعالت فيه أصوات العاملين في القطاع الخاص الذين تعرّضوا لخداع أرباب العمل بزيادات هزيلة أمام أعين وزارة العمل وعجز الاتحاد العمالي العام، تلقى موظفو الإدارات العامة "صفعة" بتحييدهم من قرار الزيادات التي أقرت لصالح القوى العسكرية ومتقاعديها الذين اعترضوا بدورهم على تدني قيمتها.
أمام تصاعد وتيرة اعتراض القطاعات، ووسط توجّه عام للنزول إلى الشارع، يأتي قرار رفع الضريبة على المحروقات الذي سينعكس حكماً على مستوى أسعار الاستهلاك بكافة مراحله ومستويات التضخم المتراكمة. ما سرّع من وتيرة الاحتجاجات، فانضمّ إلى العاملين بالقطاعين العام والخاص قطاعات أخرى على رأسها المتقاعدين والمزارعين الذين أعربوا بدورهم عن توجه للنزول إلى الشارع.
وليست الأزمة المعيشية وليدة اليوم كما لن تكون حلولها بين ليلة وضحاها، إنما تراكم الأزمات على مرّ السنوات الأخيرة وسياسة المماطلة والتسويف التي عانى منها العاملون وعموم اللبنانيين على مر الحكومات السابقة قد تجعل من الحلول الظرفية والمساعدات المؤقتة اليوم فتيلاً لنيران الشارع.
يطلق موظفو الإدارة العامة اليوم إضراباً تحذيرياً، ليس رفضاً لزيادة طفيفة على الرواتب أو حرمان من حوافز معيّنة إنما "لعدم اكتراث الحكومة بمطالبهم وعدم الإنصات للعاملين بالقطاع العام" على ما يقول رئيس رابطة موظفي الإدارة العامة وليد جعجع لا نطالب سوى بأن يرونا، سمعنا بالعمل على انتظام القطاع العام لكننا لم نر شيئاً حتى اليوم لا على المستوى المادي ولا المعنوي. ويضيف جعجع نحن كعاملين في القطاع العام أثبتنا جدّيتنا بالعمل إن خلال الحرب أو خلال الانتخابات البلدية رغم أننا نعمل باللحم الحي لكن في المقابل لم نتمكّن من الحصول على موعد مع الحكومة للتعبير عن مطالبنا وحاجاننا.
ويؤكد جعجع أنه ما لم يتم التجاوب مع العاملين بالإدارة العامة وإنصافهم "فالتحركات لن تقتصر على الإضراب التحذيري ولا الإضراب المفتوح إنما ستصل إلى التحرّك بالشارع" ولنضع حدّاً لهذا الجحيم المعيشي والظلم الاجتماعي، يقول جعجع.
ويأسف رئيس الاتحاد العمالي العام بشارة الاسمر الذي يدعم تحرك العاملين بالإدارة العامة، للظلم الذي يتعرّض له موظف القطاع العام "المستهدف بشكل أو بآخر ويتعرض لقرارات عشوائية كما حصل بالدوائر العقارية سابقاً والنافعة حين تم سحب الموظفين المشتبه بهم بالفساد إلى القضاء ولم تصدر بحقهم أحكاماً قضائية ثم تمت إعادتهم"، هذا بالإضافة إلى الرواتب المتدنية التي يتقاضونها.
وثمة من يتقاضى في القطاع العام اليوم بين 3 و4 ملايين ليرة فقط بالإضافة إلى بعض المنح والمساعدات لاسيما منهم من يعمل في وزارة الشؤون الاجتماعية والنافعة وغيرهم ممن يتبع قانون الضمان ولا يتبع قانون العمل وهؤلاء صلب الأزمة في القطاع.
وليست الرواتب المتدنية أسوأ ما يعانيه العاملون في القطاع العام، فمن يخرج من الإدارة العامة اليوم أو من المؤسسات العسكرية لا يزال يتقاضى تعويضه على أساس ما قبل العام 2019. كما أن كل الزيادات تدرج تحت خانة المساعدات الاجتماعية وليس في صلب الراتب، ما يعني أن الموظف اليوم يخرج من القطاع العام مُعدم.
قد لا تقتصر تحركات الشارع على موظفي القطاع العام، إذ أن ملف أجور العاملين في القطاع الخاص لم يغلق بعد، ولا يزال مرسوم زيادة الحد الأدنى للأجور إلى 28 مليون ليرة أمام مجلس شورى الدولة. فالمرسوم الذي أصر وزير العمل على إصداره رغم رفض الاتحاد العمالي العام له بسبب العبء الذي يحمّله للعمال، لا يزال على طاولة مجلس شورى الدولة ينتظر إبداء الرأي قبل دخوله حيز التنفيذ، على أمل إحقاق العدالة للعاملين ومراعاة التراتبية الوظيفية.
ويسترجع الأسمر ما حصل بملف الأجور ليشير إلى انحياز لجانب أرباب العمل "فوزارة العمل وعدت بإعادة النظر بطرح مسألة الشطور قبل نهاية العام علماً انه دائماً كانت تصدر زيادة الحد الادنى للأجور مع غلاء المعيشة، إذاً لماذا لا نطرحها الآن وما ضماناتنا لطرحها لاحقاً قبل نهاية العام" ويقول:"إن وزير العمل إيجابي بالتعاطي بملف العمال إنما الهيئات الاقتصادية غير مستعدة للتعاون والبحث بالشطور ولا اي تقديمات أخرى".
وأخطر ما لمسه الاتحاد العمالي في ملف الأجور، على ما يقول الأسمر، هو "وجود تعاون خفي بين بعض أعضاء الحكومة وأصحاب العمل" وينتقد ما حصل مؤخراً بعد زيادة الضريبة على المحروقات "حين خرجت أصوات حكومية مباشرة تقول أنه يجب إعفاء الصناعيين من تلك الزيادات، ونحن نقول أنه يجب إعفاء كافة المواطنين من تلك الزيادات".
ويشدّد الأسمر على "امتداد التحالف بين أصحاب العمل وبعض أعضاء الحكومة إلى كل القطاعات والمجالات" ويقول "لذلك نحن متّجهون إلى الشارع".
وبين القطاعين العام والخاص المتّجهين إلى الشارع لرفع مطالب معيشية ارتفعت أصوات المزارعين بالأمس الذين اعترضوا على ضريبة المازوت بالقول أنها "ترهق كاهل القطاعات الإنتاجية وفي مقدمها القطاع الزراعي الذي يعتمد بشكل أساسي على المازوت في إنتاجه خصوصاً في أيام الري حالياً". ولوّح تجمع المزارعين بالنزول إلى الشارع ما لم يتم التراجع عن ضريبة المحروقات. وقبل المزارعين أعرب المتقاعدون العسكريون عن رفضهم للزيادات التي أقرت مرخراً كمنح بقيمة 12 مليون ليرة وأعلنوا عن تنظيم تحركات اعتراضية في الشارع قريباً. كما أعلنت اتحادات ونقابات قطاع النقل البري عن توجّهها لتحركات تصعيدية في مواجهة ضريبة المحروقات.
وليس مستبعداً ان تنسحب الاعتراضات وتحركات الشوارع على قطاعات أخرى في الأيام المقبلة، ما ينذر بانفجار اجتماعي وشيك، لاسيما أن المحروقات تدخل في كافة مناحي الاقتصاد وتقع في نهاية دورة الإنتاج على عاتق المواطن الذي بدوره سيتحمّل عبء التضخّم المتراكم.
المدن - عزة الحاج حسن
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|