الثوابت الحاسمة للإدارة الأميركية: نفذوا المطلوب وإلا...
يبدو أن الإدارة الأميركية تعمل على إعادة هيكلة مجلس الأمن القومي تمهيداً لمرحلة جديدة، لن تكون مغايرة للمرحلة السابقة في إطار التعاطي مع ملفات الشرق الأوسط ومن ضمنها لبنان.
فقد علمت "نداء الوطن" من مصادر داخل البيت الأبيض، أنه سيتم استبدال مسؤولين يتعاطون مباشرة مع الجسم الصحافي، وتحديداً في ملف لبنان، على أن تحدد الأسماء الجديدة الثابتة بعد أسبوعين، ويبقى التعاطي مع الأسماء الحالية حتى الأسبوع المقبل بشكل موَقت.
على خط متصل، أكدت المصادر عدم وجود تاريخ محدد لأي زيارة قريبة ومعلنة لنائبة المبعوث الأميركي مورغان أورتاغوس.
وفي هذا السياق، كانت القناة 14 الإسرائيلية أعلنت أن أورتاغوس ستغادر منصبها قريباً ووصفت الخطوة بأنها "ليست خبراً جيداً لإسرائيل"، نظراً إلى الدور الذي أدّته أورتاغوس في دعم جهود نزع سلاح "حزب الله".
وفي الموازاة، كشفت القناة الإسرائيلية عن طرد ميرف سارين، وهي أميركية من أصل إسرائيلي كانت تتولى مسؤولية "ملف إيران"، إلى جانب إريك تراجر الذي أشرف على ملفات "الشرق الأوسط وشمال أفريقيا" داخل مجلس الأمن القومي الأميركي. وكان الاثنان يُعدّان من أبرز الداعمين لـ "إسرائيل" في الإدارة الحالية.
هذه المتغيرات لا يعتقد المراقبون أنها ستغير من نهج واستراتيجية ترامب تجاه الملف اللبناني و"حزب الله"، لأنها تأتي في سياق نهج ترامب القائم على تقليص نفوذ مجلس الأمن القومي لمصلحة إدارة السياسة الخارجية من قبل مجموعة ضيقة من المقربين. في أي حال، يُنتظر ما إذا ستكون لأورتاغوس زيارة أخيرة إلى بيروت تردد أنها ستكون حاسمة، لا سيما لجهة المطالب الأميركية.
فماذا تريد الولايات المتحدة من لبنان مع أورتاغوس ومع من سيخلفها أيضاً؟
تؤكد واشنطن مدعومة من شركائها الدوليين والعرب على طرح رؤيتها الواضحة: "لا دعم دون إصلاح، ولا استثمار دون سيادة، ولا تعافٍ دون انخراط لبنان في الشرعية الإقليمية والدولية، علماً أن تصريحات أورتاغوس عكست صراحة غير مسبوقة في تحديد الشروط الأميركية الثابتة مهما حصل من متغيرات: نزع السلاح غير الشرعي، إصلاح اقتصادي شامل، ضبط الحدود. فواشنطن لم تعد ترى في لبنان دولة صغيرة هامشية، بل مساحة اختبار للنفوذ، والاستقرار، وإعادة هندسة النظام الإقليمي.
من هنا يأتي قرار زيادة الضغط الخارجي على لبنان للإسراع في عملية سحب الأسلحة، ووضع جدول زمني واضح لذلك، من جنوب الليطاني وشمال الليطاني وصولاً إلى البقاع. ويستتبع ذلك فوراً مسار تثبيت ترسيم الحدود البرية، وإنهاء ملف ترسيم الحدود البحرية. بعدها يصبح ملف إعادة الإعمار على طاولة البحث.
المعادلة الدولية الثابتة التي لا يريد أن يفهمها "حزب الله": إصلاح شامل مقابل الانفتاح.
لم يعد مقبولاً، بنظر واشنطن والخليج وأوروبا، أن يستمر لبنان كدولة شبه مفلسة تدور في فلك اقتصاد ظلّ وسلاح موازٍ. لذلك، أصبح واضحاً أن أي انخراط دولي في دعم لبنان مشروط بخارطة إصلاح شاملة وعملية، تشمل:
• حصر السلاح بيد الجيش اللبناني.
• تطبيق القرار 1701 وفرض السيادة على كامل الحدود.
• الإصلاح المصرفي والمالي وإقفال بما يوصف بـ "مغارة القرض الحسن".
• إصلاح الإدارة العامة .
• تعزيز القضاء المستقل.
خريطة الطريق: محاور الإصلاح المطلوبة التي تبلغ بها المسؤولون في لبنان:
1. إصلاح الشراء العام
يمثل الفساد في الصفقات العمومية أحد أبرز أوجه الهدر. المطلوب رقمنة المناقصات، تعزيز دور هيئة الشراء العام، ووضع حد للامتيازات الخاصة لبعض الإدارات.
2. إصلاح النظام المصرفي
رفع السرية المصرفية، وإعادة هيكلة المصارف، وهي خطوات لا غنى عنها لاستعادة الاستقرار المالي.
3. إصلاح الإدارة العامة
المطلوب هو تفعيل مجلس الخدمة المدنية، اعتماد التوظيف بالكفاءة، والانتقال إلى الإدارة الرقمية.
4. إصلاح الأجهزة الأمنية
المساعدات الأمنية الغربية مرهونة بتحقيق شفافية داخل الأجهزة، توحيد غرف العمليات، ومنع استغلال القوى الأمنية لتصفية حسابات سياسية أو مذهبية.
5. عقيدة دفاعية وطنية موحدة
الجيش اللبناني ينهي منطق الازدواجية بين السلاح الشرعي وغير الشرعي، ويعيد ترسيم حدود القرار العسكري تحت سقف سيادة الدولة لا الولاءات.
6. ضبط الحدود وإنهاء التهريب
فالمعابر غير الشرعية تموّل اقتصاداً موازياً يخدم مصالح سياسية وأمنية خارجية. مكافحة التهريب الجمركي والمالي باتت ضرورة ملحة.
7. إصلاح قطاع الطاقة
من أبرز مطالب المجتمع الدولي، تحرير قطاع الكهرباء من الفساد السياسي، وذلك يتطلّب تفعيل الهيئة الناظمة، خصخصة جزئية لإنتاج وتوزيع الكهرباء.
الرؤية الاستراتيجية: من الحياد إلى المحور
لبنان لا يمكنه البقاء على هامش الصراع الإقليمي. عليه أن يختار: الانضمام إلى محور الاعتدال العربي بقيادة السعودية، أو الاستمرار في التماهي مع محاور تصادمية أدخلته في العزلة.
ترى الولايات المتحدة أن انخراط لبنان في مشروع استقرار إقليمي يشمل الطاقة، النقل، الأمن الغذائي والتكامل الاقتصادي، هو الضمان الوحيد لبقائه ضمن الدول القابلة للحياة لا الفوضى. لذلك يُطلب اليوم من لبنان ما طُلب من بغداد بعد عام 2003: إصلاح المؤسسات، نزع السلاح الموازي وتأمين عدالة التمثيل السياسي والاقتصادي. الفارق أن لبنان ما زال يملك هوامش تفاوض وفرصاً للإنقاذ.
لبنان أمام مفترق طرق
بين الانهيار والاستنهاض، يقف لبنان في لحظة حاسمة. أمامه فرصة فريدة: أن ينخرط في منظومة الشرعية العربية والدولية، وأن يُعيد بناء دولته على أسس السيادة والعدالة والشفافية، أو أن يواصل التآكل الداخلي، وأن يبقى دولة عاجزة، تتقاسمها المصالح.
في المحصلة، تتغير أسماء في التعاطي مع ملف لبنان لكن السياسة الأميركية واحدة: نفذوا المطلوب وإلا....
نخلة غضيمي -نداء الوطن
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|