الصحافة

"المال" مصرّة على رسوم المحروقات لتمويل زيادات العسكريين... ولو بقانون

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

أشعلت الرسوم الإضافية التي أقرها مجلس الوزراء في 29 أيار/مايو الماضي على المحروقات لتغطية الزيادات للعسكريين ومتقاعديهم، السجال مجددا حول صلاحيات الحكومة في إقرار رسوم ضريبية، والحكمة من اختيار أكثر المواد المستوردة، ذات الحساسية المالية والاجتماعية، لرفع أسعارها في ظل الأزمة الاقتصادية الخانقة.

وفيما أوقف مجلس الشورى تنفيذ القرار لمزيد من الدرس، بعدما استطاعت الحكومة جباية نحو 30 مليون دولار في الفترة القصيرة التي تم تطبيق القرار فيها، يتركز البحث اليوم على سبل تأمين تغطية للزيادة. وقد سربت مصادر عدة نية الحكومة العودة إلى تطبيق الرسم الإضافي على مادة المازوت فقط، بما أثار الكثير من الاعتراضات والمناشدات لعدم اللجوء مجددا إلى المحروقات من أجل تحصيل إيرادات جديدة. فمادة المازوت، كما البنزين، من أكثر المواد تسببا بـ"التهاب" الأسعار والشارع، وتقع على تماس اقتصادي مباشر مع الإنتاج الصناعي والزراعي، وخصوصا مع فواتير المولدات التي ارتفعت كلفتها بارتفاع حرارة الجو.

واستنادا إلى عضو نقابة أصحاب محطات المحروقات جورج البراكس، يستهلك لبنان نحو 5 ملايين ليتر مازوت يوميا، ما يعادل 92 مليون صفيحة سنويا تقريبا". هذه الكمية يمكنها أن تعود على الخزينة، في حال تطبيق الرسم الإضافي عينه الذي أقرته الحكومة، بـ 1.94 سنت على كل صفيحة، بـنحو 177 مليون دولار سنويا. علما أن لبنان استهلك عام 2024 نحو 135 مليون صفيحة من المازوت، بسبب ارتفاع نسبة التهريب نحو سوريا. وإذا ما استمر ذلك عام 2025، فقد تصل جباية الدولة من صفيحة المازوت فقط إلى نحو 262 مليون دولار سنويا.

الرسم الجديد الذي يعادل نحو 11.5 % من سعر صفيحة المازوت، سيضاف إلى ضرائب ورسوم أخرى تستوفيها الدولة على كل صفيحة، ومنها الضريبة على القيمة المضافة. فهل يمكن أن يمر هذا الرسم مجددا، بعدما تسرب إصرار وزارة المال على تطبيقه؟ وفي حال تراجع الوزارة عن موقفها، إلى أي مصادر دخل جديدة للخزينة يتوجه مجلس الوزراء؟ وأكثر الأسئلة حساسية: هل تتوقف الزيادة عن العسكريين، في ظل الدور المتعاظم للأجهزة الأمنية في هذه الفترة "الملتهبة" سياسيا؟

مع التزام لبنان "نصائح" المؤسسات الدولية وفي مقدمها صندوق النقد، بعدم اللجوء إلى صرف أي اعتمادات غير مغطاة مسبقا، بعائدات مالية كاملة ومستدامة تمنع سقوط الموازنة العامة في العجز القاتل مجددا، تؤكد مصادر وزارة المال لـ"النهار" أنه إذا أصر مجلس الشورى على موقفه، فإن الوزارة بدورها مصممة على فرض ضرائب أخرى "سريعة"، انطلاقا من ان تمويل الزيادات للعسكريين لن يتوقف مهما كلف الأمر. علما أن التوجه هو لفرض الضريبة بقانون سيدرج في موازنة 2026، ولا سيما أن الاوساط النيابية تشير الى ايجابية لتشريعه.

وفيما يعبّر وزير المال ياسين جابر عن تفاؤله بأن "المراجعة المقدمة أمام مجلس شورى الدولة ستفضي إلى إعادة العمل بالرسوم، خصوصا أن الملف متماسك ويستند إلى صلاحية السلطة التنفيذية في التشريع الجمركي، من دون الحاجة إلى إحالة مشروع قانون على مجلس النواب، يتخوف الخبير الاقتصادي والمالي غسان الشماس من الانعكاسات المباشرة على مختلف القطاعات الإنتاجية في لبنان جراء فرض الضرائب على المحروقات. فلبنان من أكثر دول العالم استهلاكا للمحروقات للفرد الواحد، لغياب قطاع نقل عام فعال. عدا عن أن أي زيادة على المحروقات سترفع تلقائيا كلفة الإنتاج الزراعي والصناعي، لأن النقل يعدّ أساسيا في دورة الإنتاج. كما أن الكهرباء الإنتاجية، سواء في المصانع أو المتاجر أو المنازل، ستتأثر مباشرة بزيادة هذه الضريبة، نظرا إلى اعتمادنا شبه الكامل على المولدات الخاصة".

ويؤكد أن "الأثر الأكبر سيكون على القطاعات الإنتاجية، لأن القطاعات الاقتصادية وخصوصا الصناعة والزراعة تعتمد على المولدات الخاصة لتأمين الطاقة، وتاليا فإن زيادة كلفة المازوت ستثقل كاهل المصانع الصغيرة والمتوسطة (SMEs) التي تستهلك آلاف الليترات من المازوت سنويا".

غير أن لهذه الزيادة جانبا إيجابيا محتملا، في رأي الشماس، إذ "قد تدفع الناس والشركات إلى البحث عن بدائل للطاقة، وفي مقدمها الطاقة الشمسية. فالتحول إلى الطاقة المتجددة من شأنه أن يخفض استهلاك المحروقات، ويخفف الضرر البيئي ويقلل الكلفة على المدى الطويل".

من الناحية المالية، تشير التقديرات إلى أن الضريبة ستؤمن ما يقارب 600 ألف دولار يوميا، أي نحو 18 مليون دولار شهريا، وقد تصل إلى أكثر من 150 مليون دولار سنويا. وهذه المبالغ كافية لدعم القوات المسلحة مباشرة. ولكن في المقابل، يوضح الشماس أن "ارتفاع كلفة الإنتاج سيضعف تنافسية الاقتصاد اللبناني ويخفض كفايته، خصوصا في ظل محدودية القدرة على التصدير بسبب ارتفاع الأسعار".

سلوى بعلبكي - النهار

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا