الصحافة

إنهاء "اليونيفيل": مهمّة مستحيلة

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

يَجزم مطّلعون بأنّ زيارة الموفدة الأميركية مورغان أورتاغوس المرتقبة للبنان ستشمل في جزء منها ملفّ التجديد لقوّات الطوارئ الدولية “اليونيفيل”، في ظلّ تزايد الضغوط الدولية على لبنان على مستوى تسليم السلاح والإصلاحات. حتّى الساعة، تتقاطع كلّ المعطيات عند حدّ التأكيد أنّ الاستغناء عن خدمات “اليونيفيل”، بوصفه مطلباً إسرائيليّاً بالدرجة الأولى، ليس بالأمر السهل.

في 28 آب الماضي، تاريخ التجديد لقوّات “اليونيفيل”، وسط اشتداد “الكباش” العسكري بين إسرائيل و”الحزب”، وقبل شهر واحد تماماً من اغتيال الأمين العامّ لـ”الحزب” السيّد حسن نصرالله، قال روبرت وود نائب السفير الأميركي لدى الأمم المتّحدة: “من الآن فصاعداً، نحتاج إلى التصدّي للطرق التي يعيق بها “الحزب”، وجهات ضارّة أخرى، التنفيذ الكامل للقرار رقم 1701، ويحدّون من قدرة “اليونيفيل” على تنفيذ عملياتها بحرّيّة، ويهدّدون قوّات حفظ السلام”.

“مشروع التصدّي” لـ”الحزب” جنوباً، من خلال عمل “اليونيفيل”، شكّل دوماً مطلباً إسرائيلياً-أميركياً، وجد مبرّرات إضافية له في تداعيات حرب الإسناد، و”تنكيل” إسرائيل بقرار وقف إطلاق النار، والتزام لبنان من جانب واحد بتنفيذه. والأهمّ، تصرّف العدوّ على أنّه صاحب مصلحة كبرى في جعل الجنوب السوري، وجنوب لبنان، منطقتين خاليتين تماماً من UNDOF وUNIFIL، كي يتمكّن من تنفيذ أجندة السيطرة والتوسّع على حدوده الشمالية والشرقية.

برّي: مع “اليونيفيل”

في الآونة الأخيرة تزايدت الضغوط الأميركية – الإسرائيلية على لبنان، في ملفّ السلاح والإصلاحات والتلويح بإنهاء مهامّ “اليونيفيل” أو تقليص عددها تحت حجّة تقليص النفقات.

هذا “اللوبي” الضاغط الذي يجد من يسوّق له في الداخل اللبناني، سياسيّاً وإعلاميّاً، و”يُحمّل” أورتاغوس “عصا المحاسبة” على التقصير، من رئيس الجمهورية ونزولاً، ويُهدّد بحرب إسرائيلية وشيكة إذا لم يتمّ التزام الأجندة المطلوبة، تقابله غرفة عمليات أميركية – دولية تتعاطى بواقعية أكبر مع عناوين المرحلة، بعيداً عن صخب التهويل والتهديد، في ظلّ تباعد أميركي- إسرائيلي في شأن ملفّات إيران وغزّة وسوريا.

قد تكون نهاية آب المقبل المعركة الأصعب للبنان منذ عام 2006 لفرض خيار الإبقاء على مهامّ “اليونيفيل” في ظلّ موقف رسمي لبناني يتقدّمه حليف “الحزب” الرئيس نبيه برّي الذي يُعلن تمسّكه بمهامّ قوّات حفظ السلام، ويستنكر الاحتكاكات التي حصلت أخيراً بين الأهالي في الجنوب وقوات “اليونيفيل”، ويُصنّفها في سياق “الأخطاء التي قد تستفيد منها الأطراف الساعية إلى إنهاء مهامّها أو تقليص عددها”. هذا مع العلم أنّ ملف التجديد لليونيفيل شكّل أحد عناوين اللقاء الذي جَمَع الرئيسين جوزف عون ونبيه بري أمس في القصر الجمهوري.

تقليص العدد… قريباً

تقول مصادر لبنانية بارزة، على اطّلاع على كواليس التحضير لـ”استحقاق آب”: “لكثير من الاعتبارات لن يكون ممكناً راهناً أخذ القرار بإنهاء مهام “اليونيفيل” أو تقليص عددها بشكل كبير. ما سيحدث، وفق آخر المعطيات، هو تغيير طفيف في بعض النصوص الذي لن يكون له تأثير على أرض الواقع. فالتوجّه الأمميّ الجدّيّ، المدعوم أميركياً، هو منح الجيش المزيد من مساحة العمل لإنجاز دوره واستكمال انتشاره، بمؤازرة مستمرّة من “اليونيفيل”. فأيّ تعديل محتمل لن يكون إلّا في سياق دعم القوى الشرعية، على رأسها الجيش، في ظلّ خطّ أحمر عريض، يسمعه كلّ الموفدين الدوليّين من رئيس الجمهورية، هو تجنّب الصدام العسكري أو فرض أيّ خيار بالقوّة”.

لكن تحت عنوان “تقليص النفقات” الذي تلتزمه إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لكلّ برامج المساعدات والتمويل، ووصول “حمّى” الـcut budget إلى مفوضيّة الأمم المتّحدة لشؤون اللاجئين UNHCR، التي أبلغت أخيراً الدولة اللبنانية توقّفها الكامل عن التغطية الاستشفائية للنازحين السوريين بدءاً من تشرين الثاني المقبل، ضمن سياق مسار الضغط نفسه، تؤكّد المعلومات أنّه بعد إنجازالتجديد لـ”اليونيفيل” في آب، بناءً على تعديلات محدودة، سينطلق عمل جدّي من داخل أروقة الأمم المتّحدة لدراسة الجدوى الاعتيادية سنويّاً، أو التحقيق inquiry، التي قد تفضي على الأرجح إلى تقليص أعداد جنود حفظ السلام.

الفصل السّابع؟

هنا يسلّم كثيرون بأنّ عدد جنود “اليونيفيل” ليس مُهمّاً، بل الدور والفعّاليّة. صحيح أنّ قراراً كهذا ستكون له تأثيرات مالية سلبية تبدأ من البقعة الجنوبية التي تستفيد بشكل كبير من الحركة الشرائية والاقتصادية للقوّات الدولية، لكنّ تقليص العدد سيعني مباشرة منح دور أكبر للجيش وتعزيزه. أمّا الحديث عن قوّة نخبة عسكرية دولية تُنفّذ بالقوّة القرار 1701، فيتنافى مع “عصر النفقات”، ومع الرضى الدولي عن عمل الجيش جنوب الليطاني، وسيتمّ التصدّي له في مجلس الأمن. هذا مع العلم أنّه تمّ تداوله خلال زيارات أورتاغوس الأولى للبنان، ولم يأخذ منحى جدّيّاً.

يقول معنيّون: “أمّا هناك قوّات حفظ سلام أو فرض سلام؟ تحت الفصل السابع، بوجود الجيش يعني إلغاء دور الجيش، وليس هذا الهدف أميركيّاً ودوليّاً، بل العكس تماماً، وفق الآليّة التنفيذية للقرار 1701 التي تقول إنّ الجيش يجب أن يكون السلطة الوحيدة جنوباً”.

كان لافتاً خلال مشاركة قائد قوّات “اليونيفيل” أرولدو لازارو في الاحتفال بـ”اليوم الدولي لحفَظة السلام”، بحضور قائد قطاع جنوب الليطاني العميد نقولا تابت، قوله إنّ “إحدى الخطوات المُهمّة في الأشهر الأخيرة كانت نشر المزيد من جنود الجيش اللبناني في الجنوب، ويجب الحفاظ على وجودهم، بصفتهم الضامن الوحيد لسلطة الدولة وأمنها، ولهذا لا بدّ للأفرقاء الدوليين من الاستمرار في تقديم المساعدات”. وقال لازارو إنّ “الوضع على طول “الخطّ الأزرق” لا يزال متوتّراً، وأيّ خطأ قد يؤدّي إلى عواقب وخيمة”، مشيراً إلى “الانتهاكات الإسرائيلية المتكرّرة”.

تتضافر حتّى الساعة كلّ المعطيات التي تجعل من تطيير “اليونيفيل” في آب المقبلmission impossible. فتوجُّه الحكومة الذي سيُترجم بكتاب رسمي إلى مجلس الأمن هو التمسّك بتفويض “اليونيفيل” من دون أيّ تعديل في المهامّ. ويعكس لازارو موقفاً دوليّاً شفّافاً يفيد بأنّ “المانع لتحقيق الاستقرار هو الاحتلال الإسرائيلي المستمرّ، فيما الجيش يقوم بمهامّه وواجباته”. ومن جهتها ستقف فرنسا وروسيا والصين بوجه أيّ قرار يُشكّل انقلاباً على مهامّ “اليونيفيل”، ويجعل الجنوب ساحة مستباحة لإسرائيل، فيما سيبرز الدور الفرنسي للتوصل إلى صيغة تسوية تحمل تأجيلاً عملياً، للقرار الحاسم في المستقبل بإنهاء خدمات “اليونيفيل”.

من جهة أخرى، تقول مصادر لبنانية رسمية لـ”أساس” إنّ “التطوّرات الأخيرة تدخل في سياق الضغط على الجيش والسلطة والحكومة ورئيس الجمهورية من أجل التزام أجندة متشدّدة، ليست بالضرورة هي الانعكاس الحقيقي لمداولات الكواليس. هذا مع العلم أنّ العديد من الموفدين الدوليين فوجئوا بصلابة الموقف اللبناني تجاه هذه الضغوط، الذي ينطلق من واقع أنّ أيّ شيء إضافي مطلوب من لبنان مرتبط أوّلاً بانسحاب الجيش الإسرائيلي ووقف الاعتداءات وعودة الأسرى، وفي الوقت الذي يتمسّك فيه رئيس الجمهورية بأن يكون الحوار مع “الحزب” مدخلاً حتميّاً لحسم مصير السلاح، وإن كان المعطى الإيراني – الأميركي له تأثيراته الحتميّة”.

ملاك عقيل - اساس ميديا

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا