نتائج آليّة التّعيينات تعكّر هدوء الحكومة
بعد إنجاز التعيينات الأمنيّة والعسكرية، وتعيين حاكم جديد لمصرف لبنان، ورئيس لمجلس الإنماء والإعمار، يقرّ مجلس الوزراء في جلسة تُعقد في القصر الجمهوري اليوم، ضمن البند 10 (تعيينات مختلفة)، “ملحق” التعيينات المرتبطة بمجلس الإنماء والإعمار، إضافة إلى المدير العامّ لهيئة أوجيرو. إلى جانب الأهمّية الاستثنائية لتعيينات، عيون المجتمع الدولي “مفتّحة” عليها.
وفق معلومات “أساس” شكّلت آليّة التعيينات الإدارية إحدى نقاط التباعد أو الاختلاف في مقاربة مفهوم إدارة الدولة بين رئيسَي الجمهورية جوزف عون والحكومة نوّاف سلام. قد يكون تفرّد رئيس الحكومة بإعلان التوجّه لإنشاء مقرّ خاصّ لاجتماعات مجلس الوزراء تطبيقاً لاتّفاق الطائف، وتصدّي فريق رئيس الجمهورية له، أوّل الاحتكاكات الصامتة بين الرئيسين. لم يستغرق الأمر سوى أيّام قليلة ليقتنع سلام بأنّ الأمر غير وارد لاعتبارات أمنيّة، ولوجود أولويّات لدى الدولة أهمّ من التفتيش عن مقرّ خاصّ لمجلس الوزراء.
راهناً، بات رئيس الجمهورية أكثر اقتناعاً بأنّ التعيينات الإدارية، المرتبطة حصراً بالمواقع الأساسيّة في الدولة، لم تكن بحاجة إلى مظلّة آليّة التعيينات، إذ لمجلس الوزراء قدرة على التوصّل إلى أفضل الأسماء، ولناحية اختصار الوقت أعاقت هذه الآليّة صدور التعيينات الضرورية بالسرعة المطلوبة، وبسبب قناعة رئيس الجمهورية بأنّ أيّ عهد يأتي بفريق عمله الخاصّ بناءً على معطيَين: الكفاية والثقة. عندها يصبح العهد مسؤولاً، كما مجلس الوزراء، بشكل مباشر عن التعيينات، وتُحاسب الحكومة على أساس هذه الخيارات.
أسئلة وزاريّة
أكثر من ذلك، يوجد داخل الحكومة وزراء يجاهرون بانتقادهم لهذه الآليّة، التي “تحور وتدور” لتتقاطع لاحقاً مع بعض التوجّهات السياسية. تطرح جهات وزارية بعض الأسئلة، ومفادها:
– ما المعيار الذي يُعفي نوّاب حاكم مصرف لبنان مثلاً من آليّة التعيينات، ويطبّقها على المدير العامّ لهيئة أوجيرو وكلّ المديرين العامّين في الدولة؟
– كيف يمكن تحقيق “آليّة” إطلاع الوزراء على السيَر الذاتية للمرشّحين وتقويم اللجنة الفاحصة ضمن مدى زمني معقول قبل انعقاد جلسات الحكومة؟
– ما المبرّر لاستثناء، مثلاً، موقع مفوّض الحكومة لدى مجلس الإنماء والإعمار من سلّة التعيينات، وإقرار تثبيت زياد نصر (درزي) اليوم بعدما كان تمّ التجديد له العام الماضي من موقع المدير العامّ لمصلحة سكك الحديد والنقل المشترك وتعيينه مفوّضاً للحكومة بالوكالة لدى مجلس الإنماء والإعمار (مركز شاغر آنذاك)؟ وما التبرير اليوم لاستبعاد اسم موظّف ذي كفاية ضمن ملاك “أوجيرو” من عائلة شبارو من أجل شخص سيتمّ تعيينه اليوم مديراً عامّاً لهيئة أوجيرو؟
– هل الآليّة هي فعلاً الأداة الحاسمة لمنع وصول موظّفين غير فاسدين إلى الإدارة العامّة؟
كباش وزاريّ مع سلام
وفق معلومات “أساس”، في جلسة مجلس الوزراء الأخيرة في 14 الجاري، التي أقرّت تعيين محمد قبّاني رئيساً لمجلس الإنماء والإعمار، حصلت مشادّة كلامية بين الوزيرين جو عيسى الخوري ويوسف رجّي من جهة ورئيس الحكومة من جهة أخرى.
فقد اعترض الوزيران على “عدم إرسال السيَر الذاتية للمرشّحين الثلاثة، الذين كان يفترض أن تختار الحكومة واحداً منهم، قبل انعقاد الجلسة، وما سبب علمنا المسبق من الإعلام بالاسم الذي سيتمّ تعيينه، وهو محمّد قبّاني، قبل أن يقرّ مجلس الوزراء رسميّاً التعيين، وسبب عدم تلقّينا تقويم اللجنة الفاحصة للمرشّحين الثلاثة برئاسة وزير التنمية الإدارية فادي مكّي”.
قباني مرشّح السنيورة..
محمد قبّاني، الذي افتتح مسار إقرار مجلس الوزراء التعيينات الإدارية وفق الآليّة المعتمدة، دشّن معه مساراً من الاعتراضات الوزارية واحتمال تكرارها في الجلسات المقبلة. حتّى وُجد من داخل مجلس الوزراء، وخارجه، من تشكّك في تعيين محمد قبّاني: “ما هذه الصدفة أن يأتي رئيس مجلس الإنماء والإعمار المدعوم من سلام، بغضّ النظر عن كفايته، من مدينة بيروت ومن عائلة قبّاني، وترفَق اللائحة الثلاثية باسمين هما ديكور فقط، وهما هيثم عمر وربيع الخطيب، بسبب القرار المتّخذ سلفاً بتعيين قبّاني؟! وما هذه الصدفة أيضاً أن لا يتأهّل إلى المرحلة النهائية اسم الوزير ناصر ياسين في حكومة نجيب ميقاتي السابقة، والذي تمّت تزكيته من قبل رئيس الحكومة الأسبق سعد الحريري؟ ولماذا لا تنشر علامات التقويم التي نالها كلّ مرشح؟”.
صدفة قباني جاءت من ترشيح الرئيس فؤاد السنيورة له بسبب قرابة بينهما. “قباني عديل شقيقه”، وقد سبق للسنيورة أن رشحه للوزارة في حكومة الحريري الثانية في العام 2018، ولكن الحريري لم يتجاوب معه. هو ينتمي إلى التيار الإسلامي من خلال عضويته في مجموعة “إرادة” لرجال الأعمال.
تعيينات “المجلس” وأوجيرو
هكذا، يستأنف مجلس الوزراء اليوم التعيينات وفق الآليّة المنقّحة التي أقرّها مجلس الوزراء في جلسته في 20 آذار الماضي، وترتكز على التعيين من داخل الملاك وخارجه، و”حفظ دور الوزير الذي يقترح قائمة بأسماء المرشّحين من خارج الملاك، والقرار محفوظ لمجلس الوزراء”، كما قال وزير الإعلام.
وفق المعلومات، سيتمّ اليوم إقرار تعيين كلّ من: الأمين العامّ لمجلس الإنماء والإعمار منى طرزي، نائبَي الرئيس يوسف كرم وإبراهيم شحرور، مفوض الحكومة لدى المجلس زياد نصر، وثلاثة أعضاء غير مُتفرّغين لا تزال جوجلة أسمائهم جارية. وسيتمّ تعيين أحمد عويدات مديراً عامّاً لأوجيرو.
الجمارك
تفيد المعلومات بأنّ تعيينات الجمارك، التي تشمل منصبَي رئيس المجلس الأعلى (شيعي) والمدير العامّ (مسيحي)، لا تزال عالقة “بالسياسة”. ولم يتمّ حسم خضوعها لآليّة التعيين بعد، لا سيما أنّ رئيس الجمهورية يرغب بفصل ضابط من الجيش ليشغل موقع المدير العامّ، فيما النظام الداخلي للجمارك يفرض أن يكون من المراقبين الجمركيين. عندها، هل يحتاج الأمر إلى تعديل القانون؟ ولم يتمّ اتّفاق الرئيسين عون ونبيه برّي بعد على الاسم الشيعي لرئاسة المجلس الأعلى للجمارك.
في المقابل، “الكربجة” طاغية حتّى الآن على تعيينات الهيئات الناظمة في قطاع النفط والكهرباء، والطيران المدني، ومجلس الإدارة للهيئة الناظمة للاتّصالات، إضافة إلى تعيينات نوّاب حاكم مصرف لبنان الأربعة، وأعضاء لجنة الرقابة على المصارف، والأعضاء الثلاثة المُعيّنين خبراء في هيئة الأسواق المالية. هذا مع العلم أنّ ولاية هؤلاء تنتهي في حزيران المقبل. وسيجري تعيين المدير العامّ للماليّة، ومفوّض الحكومة لدى مصرف لبنان، وجميعهم سيتمّ تعيينهم من خارج آليّة التعيينات. في هذه السلّة الماليّة تحديداً، ستنشأ منافسة بين “حصص” المرجعيّات السياسية وإملاءات صندوق النقد الدولي… والحكومة بالنصّ!
ملاك عقبل -اساس
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|