الصحافة

القرار الغائب: إنهاء الحرب

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

حصرية السلاح في يد الدولة هو قرار متخذ، كما يكرر التأكيد رئيس الجمهورية جوزاف عون ورئيس الحكومة نواف سلام. ولا أحد يعرف متى يأخذ القرار طريقه الدستوري إلى طاولة مجلس الوزراء لسحب سلاح "حزب الله"، في انتظار تفاهم تأتي به معجزة داخلية أو خارجية على أمل ألا نكون "في انتظار غورو".

فالقرار هو، حتى إشعار آخر، تعبير عن موقف، وإن كان قوياً. والموقف يحتاج إلى سياسة تخدمه. والسياسة تحتاج إلى أدوات أمنية ودبلوماسية وعسكرية للتنفيذ. ولم نصل بعد إلى هذه المرحلة على الرغم من شدة الحاجة اللبنانية وقوة الضغط العربي والدولي، وسط ممانعة "حزب الله" وإصرار إيران على الاحتفاظ بسلاح الفصائل المذهبية الإيديولوجية التي أسستها في إطار مشروع إقليمي جيوسياسي واستراتيجي مستمر، بصرف النظر عن الضربات التي تلقاها في غزة ولبنان والتحديات في العراق وخسارة سوريا.

ذلك أن "حزب الله" ولد وفي يده بندقية. ويروي وزير الخارجية ثم نائب الرئيس سابقاً عبد الحليم خدام في مذكراته "أن طهران أرسلت عام 1982 لواء من الحرس الثوري إلى سوريا بالاتفاق معها، وقد توجه قسم كبير منه إلى بعلبك وتشكيل "حزب الله"، ولم يكن في ذهن الرئيس حافظ الأسد أن إيران تبني قاعدة عسكرية وسياسية في لبنان لخدمة استراتيجيتها، وأن لديها طموحاً للتوسع الإقليمي". وبكلام آخر، فإن "حزب الله" والسلاح توأمان.

و"المقاومة الإسلامية" ممتدة من غزة إلى صنعاء مروراً ببغداد ودمشق وبيروت، من أجل أهداف لا تتوقف فقط على قتال إسرائيل. ومن دون سقوط المشروع الإيراني الإقليمي أو التخلي عنه في صفقة إيرانية-أميركية، فإن ممانعة التخلي عن السلاح تبقى قوية، مهما تكن الحجج ضعيفة أو خارج الموضوع. وليس في تاريخ المقاومة في العالم مقاومة احتفظت بالسلاح بعد تحرير الأرض، باستثناء ما حدث في لبنان.

ففي العام 2000 انسحبت إسرائيل من الجنوب اللبناني مدحورة تحت ضرب المقاومة. والبلد يحتفل يوم 25 أيار من كل عام بـ "عيد المقاومة والتحرير". لكن "حزب الله" تلقى بعد التحرير المزيد من الأسلحة لجيش متعدد الأذرع، وخاض حربين مع العدو، واحدة انسحبت بعدها إسرائيل بموجب القرار 1701، وأخرى تمسكت فيها باحتلال مواقع وتلال حاكمة في الجنوب. وهكذا أدى سلاح ما بعد التحرير إلى عودة الاحتلال. وليس الإصرار على الاحتفاظ بالسلاح بعد ما حدث من دمار وضحايا، سوى إشارة إلى أن السلاح له مهمات في الداخل والخارج تتجاوز الإحتلال والخطر الإسرائيلي، في ظل العجز عن استخدام السلاح.

 كان أوغسطس قيصر يقول: "إجعل التعجل بطيئاً". وليس المطلوب من العهد والحكومة التسرع أو التهور في معالجة سحب السلاح. لكن الفرصة المفتوحة ليست مفتوحة إلى الأبد. و"الوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك"، كما يقول المثل. والمسؤولون يعرفون بالتجربة مع أميركا أكثر مما قاله الموفد الأميركي اللبناني الأصل فيليب حبيب أيام الرئيس رونالد ريغان لوزير الخارجية إيلي سالم في عهد الرئيس أمين الجميل، وخلاصته: "نحن نحب النجاحات، ولكن عندما تتعذر الأمور نتخلى عنها فوراً".

والمطلوب هو ما كان يجب أن يحدث بعد اتفاق الطائف، ولم يكن مسموحاً من الوصي السوري ثم الإيراني بأن يحدث: قرار عملي بإنهاء الحرب والخروج من مناخ الحرب وحمولاتها. فالحرب توقفت لكن مفاعيلها وحمولاتها استمرت، عبر سلاح "حزب الله' وسلاح الفصائل الفلسطينية في المخيمات وخارجها. ولا قدرة على رد أي مسلح عن القيام بعملية في الجنوب أو خارجه لأهداف مؤذية للبنان. ولا معنى للدولة إن بقيت ضمن هياكل شكلية تتفرج على عسكرة لبنان.

 و"أي حرب تطول تتطور أهداف أطرافها"، كما تقول المؤرخة الكندية مارغريت ماكميلان.

 

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا