موقف "حزب الله" من الانتخابات البلدية في بيروت...هل هي البداية؟
توقّف كثيرون من أهل السياسة عند موقف "حزب الله" من الانتخابات البلدية في بيروت، خصوصًا أنها المرّة الأولى، التي يتحالف فيها مع حزب "القوات اللبنانية" بهذا الشكل العلني، وذلك بهدف تأمين المناصفة العادلة في مجلسها البلدي الجديد، وإن شاب هذه المناصفة خرق لا تُقاس أهميته بما تمّ إنجازه في هذا المجال، والذي حافظت فيه العاصمة على تمثيلها الصحيح.
وبغض النظر عن الأسباب الموضعية المحلية، التي دفعت بـ "حزب الله" إلى خيار التحالف مع "القوات اللبنانية" وغيرها من الأحزاب في انتخابات بيروت، فإن هذه الخطوة، وإن كانت دوافعها محصورة بانتخابات اختلطت فيها العوامل السياسية بالعوامل التي لها طابع محلي بحت، تأتي في سياق ما بدأ "الحزب" يتحضّر له لخطوات متقدمة سياسيًا بعد الانتكاسة العسكرية التي تعرّض لها على أثر الضربات الإسرائيلية المعادية، والتي لا يزال يتعرّض لها يوميًا، وإن في شكل متقطّع.
فهذه الخطوات المتوقعّة له تضعها جهات سياسية مراقبة في خانة المسار الجديد المطالب "حزب الله" بأن يتخذه في المرحلة الجديدة، التي يُعمل عليها بين دوائر
القصر الجمهوري و"حارة حريك" بعيدًا عن الأضواء بهدف أن تؤتى ثمارها المرجوة، والتي يُنتظر أن تتبلور في المرحلة المقبلة، وفي ضوء ما يمكن أن تسفر عنه زيارة الرئيس الفلسطيني محمود عباس من خطوات عملية بالنسبة إلى تسليم السلاح الفلسطيني من داخل المخيمات وخارجها إلى الدولة اللبنانية، من ضمن مخطّط بدأت معالمه تتبلور من خلال التوصية التي رفعها مجلس الدفاع الأعلى إلى الحكومة اللبنانية بالنسبة إلى وقف أي عمل من شأنه أن يزعزع الاستقرار اللبناني الداخلي، وبالأخصّ انطلاقًا من الجنوب اللبناني.
فتسليم السلاح الفلسطيني هو المقدمة، التي لا بدّ منها للمراحل المتقدمة اللاحقة التي ستلي ما يمكن أن يتم التوافق عليه بين الدولة اللبنانية والسلطة الفلسطينية، مع الإشارة إلى أن الوضع غير الطبيعي داخل المخيمات شديد التعقيد ويحتاج التعاطي معه إلى الكثير من الوعي والمسؤولية وعدم سلق المراحل وحرق المراكب، وإن كان لبنان الرسمي والشعبي يتطلع إلى تحقيق ما يسرّع عملية استعادته لعافيته كخطوات مكمّلة لما تمّ إنجازه حتى الآن.
فزيارة الرئيس الفلسطيني للبنان، وما تمّ الاتفاق عليه بينه وبين الرئيس عون على ضرورة حصر السلاح في يد الدولة اللبنانية، ما هو سوى بداية تأسيسية لما يمكن أن يليها من خطوات ستصبّ حتمًا في خانة تعزيز قدرات السلطة اللبنانية، خصوصًا لجهة البدء التنفيذي لتسليم "حزب الله" لسلاحه المنتشر على كامل الأراضي اللبنانية، وهو شرط يضعه المجتمع الدولي لإعطاء إشارة الانطلاق لورشة إعادة الاعمار، ومدّ لبنان بكل ما يحتاج إليه من مساعدات لكي يستطيع البدء في مسيرة استعادة عافيته الطبيعية، التي تتطلب المزيد من الاستقرار والالتزام بالمواثيق الدولية، وما يتبع ذلك من إقدام الحكومة ومجلس النواب على اتخاذ إجراءات إصلاحية طال انتظارها، وذلك لكي تتكامل حلقات وضع لبنان على سكّة التطّور والحداثة في سعي حثيث لكي يعّوض ما فاته من هذه الدينامية، التي تشهدها أكثر من دولة عربية.
فالحوار المتوقع بين الرئاسة اللبنانية وقيادة "حزب الله" يتطلب الكثير من الحكمة والوعي. وهذا ما يدركه الرئيس عون، الذي يتعاطى مع هذا الملف بمسؤولية وطنية، ولكن من دون أن يعني ذلك التساهل مع أي عمل من شأنه زعزعة الاستقرار الداخلي. وهذا ما تعيه "حارة حريك"، التي تحتاج، كما تقول أوساط سياسية، إلى الوقت الكافي لكي تقتنع بأن دور السلاح خارج سلطة الدولة لم يعد له دور كما كانت عليه الحال
قبل الحرب الإسرائيلية وأثناءها وبعدها.
وفي تقدير هذه الأوساط أن الخطوة التي أقدم عليها "حزب الله" في الانتخابات البلدية في بيروت يمكن التأسيس عليها باعتبارها خطوة أولى لا بدّ من أن تتبعها خطوات مماثلة لاحقة لكي ينتقل "الحزب" من الحال العسكرية إلى الحال المدنية والسياسية.
فسلاح "حزب الله"، كما السلاح الفلسطيني، يجب أن يوضع على طاولة الحوار الثنائي البعيد عن أي خلفية تناقض أي قناعة لا تتوافق مع مبدأ مسؤولية الدولة وحدها دون سواها في حماية مواطنيها من أي اعتداء قد يتعرّضون له من الخارج أو من الداخل على حدّ سواء.
المصدر: خاص "لبنان 24"
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|