الصحافة

البقاع: "القوّات" ضد الجميع... وبعلبك "أمّ المعارك"

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

مشهد انتخابي هادئ تشهده قرى ومناطق البقاع بشكل عامّ، حيث تتّخذ غالبيّة المعارك طابعها العائلي والتقليدي، بعيداً من الاستقطاب السياسيّ الحادّ. وحدها المعارك في مدينتَي زحلة وبعلبك تتّخذ طابعاً خاصّاً، فما هي طبيعة هذه المعارك؟ وما الذي قد يترتّب على نتائجها؟

تشهد مدينتا زحلة وبعلبك أكثر المعارك الانتخابية البلديّة حماوةً في محافظة البقاع، في ظلّ تشابك سياسي وطائفي وتحالفات متقلّبة، ومعارك بين المرجعيّات الحزبية والشخصيّات المستقلّة. وستشكّل الانتخابات في المدينتين محطّة كاشفة لتوازنات أعمق، وستترك خلاصات سياسية واضحة عن بعض الأحجام السياسية، وعن المزاج الشعبي العامّ، لا سيما أنّه الاستحقاق الانتخابي الأوّل بعد الحرب الإسرائيلية على لبنان وما ترتّب عليها من نتائج سياسية بالغة الحدّة والأثر.

في مدينة بعلبك، وهي معقل أساسي من معاقل “الحزب”، حاول الثنائي تمرير الانتخابات بالتزكية والتوافق عبر صيغة تشمل حلفاءهم التقليديين في المدينة، وتمّ ترتيب مجلس بلدي يمنح الرئاسة مداورة للعائلات الشيعية الكبرى، ونائب الرئيس لشخصية سنّيّة محسوبة على “الأحباش”، في ظلّ تغييب شبه تامّ للصوت المسيحي، وتشرذم العائلات السنّية الوازنة.

رفضت قوى التغيير هذه التزكية، معتبرة أنّها فوقيّة ولا تُمثّل تطلّعات المدينة وأهلها نحو نفضة إنمائية شاملة، فأعلنت ولادة لائحة “بعلبك مدينتي” التي تضمّ 21 عضواً يمثّلون مختلف الأطياف والانتماءات، وتشارك فيها النساء أيضاً، والتي تؤكّد أنّ هدفها هو فرض معركة ديمقراطية حقيقية وكسر الاحتكار القائم. وهو ما يعني أنّ المعركة اتّخذت بعداً سياسيّاً طبيعياً. وبالتالي لن تنحصر نتيجة هذه المنافسة بفكرة الربح أو الخسارة، بل ستشكّل منطلقاً لدراسة حضور “الحزب” في المدينة، ومقارنته بنتائج الانتخابات البلدية في الأعوام السابقة، ولذلك يُمكن اعتبارها أمّ المعارك في البقاع بلا منازع.

في مدينة بعلبك، وهي معقل أساسي من معاقل “الحزب”، حاول الثنائي تمرير الانتخابات بالتزكية والتوافق عبر صيغة تشمل حلفاءهم التقليديين في المدينة، أمّا في زحلة فقد بدأت الحملات الانتخابية بمهرجانات استعراضية عكست حجم الرهانات السياسية على انتخابات يفترض أن تكون إنمائية، لكنّها تحوّلت إلى مواجهة مباشرة بين القوى السياسية، لا سيما “القوّات اللبنانية”، التي أطلقت لائحة “قلب زحلة” بمهرجان حاشد أرادت من خلاله عرض قوّتها الشعبية وحضورها الوازن في المدينة، فيما أشارت المعلومات إلى أنّ الدكتور سمير جعجع وصل بالفعل إلى زحلة، وبدأ الإشراف المباشر على كامل التحضيرات لمواكبة العملية الانتخابية بكلّ تفاصيلها.

في البداية، نشأ تحالف بين القوّات اللبنانية والكتلة الشعبية بقيادة ميريام سكاف عبر تشكيل لائحة من ذوي الكفايات يرأسها المهندس سليم غزالة، غير أنّ الخلافات ظهرت سريعاً وانفجرت على خلفيّة تسمية الأعضاء والتمويل، فانهار التحالف.

اتّهمت سكاف “القوّات” بمحاولة قضم حصّتها عبر تسمية مرشّحين عنها لا تمون عليهم فعليّاً، إضافة إلى تحميلها نسبة من التمويل لا تتناسب مع نفوذها في اللائحة. وبلغ التوتّر ذروته خلال اجتماع عاصف مع غزالة، خرج منه الأخير غاضباً رافضاً اعتبار نفسه “موظّفاً عند أحد”.

أدّى فشل التحالف إلى إحراج كبير لـ”القوّات اللبنانية” التي اضطرّت إلى إعلان لائحة منفردة تحت اسم “قلب زحلة“، مؤكّدة أنّها “لائحة الغد في مواجهة لوائح الماضي”. لكنّ خروج الخلافات إلى العلن أضعف صورة “القوّات” أمام الرأي العامّ الزحليّ، لا سيما في أوساط العائلات التقليدية.

في المقابل، شكّل رئيس بلديّة زحلة الحالي أسعد زغيب لائحة “زحلة رؤية وقرار”، التي فاجأت خصومها بالحضور الشعبي والسياسي الكثيف، وحظيت بدعم متنوّع من شخصيّات سياسية، بينها النائب ميشال ضاهر وحزب “الكتائب اللبنانية” والوزراء والنوّاب السابقون إيلي ماروني وخليل الهراوي ويوسف المعلوف وسيزار المعلوف، وتُضاف إليهم السيّدة مريام سكاف التي التقت زغيب في منزلها بعد خصومة طويلة وأعلنت دعمها له ردّاً على فشل تحالفها مع “القوّات اللبنانية”.

شكّل رئيس بلديّة زحلة الحالي أسعد زغيب لائحة “زحلة رؤية وقرار”، التي فاجأت خصومها بالحضور الشعبي والسياسي الكثيف، وحظيت بدعم متنوّع من شخصيّات سياسية
تنافس مسيحيّ

أمّا في باقي مناطق البقاع، فقد تراوحت المعارك بين تقليدي وهادئ، وبين سياسيّ وحادّ، وهذه خريطة تُظهر الجوّ العامّ:

في بلدة القاع، تحتدم المنافسة بين “القوّات اللبنانية” بزعامة رئيس البلدية الحالي بشير مطر، وخصومها بقيادة نقولا مطر المدعوم من “التيار الوطني الحرّ”. تأخذ المعركة طابعاً سياسيّاً واضحاً على الرغم من الغلاف العائلي الذي تحاول القوى السياسية تغليفها به.

يخوض بشير مطر المعركة تحت شعار “أرضي هويّتي لنبقى”، فيما يسعى خصومه إلى “كسر السيطرة القوّاتية” وطرح تمثيل عائلي أوسع. أحدث انسحاب طوني شحّود من السباق الانتخابي تحوُّلاً مفصليّاً، إذ انكفأت عائلات مؤثّرة مثل عوض ومخلوف عن دعم “القوّات”، وهو ما منح لائحة نقولا مطر دفعاً كبيراً.

تشهد بلدة رأس بعلبك أيضاً تنافساً حادّاً بين لائحتين رئيسيّتين:

“نبض رأس بعلبك “المدعومة من “القوّات اللبنانية”، يرأسها نضال مشرف وطوني العرجا.
“ضيعتنا ومسؤوليّتنا” المدعومة من “التيّار الوطني الحرّ” و”الكتائب”، برئاسة سليم نصرالله وميشال روفايل، وتحظى بدعم شخصيّات بارزة مثل ألبير منصور وحسّان البشراوي.
شهدت الانتخابات في دير الأحمر، على الرغم من تاريخ البلدة في دعم “القوّات اللبنانية”، اعتراضات على “لائحة التوافق” التي يرأسها هنري فخري. طالت الانتقادات طريقة اختيار المرشّحين، ووصفتها بأنّها فوقيّة وتجاهلت القواعد الشعبية. ومع ذلك، تؤكّد “القوات” أنّها حرصت على التمثيل العائلي والكفاية، مشيرة إلى أنّ بعض العائلات أوكلت إليها مسؤوليّة الترشيحات. وفي ظلّ غياب لائحة منافسة مكتملة، يخوض بعض المستقلّين الانتخابات في محاولة لكسر نمط الاحتكار الحزبي.

بين الهادئ والصّاخب

في عنجر، حيث يسيطر حزب الطاشناق، فاز المجلس البلدي بالتزكية كالمعتاد، على الرغم من بروز اعتراضات غير مكتملة من بعض الأهالي، الذين طالبوا بأن تبقى الانتخابات وسيلة للتعبير عن الصوت الإنمائي.

في رياق – حوش حالا ساد التوتّر بعد انهيار توافق سابق على اسم القاضي المتقاعد فادي عنيسي لرئاسة البلدية. الانقلاب على التوافق من قبل ما سمّي بـ”العائلات المسلمة” دفع العائلات المسيحية إلى دعوات لمقاطعة شاملة. ويهدّد هذا التدهور بخلق شرخ مذهبي في البلدة.

بلدة تربل، بعد فصل شهابيّة الفاعور عنها، تشهد معركة انتخابية فعليّة. تقود “تربل بتجمعنا” شخصيّات من “التيار الوطني الحرّ”، فيما تحظى “تربل أوّلاً” بدعم “القوّات اللبنانية”، وسط انقسام عائلة السغبيني بين اللائحتين.

في الفرزل فشلت محاولات التوافق بين النائب ميشال ضاهر و”القوّات”، وسط اعتراضات عائلية وصوت قويّ للمختار جوزف فرح الذي انسحب احتجاجاً على تهميش العائلات.

في أبلح، التنافس هادئ بين لائحتين.
في نيحا، يحاول الشباب كسر سيطرة المال على الانتخابات، مع مداورةٍ للرئاسة بين الطوائف.
في ماسا، أثار غياب التوافق استياء الأهالي، ودفعهم لمطالبة الفائزين بتعويض النقص المالي من جيوبهم.
في سعدنايل، المعركة عائليّة بهدوء.
في تعلبايا، يرتفع الصوت ضدّ تدخّل جورج صوان، وسط تمسّك بالعرف الذي يدعم رئاسة مسيحية ونائب رئيس مسلم.
في شتورا، شبه إجماع على لائحة “شتورا تستحقّ” بقيادة النقيب ميشال مطران.
جديتا تحتفل بعودة الديمقراطية والتنافس بين لائحتين قويّتين.
في مكسة وقب الياس، المعارك العائليّة الطابع تشهد منافسة حامية.

المعركة في بر الياس تقليدية بين ثلاث عائلات: عراجي، الميس وميتا، مع تحالفات وتوزيع ولايات الرئاسة ونيابة الرئاسة. وفي مجدل عنجر تمّ الاتّفاق على تشكيل لائحة توافقية تضمّ مختلف العائلات، ويرأسها الدكتور علي صالح والسيّد جاد حمزة.

لا وجود لأيّ مواجهات سياسية في غالبيّة قرى البقاع الغربي، بدءاً من بلدة المرج التي تشهد تنافساً طبيعياً بين عائلات تقليدية، مروراً (إلى) ببعض القرى التي شهدت توافقاً بين أبنائها، مثل بلدة الخيارة أو السلطان يعقوب التي اختارت بالتزكية واحد من ألمع شباب البقاع محمد العرّة، وصولاً إلى بلدة القرعون التي تشهد منافسة طبيعية بين العائلات، بينما غلبت التزكية على مختلف القرى الشيعية الواقعة جنوب البحيرة، مع التقاط بعض الحضور السياسي الخجول في بعض المناطق المسيحية التي تمتدّ على الطرف المقابل، من عمّيق إلى صغبين.

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا