الصحافة

جنبلاط: يجب ألا يترك تمثال للأسد في لبنان

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

أجمع العرب والعالم في قمة بغداد أمس على "وجوب حصر السلاح بيد الدولة اللبنانية". وأتى هذا الإجماع من قمة استضافتها الدولة الشيعية الوحيدة في العالم العربي، ما يعني أنّه لا داعي لكي يشير أحدهم، في لبنان وخارجه، إلى أن شبهة ما تلوح حول القمة. ولنتخيّل مثلاً، أن القمة أمس كانت منعقدة في دمشق. عندئذ سيكون متاحاً في الخيال الخصيب القول إن قمة عاصمة الأمويين غمزت من قناة السلاح "الشيعي" الذي ما زال يقبع في مخازن "حزب الله" والتي سلّمت حتى الآن من حرب إسرائيل.

يعتقد من يظن خيراً في التحوّلات التي تتسارع في المنطقة، أن هامش اللعب على الانقسام العربي يكاد يتلاشى. وأتى القرار الأميركي برفع العقوبات عن سوريا والذي اعلنه الرئيس دونالد ترامب من الرياض ليؤكد أن عالماً عربياً ولد للتوّ. ويستطيع اللبنانيون أن يتوقعوا في أي وقت الإعلان عن نزع "مسمار" إيران المتمثل بسلاح "الحزب" كي يعطى المجال للدولة لتمضي قدماً في مسار استعادة السيادة الكاملة. ولا تستطيع إسرائيل عندئذ اللعب على وتر سلاح إيران كي تواصل مسيرة الاحتلال والاغتيال والتدمير.

يقول النائب فارس سعيد لـ"نداء الوطن" في هذا السياق: "ترتسم في هذه اللحظات السياسية معالم نظام عربي جديد. وهذا النظام خرج بعد الاتهام في 11 أيلول 2001 بأنّه مصدر القلق في العالم وبأنّ الإسلام كدين هو أيضاً مصدر قلق، وبالتالي عمل العرب بجهد منذ العام 2001 وحتى اليوم، ربما كان حضور الأمير محمد بن سلمان ووجوده دافعاً أساسياً في هذا الاتجاه.

عمل العرب والمسلمون بشكل عام لفصل الإرهاب عن الإسلام ولإعادة مصالحة هذه المنطقة مع العالم وبالتحديد مصالحة الإسلام مع الخارج.

نحن أمام مرحلة تتلخص بتراجع النفوذ الإيراني وزمن الصعود السني في المنطقة بجناحَيه "المتشدد"، الذي يمثله أحمد الشرع. والمعاصر المتصالح مع نفسه والآخرين الذي يمثله محمد بن سلمان.

نظام المصلحة الجديد له عناوين: أوّلاً، نظام نووي مدني تستفيد منه المنطقة. الثاني، إنشاء الدول الوطنية في المنطقة حتى تصبح ضامنة للمجتمعات المتنوعة في سوريا ولبنان والعراق وسائر انحاء العالم العربي. والثالث، الصراع العربي الإسرائيلي الذي غاب بشكل أساسي لكنه حضر في كل اللقاءات التي جمعت المسؤولين العرب وبالتحديد الأمير محمد بن سلمان مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب.

نحن في منطقة تبدّلت، وفي واقع جيوسياسي تبدّل. المطلوب من اللبنانيين وليس فقط الدولة اللبنانية، أن يخرجوا من محليتهم السياسية والتي ترسخت أكثر وأكثر في مرحلة الانتخابات البلدية اليوم، فيسعون إلى الدخول في النظام العربي الجديد محددين موقع لبنان في هذا النظام وهو موقع لم يتم اختراعه اليوم وهو موقع تاريخي.

إذاً، نحن نتكلم عن مصالحة المنطقة مع الخارج. ومن هو مؤهل أكثر من لبنان بتنوّعه الطائفي والبشري والإنساني والسياسي والجيوسياسي، أن يكون الواجهة الحقيقية لتثبيت هذه المصالحة"؟

إلتقط الزعيم الاشتراكي وليد جنبلاط هذه التحوّلات، ليسأل لماذا لا يزال تمثال الطاغية السوري حافظ الأسد حتى الآن في بيروت؟ ولعلّه هنا يشير إلى نصب المسلة التي لا تزال "تحت باط لبنان" بعدما تولّت سوريا نزع كل مسلات الديكتاتور واخواتها من كل الجغرافيا التي تتجاوز مساحة لبنان بأكثر من 19 مرة.

هناك من يقترح تغيير اسم "مسلة الأسد" ليصبح "مسلة احمد الشرع". ويبدو هذا المقترح مفيداً من ناحيتين: الأولى، انه يعفي لبنان من هدم المسلة التي كلّفت لبنان وليس سوريا جهداً ومالاً. والثانية، ان منح الرئيس السوري الجديد هذا الموقع المستحق له، سيشيد علاقات أكثر وثوقاً بين البلدَين اللذين يتقاسمان اليوم الحرية بعدما رزحا أكثر من نصف قرن تحت الاستبداد الاسدي.

كيف أتت فكرة جنبلاط حول تمثال الأسد؟

كان جنبلاط يتحدث في إطار الندوة التي نظّمها "بيت المستقبل" في بكفيا هذا الأسبوع تحت عنوان "تجاوز الانقسامات: ندوة من أجل مستقبل لبنان". فقال في سياق مداخلة: "في اسبانيا، قرروا أن يزيلوا كل تماثيل فرانكو (الديكتاتور) لكن بقي تمثال واحد. كنت اتحدث مع نائبة في البرلمان الأوروبي من أصل لبناني، قلت لها: انا ما بنصح إزالة الماضي لأن الذاكرة تسكّر الجراح، لكن لا تستطيع الغاءها. جربوا من سنوات ان يروا اين دفن غارسيا لوركا، وكان من كبار الشعراء العالميين والذي قتلته الفاشية (الاسبانية) فلم يجدوا المدفن وفضلوا عدم التفتيش عنه كي لا يفتحوا الجراح". وتوجه جنبلاط مباشرة بالكلام إلى رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميّل الذي كان جالساً إلى جواره ومشاركاً في الندوة: "إذا، عندك مقاربتان". وهنا سأل مدير الندوة الصحافي البير كوستانيان جنبلاط: هل نترك تمثال حافظ الأسد؟ فرد جنبلاط على الفور :"لا".

وفي سياق الندوة تحدث جنبلاط في إطار ردّه على أحد المناقشين عن "تيار انعزالي درزي"، وعن "محاولة لتحريف كتب الحكمة". وسأل: ليش (انا) طلعت عند احمد الشرع؟ ان شاء الله، بعض الذين يحرّضون على حماية الدروز، وقد رأوا الاتفاق برعاية الأمير محمد بن سلمان واللقاء بين أحمد الشرع وترامب ان يعيدوا حساباتهم. ليسوا هم من يقرّر سياسة إسرائيل. سياسة إسرائيل تقررها الولايات المتحدة كي تبقى سوريا موحدة. بقاء سوريا موحدة ومتعددة".

في سياق متصل، وتحت عنوان "السعودية: لماذا اختار ترامب زيارة الرياض ودول خليجية في أولى جولاته الخارجية"؟ حاورت الـ "بي بي سي" عشية وصول الرئيس الأميركي إلى الرياض سليمان العقيلي الكاتب السياسي وعضو الجمعية السعودية للعلوم السياسية. وفي مقاربة لموضوع سوريا، قال الكاتب السعودي: "أتوقع ان يتصحح وضع سوريا قبل لبنان بسبب: قلة الفساد في الإدارة، عدم وجود ميراث سياسي من الأخطاء والخطايا في النخبة السياسية، الثورة خلقت بيئة جديدة، تعاطف العرب مع سوريا الجديدة ويتشوّق الجميع للاستثمار في سوريا بخاصة مع الانفتاح الجديد. بالاضافة، وهذا أمر مهم جداً، الشعب السوري شعب مبدع جداً ولديه طاقات قادرة على إعادة البناء حتى مع قليل من المساعدات. ننظر نحن في الخليج إلى السوريين انهم في الحقيقة في صفاتهم التجارية نسخة شرق أوسطية من الصينيين ولديهم القدرة على الصناعة والتجارة والبناء".

تلوح من كل المعطيات ان سوريا تمضي بخطى أسرع من لبنان نحو الخروج من مستنقع الماضي الأسود. أليس هناك من سبيل أمام لبنان ليسرّع خطاه؟ لنبدأ على الأقل بالخلاص من تمثال الأسد أو مسلته لا فرق.

أحمد عياش -نداء الوطن

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا