الصحافة

كيف أسقطَت “صواريخ” ماهر… شقيقه بشّار؟

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

كيف اكتشفَ رئيس النّظام السّوري المخلوع بشّار الأسد الخرق الإسرائيليّ في صفوف الحرس الثّوريّ؟ وكيفَ نجا شقيقه ماهر الأسد من محاولة اغتيالٍ إسرائيليّة في اللحظة الأخيرة؟ وكيفَ أسقطَت صواريخ إيران نظام البعث؟

في هذه المقالة تُكشفُ للمرّة الأولى أسرارٌ يفنّدها مصدرٌ لصيق بالأخوَين بشّار وماهر الأسد، رفضَ الكشف عن هويّته لأسباب أمنيّة.

 الزّمان: صباحَ الإثنين 30 أيلول 2024.

المكان: طريق دمشق – يعفور، حيثُ توجد فيلّا يتّخذها قائد الفرقة الرّابعة في جيش النّظام السّابق اللواء ماهر الأسد مقرّاً له.

يتوجّه ماهر الأسد ونائبه في قيادة الفرقة الرّابعة اللواء غسّان بلال إلى المقرّ المشار إليه، حيثُ ينتظرهم وفدٌ من كبار الضبّاط من قوّة القدس في الحرس الثّوريّ الإيرانيّ، ومعهم ضابطٌ من الفرقة الرّابعة.

الاتّصال المُريب…

كانَ الاجتماع يُعقد بين الجانبين لبحثِ سبل دعم “الحزب” في لبنان بعد اشتداد الحرب الإسرائيليّة عليه بدءاً من 23 أيلول واغتيال أمينه العامّ السّابق حسن نصرالله في 27 من الشّهر نفسه، وتنسيق طرقٍ جديدةٍ لإرسال السّلاح إلى لبنان.

في تمام السّاعة 10:15 صباحاً، أي قبل الموعد المُحدّد بربعِ ساعة، يرنّ هاتف غسّان بلال. كانَ المُتّصل مُستشاراً أمنيّاً في السّفارة الإيرانيّة في دمشق. يسألُ المُتّصل إن كانَ الموعد لا يزال قائماً، فيُجيبه غسّان بلال أنّ الاجتماع قائمٌ، وأنّه في طريقه إلى الفيلّا حيث ينتظرهم الوفد.

بعد الاتّصال، أخبرَ غسّان بلال ماهر الأسد أنّه تلقّى اتّصالاً من السّفارة الإيرانيّة يُؤكّدُ الموعد. فسأله ماهر الأسد: “وهل هذا يحصل عادةً؟”، فردّ بلال أنّ هذه هي المرّة الأولى التي يتّصلون فيها لتأكيد الموعِد. دفعَ الجواب ماهر الأسد لتغيير طريقه فوراً. ولم تمضِ دقائق على الاتّصال حتّى سقطت على الفيلّا عدّة صواريخ إسرائيليّة شديدة الانفجار، دمّرتها بشكلٍ كامل وقتلت جميع من كانَ فيها.

أكّدَ هذا الاتّصال والاستهداف الذي عقبه لماهر الأسد أنّ الخرقَ الإسرائيليّ الأمنيّ هو في صفوف الحرسِ الثّوريّ، فتوجّه ماهر للقاءِ شقيقه بشّار، وأخبره بما حصلَ مع الإيرانيّين. تحدّثَ رئيس النّظام المخلوعِ مع قادة الحرس الثّوريّ في سوريا وأبلغهم أنّ الخرقَ الإسرائيليّ يتمّ عبر أحد المُستشارين الأمنيّين في السّفارة الإيرانيّة.

 

لكنّ الخرقَ لم يكن فقط على هذا المُستوى. إذ بعد أيّامٍ قليلةٍ من إبلاغ بشّار الأسد الإيرانيين بهويّة الشّخص الذي يشكُّ السّوريّون في عمالته، أغار سلاح الجوّ الإسرائيليّ على شقّةٍ في حيّ المزّة الدّمشقيّ في الثّامن من تشرين الأوّل 2024، وكانَ من بينِ القتلى المُستشار الذي أثارَ ريبةَ بشّار وماهر الأسد.

هذا يعني أنّ تلّ أبيب تبلّغَت أنّ النّظام السّوريّ اكتشفَ عمالةَ الشّخصِ المعنيّ، فقرّرَت القضاء عليه لئلّا يكشفَ عن شبكاتٍ أخرى تعملُ لها، أكانَ في صفوف الحرس الثوري “الباسدران” أو في صفوف النّظام السّوريّ.

هذه الأحداث هي التي دفَعَت بإيران للتّحقيقِ مع قائد قوّة القدس إسماعيل قاآني، الذي اختفى عن الأنظار لأيّام عدّة في الأسبوعيْن الأوّليْن من شهر تشرين الأوّل 2024، قبل أن يتأكّد الإيرانيّون من أنّ الخرقَ كانَ في مكتب قاآني شخصيّاً عبر أحد مساعديه الأساسيّين.

الصّواريخ التي أسقطَت بشّار..

لم يكنُ بشّار الأسد راضياً عن الضّغط الإيرانيّ على شقيقه ماهر لمساندةِ “الحزبِ” في لبنان. ذلكَ لأنّه كانَ قد تلقّى تحذيراً إسرائيليّاً فورَ بدء الحربِ على لبنان مُفاده أنّ انخراط النّظام في دعمِ “الحزبِ” أو السّماح للإيرانيين بالعمل على الأراضي السّوريّة ضدّ إسرائيل أو تحريك جبهة الجولان ستُقابلها إجراءات إسرائيليّة أقلّها إسقاط نظامه أو استهدافه شخصيّاً.

اتّخذَ الأسد إجراءات في محاولةٍ للحدّ من نفوذ إيران في سوريا، ومن ضمنها منع الميليشيات العراقية من إطلاق الصّواريخ على هضبة الجولان. حتّى إنّ الإعلام السّوريّ من “تلفزيون” و”إذاعات” وصحف توقّف منذ السّابع من أكتوبر (تشرين الأوّل) 2023، موعد عمليّة “طوفان الأقصى”، عن تغطية خطابات الأمين العامّ لـ”الحزب” حسن نصرالله.

لكنّ بعد اشتداد وتيرة الحرب على “الحزبِ” في لبنان، حاولَ الإيرانيّون الضّغطَ على الأخوَين الأسد لتمرير شحنات الأسلحة. رفضَ بشّار أيّ انخراطٍ في الحربِ، وكذلكَ ماهر الذي لم يكن متحمّساً نظراً للعواقب الإسرائيليّة التي ستترتّب على ذلكَ.

عمليّة التّهريب الأخيرة

استطاعَ الضّغط الإيرانيّ على ماهر الأسد فرض خطوتَين، لكنّهما ستكونان المسمار الأخير الذي سيُدقّ في نعش نظام البعث:

– الأولى: تهريب شحنةٍ من صواريخ “كورنيت” الرّوسيّة المُضادّة للدّروع.

– الثّانية والأهمّ: تهريب 3 صواريخ بالستيّة دقيقة قادرة على مراوغة الدّفاعات الجوّيّة. حاولَ ماهر الأسد تخفيف وطأتها لئلّا يستفزّ تل أبيب، فجهّزها بحشواتٍ أقلّ بكثير من حشوتها الأصليّة التي تبلغ 500 كيلوغرام من المُتفجّرات.

وصلَت هذه الصّواريخ إلى السّلسلة الشّرقيّة في لبنان عبر نفقٍ يزيد طوله عن 3 كيلومترات. وأُطلقَت يومَ 24 تشرين الثّاني نحوَ تل أبيب، أي قبل يوميْن من دخول اتّفاق وقف إطلاق النّار حيّز التّنفيذ. جديرٌ بالذّكر أنّه في ذلكَ اليوم أطلق “الحزبُ” أكثر من 6 صواريخ ومسيّرات نحوَ تل أبيب كانَ من ضمنها الصّواريخ التي هرّبتها الفرقة الرّابعة إلى الحدود اللبنانيّة – السّوريّة.

في اليوم التّالي أعلنَ الجيش الإسرائيليّ تدمير نفقٍ في منطقة الحدود اللبنانيّة – السّوريّة يبلغ طوله 3 كيلومترات، وهو النّفق الذي هرّب عبره ماهر الأسد الصّواريخ إلى “الحزب”.

دفعت هذه العمليّة رئيس الوزراء الإسرائيليّ بنيامين نتنياهو إلى مخاطبة بشّار الأسد بشكلٍ مباشرٍ في كلمته التي ألقاها لإعلان التّوصّل إلى اتّفاق لوقف إطلاق النّار يومَ 26 تشرين الثّاني بقوله: “يجب أن يفهم بشّار الأسد أنّه يلعب بالنّار”. بعد أسبوعيْن من استهداف تل أبيب سقطَ نظام بشّار الأسد، بعدما كانَت إسرائيل تتمسّك ببقائه لتعهّده بضمان أمنها وأمن حدودها، لكنّ ما تبيّنَ في تل أبيب أنّ بشّار الأسد لا يستطيع السّيطرة على الأرض، وبالتّالي آن أوانه رحيله.

ابراهيم ريحان - اساس

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا