محليات

الرشاوى والإشكالات... عنوان "العرس الديمقراطي" في الشمال

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

في مشهدٍ يُفترض أن يُجسّد الممارسة الديمقراطية والتمثيل الشعبي، تحوّلت الانتخابات البلدية والاختيارية في محافظة الشمال إلى ساحة يغلب عليها التوتر، وتغيب عنها الشفافية، حيث طغت الرشاوى، والإشكالات، والمخالفات القانونية على مجريات يوم انتخابي بدأ عند الساعة السابعة صباحاً، ولم يحمل معه سوى المزيد من الأسئلة .

أكثر من 400 شكوى جرى تسجيلها خلال النهار، بحسب ما وثّقته منظمات المراقبة، وتنوّعت بين عمليات شراء أصوات جرت في العلن، واحتكاكات مباشرة داخل أقلام الاقتراع، وتجاوزات في محيط المراكز الانتخابية، وسط عمل متواصل للأجهزة الأمنية لضبط الوضع ومنع انفلات الأمور. وعلى الرغم من الإجراءات الوقائية، فقد شهدت العديد من القرى توترات حادّة داخل المدارس التي خُصصت كمراكز اقتراع، حيث اندلعت مشادات كلامية تطورت في بعض الحالات إلى اشتباكات بالأيدي، ما استدعى تدخل الجيش في أكثر من موقع لإعادة الهدوء.

في سياق متصل، أشارت مصادر أمنية إلى أنّ حجم الانتهاكات الانتخابية التي جرى رصدها في الشمال خلال هذا اليوم "غير مسبوق"، لافتة إلى أنّ القوى الأمنية، وبتوجيهات مباشرة من وزير الداخلية أحمد الحجار، عملت على توقيف عدد من المشتبه بتورطهم في عمليات رشوة انتخابية، خصوصًا تلك التي ظهرت بوضوح عبر وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي.

ورغم الجهود الأمنية، بقي المال الانتخابي هو اللاعب الأبرز في الساعات الأخيرة، وفق تعبير المصدر الأمني، الذي أشار إلى أنّ الاكتظاظ المفاجئ في الربع ساعة الأخير من الاقتراع، لا يمكن تفسيره إلا على ضوء التحركات المنظّمة التي شهدتها مداخل بعض المراكز. أما اللافت، فكان غياب المعرفة الواضحة لدى عدد كبير من الناخبين باللوائح المتنافسة، إذ دخل البعض إلى أقلام الاقتراع حاملاً ورقة مسبقة، من دون أن يعرف أسماء المرشحين أو مضمون البرنامج.
شهادات من داخل عدد من المراكز عزّزت هذا المشهد، حيث أبلغ أحد المندوبين في إحدى القرى "لبنان24" قائلاً: "سألنا شابًا وصل للتوّ: لمَن جئت تصوّت؟ فصمت ولم يعرف الإجابة. بدا وكأنّه أُرسل فقط ليُسقِط الورقة في الصندوق، لا ليُمارس حقًا ديمقراطيًا".

المال الانتخابي لم يأتِ فقط بصيغة مباشرة، أي دفع نقدي مقابل الصوت، بل تعددت صوره، فتارةً جاء على شكل تقديم خدمات شخصية، كتسديد ديون متراكمة، أو إنهاء معاملات في الإدارات الرسمية، وأحيانًا دُفعَت أقساط جامعية أو وُزّعت مساعدات منزلية. وقد تمكّن بعض "المقترعين" من الحصول على هذه الخدمات مقابل التزامهم المسبق بلائحة معينة، ما يعكس تحوّل العملية الانتخابية إلى مناسبة لمساومات اجتماعية أكثر منها محطة لمحاسبة أو تجديد تمثيل.
في المقابل، لم تحظَ هذه الانتخابات بنسبة مشاركة توازي حجم الضجيج السياسي الذي سبقها. فقد سجّلت مناطق عدة نسب اقتراع متدنية، لا سيما في طرابلس والمنية والكورة، ما أثار انتباه المراقبين الذين أرجعوا هذا العزوف إلى حالة الإحباط الشعبي من الأداء البلدي السابق، وانعدام الثقة بإمكانية إحداث تغيير فعلي عبر صناديق الاقتراع.

من عكار إلى الضنية، ومن زغرتا إلى طرابلس، مرورًا بالكورة والبترون، بدا واضحًا أنّ يوم الاقتراع في الشمال لم يكن مناسبة ديمقراطية بالمفهوم الكامل، بل محطة أخرى تعكس هشاشة النظام المحلي، وضعف الوعي الانتخابي، والهوة الكبيرة بين الناخب وصوته. انتخاباتٌ مرّت تحت العنوان الديمقراطي، لكنّ نتائجها ستبقى مرهونة بما لم يُكتب في المحاضر، بل بما كُرّس من أعراف جديدة تطمس الإرادة الحرة للناس.

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا