شيخ العقل يلتقي السفير الفرنسي مطالبا بضمانات لتعزيز ثقة السوريين بدولتهم
قدر لبنان وسوريا
لا حدود للاختلاط السكاني بين لبنان وسوريا، وبالطبع للترابط في الوضع الجيوسياسي. ولا شيء يغير تكوين البلدين مهما تكن حال العلاقات السياسية حتى أيام الوصاية السورية في نظام الأسد. فكل مكون في سوريا له ما يماثله في لبنان. وأي ضغط على الدروز والعلويين والمسيحيين والسنة له انعكاسات في الوطن الصغير. انعكاسات سياسية، وانعكاسات أمنية، وانعكاسات طائفية. لكن ما حدث مؤخراً، ولا يزال يحدث، هو تجاوز الضغط إلى ارتكاب المجازر في الساحل والهجوم بالأسلحة على جرمانا وصحنايا والأشرفية. اندفاع في "التكفير" الذي هو حكم بالقتل على أيدي فصائل جهادية سلفية مسلحة بفتاوى ابن تيمية مع رخصة للقتل الجماعي. ولا أحد يعرف إن كان الوضع الجديد برئاسة أحمد الشرع يستطيع بالفعل ضبط مجموعات مسلحة مندمجة مع تشكيلاته العسكرية أو مستقلة عنها. غير أن العجز عن ذلك يعني أن نافذة الفرصة المفتوحة أمام الشرع وأركان "هيئة تحرير الشام" لبناء دولة تضمن الأمن الوطني وأمن المواطنين تضيق شيئاً فشيئاً. وليس هذا في مصلحة سوريا، ولا مصلحة لبنان، ولا المصلحة العربية والدولية.
ذلك أن الارتباط وثيق بين أمن لبنان وأمن سوريا. والتحدي واحد: إنهاء وجود أي سلاح خارج الشرعية، سواء كان في أيدي لبنانيين أو سوريين أو فلسطينيين، ومنع الفصائل الفلسطينية من القيام بأي عمل يهدد الأمن القومي. إذ في إحدى مراحل الوصاية السورية خلال الحرب كان شعار "أمن سوريا من أمن لبنان" شعاراً للاستهلاك، في حين أن الممارسة في الواقع هي أمن سوريا من اللاأمن في لبنان. ففي بيروت كانت الألعاب الخشنة مع العرب والغرب، وفي دمشق كانت التفاهمات الناعمة. ولم تقصر الوصاية الإيرانية في ممارسة اللعبة نفسها إلى حد دفع لبنان عبر "حزب الله" إلى حربين مع إسرائيل، لتقوية أوراق طهران في اللعبة الإقليمية واللعبة الأكبر مع أميركا.
لكن المفاعيل جاءت عكسية. الرئيس بشار الأسد الذي قرر إجبار اللبنانيين على التمديد للرئيس إميل لحود بحجة أن هذه مصلحة سوريا، قال للرئيس رفيق الحريري، حسب المحضر الذي نشره نائب الرئيس السابق فاروق الشرع في مذكراته، إنه "إذا انهار لبنان ستنهار سوريا"، ثم دفع ثمن العناد والغطرسة في حرب انتهت بهربه وانهيار النظام. وألعاب الحرب الإيرانية مع إسرائيل قادت إلى ضربة شديدة لـ "حزب الله" وانحسار النفوذ الإيراني ثم خسارة "الجسر السوري" لمشروع الجمهورية الإسلامية الإقليمي.
وكما في لبنان كذلك في سوريا: تغول إسرائيلي خطير واعتداءات في حرب من طرف واحد. دمشق عاجزة عن الرد العسكري، وبيروت متكلة على الدبلوماسية. وهما معاً في حاجة إلى التفكير خارج الصندوق، والانطلاق من إعادة النظر في اتفاقات الماضي إلى علاقات طبيعية ثم إلى ما هو أهم: العودة إلى الأصول. وهذه قوة للبلدين. فلا مجال لحكم سوريا بفتاوى ابن تيمية. ولا ضمان لسوريا إلا بالانفتاح على التنوع الاجتماعي الغني. والضمان الأهم والأكبر لبناء دولة في لبنان ودولة في سوريا هو الأمن والحرية والاقتصاد.
والحاجة هي إلى ما كانت تسميها المعتزلة "حركة نقلة" بدل المراوحة في "حركة اعتماد".
رفيق خوري -نداء الوطن
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|