الصحافة

من يأمر بضرب حزب الله؟؟

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

مشكلتنا كلبنانيين، في كوننا لا نتقن اللعب على حافة الهاوية (Brinkmanship)، هوايتنا التاريخية اما اللعب بالدم والنار في الهاوية، أو الانزلاق الدرامي بالتأجيج السياسي والتأجيج الطائفي نحو الهاوية، دون أن يكون هناك من خيط فاصل، ولو كان خيط العنكبوت، بين اللغة السياسية واللغة الطائفية، ماد دام لدينا بعض القادة على شاكلة العناكب البشرية.

لا أحد الا ويعلم من هي الجهة الخارجية التي تتولى تمويل وسوق احدى القوى السياسية  لأغراض قبلية، أو لأغراض طائفية، أو لأغراض جيوسياسية، دون أي اعتبار لهشاشة الوضع الداخلي ولقابليته للانفجار، ليبدو التطابق في الموقف وفي الرؤية مع الرؤية "الاسرائيلية"، وهي الرؤية (والرؤيا) التوراتية التي لا أثر فيها للبنانيين ولا للعرب. اذاً من تراه يطعن في الصدر وفي الظهر الرئيس جوزف عون الذي يتعامل مع الحالة اللبنانية، كلبناني حقيقي، بعيداً عن ثقافة النخاسة (النخاسة السياسية) الشائعة في مجتمعنا وفي مجتمعاتنا منذ القرن التاسع عشر، بل وقبل ذلك بكثير ما دمنا قد قبلنا أن ندار مثلما تدار الرسوم المتحركة؟

المسألة انتقلت الى الضوء مع "هؤلاء لا يشبهوننا" (ويا ليتكم تعرفون شكل القائل!)، كما لو أن من يقودونهم يشبهونهم. لتصل الى حد الدعوة الى ترحيلهم. وكنا أول من كشف عن خطة ترحيل قيادات وعناصر حزب الله بالبواخر أو بالحافلات، كما لو أن الشيخ نعيم قاسم هو ياسر عرفات، وكما لو أن المقاومين لم يخرجوا من هذا التراب، الذي كان رهين الأقدام الهمجية، قبل أن يتم اجتثاثها بالدم من أرضنا. وكانت الجهة اياها قد هددت الحزب بقاذفات ودبابات  بنيامين نتنياهو، وبسواطير وأسنان أحمد الشرع.

كثيراً ما كتبنا ضد انخراط حزب الله في السياسات الداخلية، وقد أرهقه الالتزام الأخلاقي (قلت ذلك للسيد حسن نصرالله)، في بلد هو المثال في الزبائنية ـ أفظع أنواع الزبائنية ـ وفي الفساد ـ أبشع أنواع الفساد ـ وقد نكون ضد حرب الاسناد، كخطأ تكتيكي أو كخطأ استراتيجي (لكنها أرقى أنواع التجلي الأخلاقي)، بتداعياتها الكارثية على المستويات كافة. بيد أن المقاومين لم يهبطوا من كوكب آخر، ولم يوجدوا بالصدفة أو بالهجرة. هم موجودون مثل الجبال ومثل الحقول، مثل اشجار الزيتون ومثل أزهار الأقحوان في هذه الأرض، التي طالما زغردت لآلامهم ولبطولاتهم في مواجهة قبائل "ياجوج وماجوج".

لكن دولتنا ودولنا، التي صنعت على طريقة "ديزني لاند"، ثابرت على اجترارها للأزمنة الغابرة، الأزمنة الميتة. روجيه غارودي الذي أعرب عن ذهوله، لأن الزلزال "الاسرائيلي" لم يهز نخاعنا الشوكي، قال لنا في حديث أجريناه معه لدى زيارته بيروت، اننا ما زلنا نقيم في مضارب القبيلة، دون أن تأخذنا أو تلامسنا  لعبة القرن. بالحرف الواحد "جيوبوليتيكا القبيلة". لا رؤية ولا استراتيجية عربية منذ سقوط السلطنة العثمانية، ودون أن نحاول، في ظل معادلة الحلال والحرام التي تمكنت من تفريغ رؤوسنا من محتواها، صياغة أي خارطة طريق لا الى القرن، ولا حتى الى الحياة.

الآن لا أحد نسند اليه رؤوسنا وظهورنا سوى الأميركيين، الذين متى تعاملوا حتى مع حلفائهم كما تعامل الكائنات البشرية. الكاتب الفيتنامي فان ثي كيم فوك لاحظ أن الجنود الأميركيين كانوا يتلهون بجنود حلفائهم في الجنوب، كما لو أنهم حشرات "الفانوس المرقط". يطلقون النار على أقدامهم، وأحياناً على رؤوسهم. ولقد شاهدنا كيف تعامل دونالد ترامب مع الملك عبدالله الثاني و فولوديمير زيلينسكي، وحتى بنيامين نتنياهو..

في مذكرات أندريه غروميكو، وزير الخارجية السوفياتي الشهير (1957 ـ 1985 )، لاحظ أن الأميركيين مأخوذون "بنموذج الكاوبوي الذي يطلق النار من بندقيته ساعة يشاء، وكيفما يشاء. وكنا نتساءل حين كنا نتحدث أو نحادث أي رئيس أميركي. أنه حيناً بشخصية الأمبراطور، وحيناً بشخصية الحانوتي الصغير Le petit boutiquier ".

اليس هذا ما ينطبق كلياً على دونالد ترامب. اذ كيف للاستراتيجية الكونية (أكثر من 800 قاعدة عسكرية في مختلف مناطق الكرة الأرضية) أن تفرض التعرفات الجمركية القاتلة، حتى على أقرب الدول من الولايات المتحدة، وصولاً الى الصين، ما يحمل رئيسة مجلس النواب السابقة نانسي بيلوسي على القول "كوكبنا أيها الرئيس ليس كوكب القردة"، في اشارة الى فيلم تيم برتون الذي حمل هذا العنوان.

حقاً لا ندري اذا كنا في الزمن الأميركي أم في الزمن "الاسرائيلي". ولكن حين يضرب نتنياهو من الجو، مَن تراه يأمر بضرب حزب الله من الأرض؟ القرار خارجي ومعروف، والمنفذ داخلي ومعروف. ناقم وغاضب على الرئيس جوزف عون، الذي لم يستخدم البتة عبارة "نزع السلاح"، وهي عبارة ساقطة وغير منطقية. هذا سلاح وجد ويبقى للدفاع عن لبنان، وفي اطار استراتيجية للأمن الوطني، بعدما بات جليّأ أن غاية "اسرائيل" تعرية العرب حتى من هياكلهم العظمية.

المثير أن تكون الولايات المتحدة هي التي تحمينا من الجنون "الاسرائيلي"، لنتوقف عند القول الساخر للمعلق الأميركي روجر كوهين "لا أحد من قادة العالم العربي يتجرأ على المثول بين يدي دونالد ترامب، كي لا يعود الى بلاده عارياً"!!

نبيه البرجي -الديار

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا