الصحافة

جنوب لبنان بمواجهة مرحلة إقليمية جديدة..

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

يشهد الجنوب اللبناني تصعيدًا أمنيًا متزايدًا، في ظل تكثيف الضربات الإسرائيلية وتراجع الاستقرار، ما يجعل المنطقة الحساسة بالفعل عرضة لتوتر دائم واشتباكات متقطعة. وفي سياق التصعيد، سجلت المؤسسة العسكرية سلسلة خسائر بشرية منها الرقيب الأول علي عبد الله من لواء الدعم- الفوج المضاد للدروع، الذي سقط في 23 كانون الأول، إثر غارة إسرائيلية استهدفت عنصرين من حزب الله كان برفقتهما.

هوية الجندي: جدل وتداعيات سياسية
مقتل الرقيب الأول أثار جدلًا واسعا حول مزاعم ارتباطه بحزب الله. ومع ذلك، سارع مكتب وزير الدفاع ميشال منسى وقيادة الجيش لنفي هذه الادعاءات بشكل قاطع. ووفق المعطيات المتوافرة، لا تتعدى العلاقة بين عبد الله والعنصرين المستهدفين حدود الجيرة والصداقة.

وتكتسب هذه التوضيحات أهمية مضاعفة، حيث يتزامن الجدل مع تقرير سابق نشرته وسيلة إعلام إيرانية مقرّبة من المرشد الأعلى، ادّعت فيه أنّ 30% من الجيش اللبناني مرتبطة بحزب الله والحرس الثوري الإيراني، وهو ما نفته قيادة الجيش أيضًا. وعلى الرغم من النفي، تجد المؤسسة العسكرية نفسها أمام تحدي الحفاظ على ثقة الداخل والخارج.

هذه السجالات أثارت في ظل مناخ إقليمي بالغ التوتر، قلق الحكومة اللبنانية وقيادة الجيش، كما أقلقت الأوساط السيادية وعددًا من الشركاء الدوليين الذين يحرصون في آن واحد على استقرار المنطقة وعلى صون مصداقية الجيش اللبناني الذي يحظى بدعمهم المالي واللوجستي.

وبعيدًا عن الأسئلة المشروعة، استثمرت هذه القضية لتعزيز خطاب حزب الله، الذي يسعى لتقويض صورة الدولة اللبنانية وإظهارها بمظهر العاجزة عن حماية جنودها ومواطنيها، مقابل تقديم نفسه كقوة قادرة على فرض ترتيبات أمنية حتى مع إسرائيل.

في المقابل، يتمسّك لبنان الرسمي بمسار مختلف جذريًا، يقوم على تنفيذ التزاماته المرتبطة بالمرحلة الأولى من تهدئة المنطقة الواقعة جنوب نهر الليطاني، والعمل على نزع سلاح حزب الله، مع الحفاظ على سيادة الدولة ووحدة أراضيها وضمان أمن جميع المواطنين دون استثناء.

التأكيد على دور المؤسسات
تواصل المؤسسات اللبنانية، على الرغم من محاولات النيل من شرعيتها، جهودها لتحقيق هذه الأهداف. وقد جرى التأكيد على هذا التوجه خلال اجتماع عُقد في اليرزة، في مقر قيادة الجيش.

قائد الجيش العماد رودولف هيكل شدّد خلال اللقاء، على أن المرحلة الأولى من عملية التهدئة جنوب الليطاني تقترب من نهايتها، مؤكدًا الجهوزية العملياتية للقوات المنتشرة لمواكبة المراحل اللاحقة. كما أشاد بأهمية الدعم الذي تقدمه الدول الصديقة للبنان للمؤسسة العسكرية. هذه التصريحات وجهت رسالة واضحة إلى الداخل والخارج مفادها أنّ الجيش اللبناني لا يزال لاعبًا فاعلًا وحاسمًا في بيئة إقليمية شديدة التعقيد.

تصعيد مرتبط بالتوتر الإقليمي
تكثيف الضربات الإسرائيلية يتزامن مع تصاعد المخاوف الإسرائيلية من احتمال تعرّضها لهجوم إيراني، سواء بشكل مباشر أو عبر أدوات طهران الإقليمية، وفي مقدّمها حزب الله. ووفقًا لموقع “أكسيوس”، تخشى إسرائيل أن تستغل إيران مناورات أو تدريبات عسكرية لإخفاء هجوم مباغت. ويستحضر هذا السيناريو سابقة تاريخية بارزة تعود إلى السادس من تشرين الأول 1973، حين استخدمت الجيوش المصرية والسورية تدريبات عسكرية كغطاء لشن الهجوم المفاجئ الذي دشّن حرب تشرين (حرب يوم الغفران).

وفي هذا الإطار، من المرتقب عقد اجتماع بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في مقر إقامة ترامب في مارالاغو بولاية فلوريدا. أما نتنياهو فيساوره القلق من التقليل من خطورة التهديد الذي تمثله الصواريخ الباليستية الإيرانية، مقابل التركيز الحصري على ملف تخصيب اليورانيوم لأغراض عسكرية.

الموقف الأميركي والسعي وراء الاستقرار
المواقف الرسمية للرئيس الأميركي لا تزال غير واضحة حتى الآن. غير أن الاستراتيجية الأميركية تبقى متمحورة حول الحفاظ على قدر من الاستقرار الإقليمي يتماشى مع مصالح واشنطن، وفي مقدّمها ضمان أمن إسرائيل. هذا التوجه تُرجم ميدانيًا في 24 كانون الأول، من خلال عملية محدودة نُفذت بالتعاون مع قوات أمن تابعة لوزارة الداخلية السورية، وأسفرت عن توقيف مسؤول بارز في تنظيم “الدولة الإسلامية”، وذلك على بعد أيام قليلة من إعلان التنظيم مسؤوليته عن مقتل جنديين أميركيين ومترجمهما.

لبنان عند مفترق استراتيجي حاسم
في المحصلة، أي إضعاف لمؤسسات الدولة اللبنانية بنظر شركائها الغربيين والعرب، سواء كان فعليًا أو مُتصوَّرًا، يصب مباشرة في مصلحة حزب الله وإيران. فهذان الطرفان يعتمدان استراتيجية النفس الطويل، ويعملان على تعزيز نفوذهما داخل لبنان لتحسين شروطهما في المفاوضات المرتبطة بالملف النووي الإيراني.

ويحمل هذا المسار مخاطر جسيمة، وضمناً عودة الاغتيالات السياسية وتعطيل مسار بناء دولة القانون وحرمان المواطنين من أبسط مقومات الأمن، فضلًا عن تقويض فرصة إقليمية نادرة لتحقيق السلام والاستقرار والتنمية المستدامة.

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا