عماد أمهز.. قُبطان أغرقته امرأتان؟
لماذا بثّت إسرائيل مقطع اعترافات عماد أمهز؟ وماذا عن توقيته وخلفيّاته؟ ومن هو “أبو موسى” الذي ذكره أمهز في مقطع الاعترافات؟
هو بحّارٌ أغرقتهُ امرأتان. الأولى ضابطة الاستخبارات الإسرائيليّة في الوحدة 8200 ذات الـ23 عاماً التي كشفت القُبطان عماد أمهز وما يُعرف بالبرنامج البحريّ السّرّيّ لـ”الحزب”. أمّا الثّانية فهي لبنانية ارتبطَ بها عماد أمهز وقالت المصادر إنّها كانت تعمل لمصلحة الاستخبارات الإسرائيليّة.
ليسَ تفصيلاً أن تبثّ إسرائيل في هذا التوقيت مقطع فيديو من الاعترافات المُسجّلة للقبطان عماد أمهز الذي قامت إسرائيل بخطفه مطلع شهر تشرين الثّاني 2024 في عمليّة خاصّة للبحريّة الإسرائيليّة على سواحل البترون شمالي لبنان.
أرادت تل أبيب أن تُرسِلَ إشارات نحو عدّة اتّجاهات في الدّاخل والإقليم، في توقيتٍ يحملُ الكثير من الدّلالات:
نشرَ المُتحدّث باسم الجيش الإسرائيليّ أفيخاي أدرعي مقطع الفيديو تزامناً مع انتهاء جلسة اللجنة العسكريّة التّقنيّة (MECHANISM). إذ كانَ الاجتماع هو الثّاني الذي يضمّ ممثّلين مدنيّين عن لبنان وإسرائيل. وقد رفعَت تل أبيب مستوى تمثيلها ووسّعت وفدها ليرأسه نائب مستشار الأمن القوميّ يوسي درازنين.
تزامن نشر اعترافات أمهز مع اقتراب الجيش اللبنانيّ من الانتهاء من المرحلة الأولى في خطّة حصر السّلاح، التي تشملُ نزعه في منطقة جنوب الليطانيّ.
في هذا الإطار، تذكر مصادر “أساس” أنّ الجيش تعامل مع أكثر من 200 ألف هدف في جنوب الليطاني. وتشمل كلمة “هدف” صواريخ وقذائف وصناديق ذخائر ومنشآت وأنفاقاً هجوميّة ودفاعيّة. لكنّ تل أبيب لا تزال تحاول الترويج والقول إنّ الجيش اللبنانيّ لم يقُم بما يكفي في جنوب الليطاني على الرّغم من أنّ الجانب الأميركيّ يعتبر ما قامَ به الجيش في المنطقة لجهة حصر السّلاح والانتشار مُهمّاً، نظراً لإمكانات الجيش على الصّعيد التّقني والعديد والعتاد.
بُثّ مقطع الاعترافات تزامناً مع اجتماع باريس الذي حضره قائد الجيش مع مسؤولين أميركيّين وسعوديّين وفرنسيّين لبحثِ دعم الجيش اللبنانيّ عبر مؤتمر تقرّرت إقامته في شباط المقبل.
من هو “أبو موسى”؟
أرادت إسرائيل في هذه اللحظة أن تستعرِضَ وتُؤكّد تفوّقها المعلوماتيّ والاستخباريّ على صعيد القيادة والدّائرة الضّيّقة في “الحزبِ”. إذ حرصت تل أبيب على بثّ المقطع الذي يحتوي اعترافاتٍ من أمهز قال فيها إنّ المشروع البحريّ السّريّ لـ”الحزبِ” كان محصوراً بينه وبين الأمين العامّ الأسبق السّيّد حسن نصرالله ومعاونه الجهاديّ فؤاد شكر (السّيّد محسن) والمدعوّ عليّ عبدالحسن.
ذكرَ أمهز أنّ “أبا موسى” تولّى مسؤوليّة الإشراف على الملفّ بعد شُكر لكنّه اغتيلَ. وتفيد مصادر “أساس” أنّ “أبا موسى” كانَ المقصود به قائد الوحدة الصّاروخيّة في “الحزبِ” إبراهيم قبيسي، الذي اغتيلَ في 24 أيلول 2024 في غارةٍ على شقّة في منطقة الغبيري في الضّاحية الجنوبيّة. وقد اغتيلَ مع “أبي موسى” نائبه عبّاس شرف الدّين (السّيّد جمال)، وحسين هاني عزّ الدّين (الحاجّ فارس).
هُنا يمكنُ القول إنّ إسرائيل أرادت أن تُذكّرَ أيضاً بخرقها الاستخباريّ على صعيد الوحدات وقادتها في “الحزبِ”، وليسَ فقط على صعيد أعلى الهرم القياديّ الأساسيّ.
ضمّت الاعترافات نقطةً مُهمّة، وهي ذِكرُ أمهز أنّ “الحزبَ” كان يُجهّزُ سفينةً تجاريّة مدنيّة لاستعمالها في أعمالٍ هجوميّة ودفاعيّة ضدّ مصالح إسرائيليّة وأجنبيّة. المُهمّ في هذا الاعتراف هو تضمينه نيّة “الحزبِ” مهاجمة أهدافٍ غير إسرائيليّة، وتحديداً أميركيّة. إذ ليسَ تفصيلاً أن تُبثّ أقوال كهذه على مشارف الزّيارة المُرتقبة لرئيس الوزراء الإسرائيليّ بنيامين نتنياهو للعاصمة الأميركيّة واشنطن للقاء الرّئيس دونالد ترامب في 29 الجاري.
سيستعرض نتنياهو في لقائه مع الرّئيس الأميركيّ خططاً مُحتملة لتجديد الحملة العسكريّة على إيران. وسيبحثُ معه أيضاً إمكان لجوء إسرائيل إلى عملٍ عسكريّ أوسَع ضدّ “الحزبِ” في لبنان. وبالتّالي يُمكن القول إنّ نتنياهو يُحاول اللّعب على حساسيّة ترامب ضدّ استهداف المصالح الأميركيّة في المنطقة.
استغلال المنشآت المدنيّة
تعمّدَت إسرائيل في اليوم الذي سبقَ بثّ اعترافات القبطان عماد أمهز أن تشيرَ إلى أنّ ضابطة الاستخبارات التي عملت على رصدِ وتحديد عمل أمهز وكشف البرنامج السّريّ لـ”الحزبِ” لا تتعدّى الـ23 من عمرها. وهذه رسالة استخفافٍ بـ”الحزبِ” نظراً لحجم الخرق الذي حقّقته الضّابطة، العاملة في الوحدة 8200 في الاستخبارات العسكريّة، على صعيد القيادة العُليا.
في سياقٍ مُتّصل، لكنّه أقلّ أهميّة، أرادت إسرائيل أن تُبرّرَ أسباب اعتقال أمهز عبر عمليّة خاصّة في عُمق السّواحل اللبنانيّة، بخاصّة أنّ ظاهر عمل عماد أمهز “مدنيّ”، فهو يعمل قبطان سفينة تجاريّة، وهذا ما دفعها لكشفِ دوره العسكريّ من أجل تبرير اعتقالهِ أوّلاً، واستمرار الإبقاء عليه في السّجون الإسرائيليّة ثانياً.
رسالة أخرى أرادت تل أبيب كشفها في هذا التّوقيت. ومضمونها أنّها تستطيع الوصول إلى قيادات “الحزبِ” بمعزل عن مهمّاتهم ورُتبهم، خصوصاً أنّ البثّ جاءَ على بُعدِ 3 أسابيع فقط من اغتيال المعاون الجهاديّ للأمين العامّ هيثم علي طبطبائي (أبي عليّ) في ضاحية بيروت الجنوبيّة.
جنحَت تل أبيب نحوَ العملِ على إثبات أنّ “الحزبَ” يستخدم المنشآت المدنيّة مُنطلقاً للهجمات ضدّها. وهذا أيضاً ليسَ بعيداً عن سياسة إسرائيل القائمة على تبرير نسف الأهداف المدنيّة في الجنوب باعتبارها منشآت عسكريّة وبنى تحتيّة يستعملها “الحزب” ضدّ أهدافٍ إسرائيليّة.
ابراهيم ريحان - اساس ميديا
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآن| شاركنا رأيك في التعليقات | |||
| تابعونا على وسائل التواصل | |||
| Youtube | Google News | ||
|---|---|---|---|