خبر سار للبنانيين… أسعار المحروقات إلى انخفاض مستمر حتى ما بعد مطلع 2026!
"داعش" في "تحوّراته" الجديدة... هل بدأت كرة النار بالتدحرج؟
كان سقوط نظام بشار الأسد أشبه بـ«سيف ذو حدين» بالنسبة لـ«تنظيم الدولة الإسلامية»، من جهة شكل فرصة لانتعاش الآمال وتجدد المشاريع، بفعل الفوضى التي نشأت جراء انفراط عقد المؤسستين العسكرية والأمنية، ومن جهة اخرى شكل صدمة لهيكل التنظيم الذي كان يعتاش على اليأس والانقسام لتعزيز «مشروعية» وجوده، و «تغذية» التجنيد في صفوفه.
وفي هذا السياق، كان الواقع الجديد بعد 8 كانون أول 2024، قد أدى إلى تهديد الكثير من الأسس الفكرية للتنظيم، ومعها العديد من عوامل «شرعيته»، كان من أبرزها «وحدة النهج» التي تجمع بينه وبين السلطات الجديدة، الأمر الذي دفعه إلى تبني مسارين منفصلين : الأول هو التمرد المسلح في المناطق الواقعة تحت سيطرة «قسد»، والثاني هو «الإرهاب الحضري» في مناطق سيطرة الحكومة السورية، التي تحول بينه وبين الصدام مع قوات النظام، إيمانا منه بأن لحظة الصدام لم يحن أوانها بعد.
وعلى امتداد نحو عشرة أشهر، استطاع التنظيم تحقيق العديد من الاختراقات في مناطق شرق الفرات، وفشل في تحقيق اختراقات وازنة في مناطق سيطرة الحكومة، وإذا استثنينا تفجير كنيسة «مار الياس» بحي الدويلعة في 22 حزيران الفائت، فإن قوات الأمن السورية استطاعت إحباط عشرات الهجمات، الأمر الذي يشير بقوة إلى نجاح هذه الأخيرة في اختراق شبكات التنظيم، ولعل جزءا من ذلك النجاح يعزى إلى وجود تقاربات سابقة بين الطرفين.
فرض انضمام الحكومة السورية إلـى «التحالف الدولي لمحاربة داعش»، جعل «داعش» يُقلع عن استراتيجيته السابقة، القائلة بوجوب تجنب الصدام مع القوات الحكومية، وإذا كانت هذه الأخيرة قد شاركت إلى جانب قوات «التحالف» في العديد من العمليات، التي شنها الطرفان ضد التنظيم قبيل الإعلان عن انضمامها رسميا إليه في 10 تشرين الثاني الفائت، فإن التنظيم كان قد نظر إلى الانضمام الى «التحالف» على أنه «إعلان حرب» لا يمكن تجاهله، الأمر الذي يمكن تلمسه بوضوح من خلال الهجوم العنيف الذي شنته صحيفة «النبأ»، لسان حال التنظيم، على حكومة الشرع في أعقاب ذلك «الإشهار»، حيث ستقول الصحيفة في افتتاحية العدد 525 الصادر يوم 11 كانون الأول الجاري، إن «ما جرى (8 كانون الأول 2024) لم يكن تحريرا، بل تحررا من الشريعة». ولربما حملت السطور التي احتوتها تلك الافتتاحية نذيرا بذلك التصعيد الذي شهده الأسبوع الماضي، بدءا بحادثة تدمر التي راح ضحيتها جنديان أميركيان، إلى جانب مترجم مدني، مرورا بحادثة معرة النعمان في اليوم التالي لحادثة تدمر والتي استهدفت دورية أمن، وراح ضحيتها أربعة عناصر من هذه الأخيرة، وصولا إلى الاعتداء على عناصر من الضابطة الجمركية في منطقة الزربة بريف حلب.
كما شهدت مدينة ادلب وريفها خلال الأيام القليلة الماضية تطورات لافتة، وهي تتمثل بانتشار منشورات ورقية في عدد من الأحياء والبلدات، وهي تحمل شعارات متطرفة، وعبارات تهدد بعودة نشاط «داعش» من جديد. وقد أفادت مصادر محلية بأن تلك المنشورات كانت قد وزعت في مناطق متفرقة، وتضمنت عبارات تنتقد فيها سياسات الحكومة الانتقالية، وتشكك في طبيعة المرحلة الحالية، مع الإيحاء بعودة التنظيم إلى الواجهة.
وعلى الرغم من أن تلك المنشورات لم تكن بالتزامن مع أي تحركات مسلحة، فإن ظهورها المفاجئ كان قد أعاد إلى الأذهان مخاوف قديمة، مرتبطة بنشاط ما يسمى بـ «الخلايا النائمة»، كما انتشرت تقارير يوم الخميس تفيد بقيام مسلحين بقطع طريق حلب – حماة. وقد أفادت مصادر محلية لـ «الديار» أن «مسلحين يشتبه في انتمائهم إلـى «داعش»، كانوا قد قاموا برفع راية هذا الأخير على الطريق». وأضافت تلك المصادر أن «هذا استمر لنحو ساعة، قبل أن يغادر المسلحون، دون وقوع أي اشتباكات لهم مع قوات الأمن التي حضرت بعد مغادرتهم».
هذا التكثيف والضغط الذي يمارسه التنظيم في هذه المرحلة، يمكن أن يشير إلى سياساته ورهاناته الجديدة، ولربما كان الأبرز منها هو الرهان على إمكان حدوث انقسام «ولائي» داخل التشكيلات العسكرية التابعة للحكومة السورية، وهذا الانقسام ليس بالضرورة له أن يتمظهر من خلال انشقاقات علنية، بل من الممكن له أن يتجلى عبر مظاهر عديدة متنوعة، مثل «التراخي الأمني»، و «غض الطرف»، أو «التعاطف مع تحركات التنظيم»، والمساعدة في «تسريب معلومات دقيقة»، وصولا إلى «التواطؤ». ولربما كانت هذه السياسات تشير إلى أن الهدف الاستراتيجي للتنظيم اليوم، هو عند محاولة اختراق الفصائل الوازنة في السلطة، وليس عند السيطرة على الجغرافيا.
تشير التحركات التي يمارسها التنظيم اليوم على مختلف الصعد، إلى وجود «متحور» جديد منه، وهو يسعى إلى الاستثمار في مرحلة انتقال سياسية بالغة الهشاشة، ليكون فاعلا تفكيكيا فيها، وهو إذ يسعى إلى سحب البساط من تحت قدمي السلطة، عبر محاولة فرض نفسه كـ «مرجعية جهادية» وحيدة، فإن أدواته تتركز في محاور ثلاثة لتحقيق ذلك: الأول هو ضرب تماسك الوحدات العاملة في وزارتي الدفاع والداخلية، والثاني هو تعميق الانقسامات الحاصلة داخل تلك الوحدات عبر استمالة بعض أفرادها، أما الثالث وهو الأهم، فيتمثل بمحاولة إفشال الرهان الأميركي على السلطة، كشريك محلي في محاربة الإرهاب.
عبد المنعم علي عيسى -الديار
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآن| شاركنا رأيك في التعليقات | |||
| تابعونا على وسائل التواصل | |||
| Youtube | Google News | ||
|---|---|---|---|