القوات اللبنانية تردّ بأقسى العبارات على رواية “بخّ السم”… "خيالٍ مريض وإفلاسٍ سياسيّ"
تشهد الساحة السياسية في الأيام الماضية سجالات حادّة، بعد الكلام الذي أطلقه رئيس الجمهورية حول “من يبخّون السمّ في الخارج”، وما أعقبه من موجة تحليلات ذهبت بغالبيتها إلى ربط كلامه بمسؤولين قواتيين. ولعلّ أبرز ما طُرح في هذا السياق جاء عبر صحيفة “الجمهورية”، التي لمّحت بالأحرف الأولى إلى اسم المسؤول القواتي جوزاف جبيلي، موجّهةً إليه وإلى حزبه تهمة الوقوف خلف “بخّ السمّ” من دون أن تسميهما صراحة.
وفي خضمّ هذا المناخ، صدر صباح اليوم بيان شديد اللهجة عن الدائرة الإعلامية في حزب “القوات اللبنانية”، هاجم فيه الحزب ما وصفه بـ“حملة تضليل” تقودها بعض وسائل إعلام الممانعة، وتزعم أنّ واشنطن تحدّد مواقفها من المسؤولين اللبنانيين استنادًا إلى “وشايات” يرفعها لبنانيون لدى الإدارة الأميركية. ورغم أنّ البيان لم يُشر مباشرةً إلى رئيس الجمهورية، إلّا أنّ التقاطع البيّن بين مضمونه والتصريحات الأخيرة للرئيس جوزاف عون، يضع الأخير عمليًا في دائرة الردّ السياسي غير المباشر.
وكان رئيس الجمهورية قد قال خلال لقائه نقابة المحررين إن “بعض اللبنانيين الذين يزورون أميركا وبيحكوا غلط وبيخّوا السمّ على بعضهم بعضًا هم الذين ينقلون الأخبار”، ناقلًا عن مسؤولين أميركيين أنهم يعتبرون أنّ “اللبنانيين لا يرحمون أنفسهم”. ما أعاد إشعال الحديث عن “رواية الوشايات” في الداخل.
في المقابل، جاء بيان “القوات” بلهجة غير مسبوقة، واصفًا رواية بخّ السم بـ“الخيال المريض” و“الإفلاس السياسي المكشوف”، ومعتبراً أنّ “بخّاخي السمّ الفعليّين” و“الوشاة الحقيقيّين” هم من “جرّوا البلاد إلى الهاوية والحروب والدمار”، وتسبّبوا بخراب القرى وتهجير العائلات والخروج الدائم عن الشرعية والقانون.
وتُظهر المقارنة بين كلام الرئيس وردّ “القوات” نقاطًا أساسية لا يمكن تجاوزها:
• إنّ أصل رواية “الوشايات” ورد في كلام رئيس الجمهورية، ثم جاء بيان “القوات” لينسفها بأشدّ العبارات.
• إنّ التقارب الزمني بين الحدثين يجعل الترابط السياسي بينهما أكثر من واضح.
• إنّ حدّة بيان “القوات” توحي بأن الردّ لم يكن موجّهًا فقط إلى وسائل الإعلام، بل إلى موقع سياسي رفيع أطلق الرواية أو ساهم في تعميمها.
• ورغم ذلك، تجنّب البيان تسمية الرئيس، ما يمنح الحزب هامشًا للإنكار إذا تطلّبت الظروف.
وعليه، يمكن القول إن “القوات اللبنانية” وجّهت ضمناً أعنف ردّ سياسي باتجاه رئيس الجمهورية منذ انتخابه، من دون أن تُسميه مباشرةً. فالسجال بات يتمحور حول سؤال واحد: من الذي يروّج لفكرة “الوشايات إلى واشنطن”؟ وفي هذا الإطار، تبدو “القوات” وكأنها اختارت ضرب الرواية من جذورها واستهداف مطلقيها بأقسى العبارات، ما يجعل رئيس الجمهورية أحد أبرز المتأثّرين بالبيان، ولو جاء صياغياً عاماً وعمومياً.
نصّ بيان القوات اللبنانية كما ورد
صدر عن الدائرة الإعلامية في حزب “القوات اللبنانية”، البيان الآتي:
دأبت في الأيام الأخيرة بعض وسائل إعلام الممانعة ومن يدور في فلكها على بثّ السموم والافتراءات الرخيصة عبر صفحاتها ومواقعها الإلكترونية وصحافتها الورقية ووسائلها المرئية، مطلقةً حملة تضليل جديدة تزعم أنّ واشنطن تبني موقفها من المسؤولين اللبنانيين استنادًا إلى وشاياتٍ مزعومة من لبنانيين لدى الإدارة الأميركية. وهو ادعاء لا يعبّر سوى عن خيالٍ مريض وإفلاسٍ سياسي مكشوف.
• أولًا، لم تُخترع في العالم نظرية أكثر سخفًا وسطحيّة من هذه الرواية، وكأن الأميركيين، أو أي دولة كبرى، يحدّدون سياساتهم بناءً على همساتٍ مرتجفة أو رسائل مدسوسة. هذه دول تُبنى قراراتها على مؤسسات وتحليلات ومعطيات، لا على فبركات أجهزة مأزومة تبحث عن شماعة لتعليق فشلها عليها.
• ثانيًا، أمّا في ما يتعلق بالقوات اللبنانية، فمواقفها المعلنة والصريحة والواضحة هي ذاتها داخل الغرف المغلقة وخارجها، بلا مواربة ولا ازدواجية. وإذا كان الشعب اللبناني قد التفّ ويلتفّ حولها، فهو انطلاقًا من هذه المواقف بالذات.
• ثالثًا، إنَّ بخّاخي السمّ الفعليّين، والوشاة الحقيقيّين، هم أولئك الذين دفعوا بالبلد إلى الهاوية، وجرّوه إلى حروبٍ عبثيّة ودمارٍ وخراب، وورّطوه في مغامرات كارثية دمّرت عشرات القرى الحدوديّة وشرّدت آلاف العائلات. هم من اعتمدوا سياسة الحروب والفوضى، والخروج الدائم عن الشرعيّة والقانون، حتى بات الوطن يدفع أثمان طيشهم وارتجالهم وعمالتهم عامًا بعد عام.
• رابعًا، ما يقوم به محور الممانعة ومن يدور في فلكه ليس جديدًا. فهذا المحور اعتاد، عند كل أزمة أو انكشاف، أن يبحث عن كبش محرقة ليتلطّى خلفه، في محاولة يائسة لمنعنا من مواصلة معركتنا من أجل قيام دولة فعلية، دولة لا مكان فيها لتنظيمات الظلّ ولا للأسلحة غير الشرعية التي تخنق ما تبقّى من المؤسسات.
وأخيرًا، مهما علت أصوات الافتراء وتكاثرت ألسنة السوء، فإنها لن تهزّ قناعتنا ولن توقف مسارنا. نحن ماضون في ما بدأناه، بلا تردد وبلا تراجع، ولن نُثنى عنه قيد شعرة، مهما اشتدّت الحملات ومهما ارتفع منسوب التشويه والتضليل.
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآن| شاركنا رأيك في التعليقات | |||
| تابعونا على وسائل التواصل | |||
| Youtube | Google News | ||
|---|---|---|---|