الصحافة

الشرع سيزور واشنطن... خطوة لتعميق التحوّل الجيوسياسي الحاصل في 8 كانون أول

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

شكلت محطة 8 كانون أول السورية تحولا جيوسياسيا وازنا في المنطقة، حيث أحدثت انزياحا تاما للتموضع السوري داخل « الرقعتين» الإقليمية والدولية على حد سواء. فعلى امتداد المرحلة الممتدة ما بين الإستقلال وبين العام 2024، كانت البلاد محسوبة بشكل ما على «الهوية» الشرقية، بكل ما يتركه الفعل من حمولات اقتصادية وسياسية، بل وثقافية أيضا. 

لكن بعد تلك المحطة، بدا أن خيارات البلاد ذاهبة نحو اماكن هي على النقيض من نظيرتها السابقة، ولعل ذاك كان واضحا في العديد من المحطات، التي كان أبرزها لقاء الرئيس الشرع بالرئيس الأميركي في الرياض في 14 أيار الماضي، ثم مشاركته في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، التي انعقدت شهر أيلول الفائت.

وفي الغضون كانت هناك خمس جولات من التفاوض، قد انعقدت بين وفود سورية و<اسرائيلية»، فيما تؤكد تقارير أن «السادسة» على الأبواب. وكل ذلك، إلى جانب تحرير الإقتصاد الذي أضحى خاضعا، لقوانين العرض والطلب، ويشير إلى مسار يراد له نقل «الرقعة» السورية من ضفة إلى أخرى، هي على النقيض تماما من الأولى.

ذكر المبعوث الأميركي توم براك خلال جلسة حوارية في < منتدى المنامة» يوم الجمعة، أن الرئيس السوري سيزور واشنطن يوم 10 تشرين ثاني الجاري، وأصاف <إننا نأمل أن تنضم سوريا إلى التحالف الدولي لمحاربة داعش». ولعل من المؤكد أن هذا الإعلان، يندرج أولا في سياق تعميق التحول الجيوسياسي الحاصل في سوريا منذ نهاية العام المنصرم، ووضعه في «قوالب» خادمة للإستقرار في المنطقة، وفقا للنظرة التي تتبناها واشنطن حيال ذلك.

وإذا كانت السلطات السورية قد شاركت، مباشرة أو بتقديم دعم لوجستي، في كل الضربات التي نفذها «التحالف الدولي لمحاربة الإرهاب» على الأراضي السورية منذ شهر شباط المنصرم، وهو ما أكدته البيانات الصادرة عن التحالف بهذا الخصوص، إلا إن ذلك كان يحدث من دون إعلان رسمي صادر عن تلك السلطات.

ولعل واشنطن كانت تبدي» تفهما» لدوافع السلطة حيال عدم إعلان مشاركتها في تلك العمليات، انطلاقا من التوازنات التي تقوم عليها هذه الأخيرة، والتي يمكن لفعل <الإعلان» أن يؤدي إلى اختلالها، لكن الإصرار الأميركي على انضمام دمشق رسميا للـ<التحالف الدولي»، يشير إلى أن واشنطن ترى أن مبررات « تفهمها» لم تعد قائمة.

قد يكون للخطوة التي أعلن عنها المبعوث الأميركي العديد من المزايا والتداعيات، التي سوف تنعكس إيجابا على استقرار السلطات السورية الجديدة، بل وأخرى تتعلق بالعديد من الملفات الداخلية، ذات العلاقة بوحدة التراب السوري وسيادة الدولة على أراضيها، وفي الذروة هناك ملف <شمال شرق الفرات» الواقع تحت سيطرة «قوات سوريا الديمقراطية - قسد»، التي كانت قد استمدت <مشروعيتها»، عبر مشاركتها في «التحالف الدولي» لمحاربة «تنظيم الدولة الإسلامية»، الذي جرى الإعلان عنه العام 2014. وفي حينها كان استبعاد نظام بشار الأسد عن المشاركة في ذلك التحالف يشير، إلى هدف أميركي يسعى إلى نزع الشرعية عن ذلك النظام، لكن عندما تسعى واشنطن إلى ضم النظام الحالي إلى تحالفها ذاك، فإنها بالتأكيد تسعى إلى إعطاءه شرعية دولية.

والأهم هو إن «لبوس» هذه الشرعية، لا يمكن أن يكون له «مقاسان»، بمعنى آخر فإن إعطاء النظام السوري هذه الشرعية، سيكون أشبه بسحب البساط من تحت قدمي <قسد»، الأمر الذي سيؤدي إلى إضعاف خياراتها، التي لم يكن ينقصها فعل من ذلك النوع،  منذ أن جرى التوقيع على اتفاق «10 آذار> بينها وبين الحكومة السورية.

وفي مقلب آخر، من المنتظر أن تكون لتلك الخطوة تداعيات، من الصعب تحديد احجامها الآن، على التوازنات الداخلية التي تقوم عليها السلطة. فـ<التحالف الجهادي»، الذي يشكل المقاتلون الأجانب عصبه الأقوى، والذي لا يزال يشكل رقما هاما في معادلات السلطة، سوف ينظر إلى تلك الخطوة، على إنها موجهة ضده بالدرجة الأولى. ولذا فإن خياراته نحوها قد تذهب نحو حتمية الصدام معها.

ومن المؤكد أن الأحداث التي شهدها « مخيم الفردان» في إدلب في شهر تشرين أول المنصرم، والتي قادت إلى صدام مباشر ما بين قوات « الأمن العام» وبين فصائل لمقاتلين أجانب، لم تكن سوى رأس» جبل الجليد»، الذي لم يحن بعد كشف قاعدته أو سفوحه، ولعل فعلا من نوع ما دعا إليه المبعوث براك، سيكون كفيلا بكشف <القاعدة» وصولا إلى «السفوح». لكن ما يبقى حاسما في هذا السياق، هو مدى الإسناد الذي يمكن للتحالف تقديمه للسلطة في هذا السياق.

من الواضح حتى الآن، أن واشنطن عازمة على تظليل السلطات السورية الراهنة بعباءتها.

فانضمام دمشق للـ<التحالف الدولي»، سيمثل فرصة كبيرة لدمشق يمكن لها أن تعزز من شرعيتها الدولية، الأمر الذي سوف ينعكس بدرجة كبيرة على استقرار البلاد، والذي سيحتاج بالتأكيد إلى خطوات أخرى، وفي الذروة منها الذهاب الى واشنطن وتمزيق <قانون قيصر»، الذي صمم أصلا لتمزيق البنيتين الإقتصادية والإجتماعية السوريتين.

وفي هذا السياق كشف محمد علاء الغانم، رئيس دائرة الشؤون السياسية في <المجلس السوري - الأميركي» عن إن المنظمات السورية الأميركية كانت قد «رفعت مذكرة إلى الكونغرس الأميركي تحثه فيها على إدراج المادة التي أجازها مجلس الشيوخ موخرا لإلغاء قانون قيصر، ضمن النسخة النهائية من موازنة وزارة الدفاع الأميركية». وأضاف الغانم أن «الآمال بحدوث ذلك باتت كبيرة الآن». 

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا