"أرنب" صندوق النقد: مساواة الودائع باليوروبوندز
إشكالية جديدة ظهرت في المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، ستُضاف إلى لائحة المعوقات التي قد تحول دون الوصول إلى برنامج تمويل بين الحكومة اللبنانية والصندوق في وقت قريب.
في الاجتماع الأول الذي عُقد بين صندوق النقد وشركتي "لازار"، التي تمثل الدولة اللبنانية في مفاوضات إعادة هيكلة اليوروبوندز، وشركة "أنكورا" التي تمثل المصارف اللبنانية التي تحمل قسمًا من هذه السندات، فاجأ ممثلو صندوق النقد المفاوضين بنظرية مفادها أنه ينبغي أن يكون التفاهم مع حاملي اليوروبوندز مماثلاً للتفاهم الذي سيجري اعتماده مع المودعين في المصارف اللبنانية.
هذه النظرية أربكت المفاوضين وفاجأتهم على اعتبار أن لا علاقة عضوية بين الحالتين. ديون اليوروبوندز هي ديون سيادية تسري عليها المعايير العالمية القائمة. في حين أن أموال المودعين هي مطلوبات ذات طابع خاص، وأقرب إلى القروض التجارية، ولا علاقة لها بالديون السيادية.
وبدا ممثلو صندوق النقد متمسكين بهذه النظرية، خلال المناقشات التي جرت حولها، في الاجتماع التمهيدي الأول.
وهنا يمكن طرح أكثر من علامة استفهام حول خلفية هذا الطرح، وكيف يمكن أن نترجمه على أرض الواقع؟
إذا كانت الحكومة قد أعلنت وتعهدت بإعادة الودائع كاملة، ولو بالتقسيط المريح، فهل يعني ذلك أنها ستكون مضطرة إلى إعادة دين اليوروبوندز بالكامل؟
واذا اعتبرنا أن الدولة ستنصاع لرأي صندوق النقد، وتلغي تصنيف الودائع، كما كانت تقترح خطة معالجة الفجوة المالية، فهذا يعني أن الحسابات السابقة المبنية على الخطة ستسقط. وبدلًا من حوالى 51 مليار دولار، تقدّر الخطة أنه ينبغي دفعها إلى المودعين، نقدًا وبسندات، سيعود الرقم إلى حوالى 82 مليار دولار. وإذا أضفنا إلى هذا المبلغ 31 مليار دولار قيمة اليوروبوندز من دون فوائد، فهذا يعني أن المبلغ الذي ينبغي تأمينه سيصبح 113 مليار دولار. فهل من عاقل يصدّق أن الدولة، والاقتصاد اللبناني، والمصارف قادرة على تأمين هذا المبلغ لتسوية ملفي الديون السيادية والودائع؟
هذا الواقع يعني أن صندوق النقد، والذي يعرف استحالة تحقيق هذا الأمر، لم يطرح نظرية المساواة بين المودعين وحملة اليوروبوندز من أجل تحصيل أموال الشريحتين بالكامل، بل من أجل الوصول إلى تسوية تتيح العودة إلى مبدأ الاقتطاع من الودائع، وتسوية ملف المودعين الكبار بالطريقة نفسها التي ستتم فيها تسوية ملف حملة اليوروبوندز.
وللتذكير، تتراوح التقديرات في شأن النسبة المئوية التي يمكن الوصول إليها مع حملة اليوروبوندز بين 25 و35 % من أصل كامل المبلغ. ويبدو أن صندوق النقد يرغب في أن يرى حلًا للودائع الكبيرة يعتمد النسب نفسها. أي اقتطاع ما بين 65 و75 % من قيمتها. وبهذه الطريقة، ستصبح المطلوبات من الدولة أقل بكثير مما هي عليه اليوم. وسيكون وضع المالية العامة أفضل، بحيث يطمئن الصندوق إلى القرض الذي قد يمنحه إلى الدولة ضمن برنامج التمويل الذي يجرى التفاوض عليه منذ سنوات.
النتائج الأولية التي خرج بها الاجتماع الثلاثي في واشنطن لا توحي بأن الأمور ستكون مُسهلة، وهناك مرحلة من التفاوض الشاق، تنتظر اللبنانيين، الذين أنهكتهم سياسات الانتظار الذي لا ينتهي.
أنطون فرح -نداء الوطن
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآن| شاركنا رأيك في التعليقات | |||
| تابعونا على وسائل التواصل | |||
| Youtube | Google News | ||
|---|---|---|---|