سلام مبادرة بيروت العربية مختلف عن سلام خطة ترامب ...فعلى أي جغرافيا سيُفاوِض لبنان؟

أشياء كثيرة تغيّرت على المستوى الإقليمي بين الماضي والحاضر، وتحديداً ذاك (الحاضر) الذي أنتجته الحروب والصراعات والمواجهات التي أعقبت 7 أكتوبر 2023.

فبعد هذا التاريخ، ورغم أن القضية الفلسطينية لا تزال محوراً لأي حديث عن مشروع سلام مُتكامِل بالنّسبة الى الدول العربية، إلا أن هناك نقاطاً كثيرة وواضحة تميّز في ما بين فلسطين التي حُكِيَ عنها ضمن مبادرة بيروت العربية (عام 2002) مثلاً، وتلك (فلسطين) التي ترسم مستقبلها خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لوقف حرب غزة، وتحقيق السلام.

سلسلة شاملة...

كما أن أي مفاوضات حدودية بين إسرائيل وسوريا ولبنان اليوم، باتت مختلفة بنسبة لا بأس بها، وعلى مستويات عدة، عن تلك (المفاوضات) التي كان يمكنها أن تحصل خلال التسعينيات مثلاً، أو في عام 2010، أو حتى في عام 2022.

فسوريا اليوم لم تَعُد سوريا الأمس. والحدود اللبنانية - السورية مع إسرائيل في مرحلة ما بعد 7 أكتوبر 2023، باتت مختلفة جذرياً عمّا كانت عليه قبل هذا التاريخ، وفي الماضي الأَبْعَد. وإذا أضفنا الى الوقائع السابق ذكرها ما تتناقله بعض الأوساط الأجنبية عن أن إسرائيل والولايات المتحدة الأميركية خاضتا حروب ومعارك ما بعد 7 أكتوبر 2023 جنباً الى جنب، وتكبّدتا خسائر، وهو ما لن تمرّرانه بنتائح ومفاوضات واتفاقيات أقلّ من تلك التي تُحدث تغييراً شرق أوسطياً جذرياً على المستويات كافة، (إذا أضفنا كل ذلك الى المشهد العام) يُصبح المستقبل ضبابياً جداً، إذا ما أردنا قياسه على ما يجري اليوم.

وهنا يُصبح السؤال، هل يكتفي الحلّ النهائي للحرب الإقليمية الكبرى التي اندلعت في 7 أكتوبر 2023 بحصر السلاح بيد الدول (كما هو الحال في لبنان مثلاً)، وببسط سلطة الدول على كامل أراضيها، وبترتيبات أمنية حدودية معيّنة... أم يتعدّى كل ذلك ليبلغ مرحلة رسم خرائط جديدة، أي جغرافيا إقليمية جديدة، أي منطقة جديدة، كشرط رئيسي لاستعادة الهدوء التام؟ وما هو الموقع المُحتَمَل للبنان ضمن تلك السلسلة الإقليمية الشاملة؟

الوقت...

أوضح العميد المتقاعد دانيال الحداد أن "المفاوضات ستكون طويلة جداً حتى على صعيد غزة، حيث لا يزال هناك تسليم سلاح "حماس"، وهي مسألة يكمن الشيطان في تفاصيلها، بالإضافة الى مشاكل داخلية معقّدة جداً ضمن القطاع".

ولفت في حديث لوكالة "أخبار اليوم" الى أنه "يمكن لـ "حماس" أن توافق مثلاً على سلطة جديدة مؤلَّفَة من تكنوقراط كما يُقال، ولكن تبقى قضية السلاح لوحدها في تلك الحالة. وهنا الأمور ليست واضحة بعد، وتحتاج الى وقت".

طريق طويل...

ورأى الحداد أن "على صعيد الجغرافيا، من الممكن إنشاء مناطق أمنية معينة في سوريا مثلاً عندما ينضج الحلّ، لا سيّما بسبب الأوضاع في السويداء وجبل الشيخ. وأما في لبنان، فخطوط اتفاقية الهدنة هي التي ستكون الأساس. وهذا هو الحلّ النهائي في الشأن اللبناني".

وشدد على أن "الطريق طويل، ولا تزال الأمور في بداياتها. والمفاوضات ليست محطة نهائية، بل جولة ضمن مسار أكبر سيطول قبل التوصُّل الى اتفاق. فمن الصّعب على أي فريق أن يتنازل عن أرض له تجاه شعبه. وبالتالي، يمكن إنشاء مناطق أمنية أو دولية على الحدود كحلول وسطية، ولكن من المُبكِر الاتفاق على مثل تلك الأمور الآن. وأما العمليات العسكرية التي لا تزال تُنفَّذ من جانب إسرائيل الآن، فقد تستمرّ الى حين التوقيع على حلّ يُرجَّح أن يكون هدنة، وإتمام الانسحاب الإسرائيلي من النّقاط المحتلّة جنوباً".

لبنان؟

وأشار الحداد الى أنه "من الصّعب الحديث عن سلام في المنطقة بشكل سريع، وسط الظروف الحالية والأحقاد المتبادلة والمشاكل والحروب والدماء. ولذلك، المفاوضات ستكون طويلة جداً".

وأضاف:"وضع لبنان مرتبط بالإطار الإقليمي كلّه، وبالمفاوضات الأميركية - الإيرانية أيضاً، التي لا تزال في مراحلها الأولى. فالطرفان يتفاوضان على أمور عدة، ومن الصعب تخلّي إيران عن الصواريخ الباليستية، وعن مناطق النفوذ في المنطقة. ولكن من الممكن فكفكة الأمور مستقبلاً رويداً رويداً، لحلّ يأخذ مكانه تدريجياً وعلى مراحل متتالية، وليس دفعة واحدة".

وختم:"يتّبع رئيس الجمهورية (جوزف عون) الآن طريق الصواب بالنّسبة الى لبنان، إذ يحاول أن يفكفك المشاكل التي تتحكم بالملف اللبناني الواحدة تلو الأخرى. الحلول لن تتأخّر حتى عام 2031، أي نهاية عهده الرئاسي، ولكنّه يعتمد الحكمة، خصوصاً أن لدينا تراكمات قديمة منذ الثمانينيات وحتى اليوم، والتغييرات في سوريا والمنطقة، والعمل ليس سهلاً".

أنطون الفتى - وكالة "أخبار اليوم"