الصحافة

نتنياهو والهروب إلى الأمام: هل تكون سوريا طوق النجاة؟

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

يواجه رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو معضلة وجودية تتجاوز حدود السياسة، فالملفات القضائية المفتوحة ضده في إسرائيل تشكل تهديداً حقيقياً لحريته الشخصية، وليس فقط لمستقبله السياسي. وفي هذا السياق، يبدو أن ​اتفاق غزة​ لم يكن نهاية المطاف، بل محطة انتقالية نحو "الهروب إلى الأمام" عبر خلق واقع إقليمي جديد يضمن له البقاء في السلطة. المنطق الذي يحكم تحركاته واضح: طالما بقي في موقع رئيس الوزراء، يستطيع التحكم في مصيره القضائي عبر التأثير على مجريات المحاكمة، وكلما نجح في تحقيق "إنجازات أمنية" كبرى، ازدادت قدرته على تبرير بقائه في السلطة أمام الرأي العام الإسرائيلي وحلفائه السياسيين.

في هذا الإطار، يملك نتنياهو عدة خيارات "شرعية" للتهرب من المحاكمة، أولها الاستمرار في المماطلة القانونية، وهي استراتيجية نجح فيها حتى الآن. الخيار الثاني يتمثل في السعي للحصول على حصانة برلمانية من خلال تمرير قانون يمنع محاكمة رئيس وزراء في الخدمة، وهو مسار يتطلب أغلبية برلمانية قد يحققها إذا استمر في تعزيز موقفه الشعبي عبر الإنجازات الأمنية.

أما الخيار الثالث، فهو السعي لصفقة سياسية-قانونية مع المعارضة تقضي بإسقاط بعض التهم مقابل اعتزاله السياسة، لكن هذا الخيار يبدو بعيد المنال في ظل الاستقطاب الحاد للمشهد السياسي الإسرائيلي. لذا، يبقى الخيار "الأكثر واقعية" الذي يلجا اليه، اي "حالة الطوارئ السياسية" التي تجعل من الصعب إسقاطه، وهو ما يفسر إصراره على إبقاء الملفات الإقليمية مشتعلة.

من هنا، يمكن فهم اللعب على الوتر الحساس في ​لبنان​ كونه يكتسب أهمية استراتيجية مضاعفة، إذ يمثل لنتنياهو ورقة ضغط مزدوجة: داخلياً، يعزز صورته كزعيم أمني قوي لا يمكن الاستغناء عنه، وخارجياً، يمنحه نفوذاً في المفاوضات الإقليمية. وبعد اتفاق غزة، أصبحت الجبهة الشمالية هي الساحة المفتوحة للمناورة. وفي هذا السياق، يملك رئيس الوزراء الاسرائيلي ورقة ضغط لم يكن يحلم بها سابقاً، وهي القدرة على التحكم بالملف اللبناني من خلال التحكم بتوقيت التصعيد والتهدئة: فكلما احتاج لتشتيت الانتباه عن المحاكمة، يمكنه تصعيد الوضع الأمني، وكلما احتاج لتحسين صورته الدولية، يمكنه إظهار "ضبط النفس" والحديث عن الحلول الدبلوماسية.

لكن التطورات في ​سوريا​ تمثل الفرصة الذهبية الحقيقية التي لا تُعوّض، او ما يمكن وصفه بـ"طوق النجاة". التحول الذي شهدته سوريا مع وصول أحمد الشرع (أبو محمد الجولاني) إلى الرئاسة، يفتح أمام نتنياهو إمكانية تحقيق ما عجز عنه أسلافه: اتفاق أمني أو حتى تطبيع مع دمشق. هذا الاحتمال، يبدو أقرب إلى الواقع مما كان عليه في أي وقت مضى، خاصة مع تسريع الشرع (الجولاني) الخطوات والمسار، باعتباره ان التفاهم مع إسرائيل سيكون مدخلاً لكسب الاحتضان الغربي ورفع العقوبات. ونتنياهو، من جهته، يدرك تماماً أن اتفاقاً مع سوريا سيكون إنجازاً تاريخياً يطغى على كل ملفاته القضائية ويضمن له مكانة راسخة في التاريخ الإسرائيلي، بل قد يحوله إلى أسطورة سياسية يصعب المساس بها قانونياً.

يراهن رئيس الوزراء الاسرائيلي على أن التحولات الإقليمية الكبرى ستمنحه الحماية السياسية الكافية لتجاوز محنته القضائية، وهو بذلك يحول أزمته الشخصية إلى معضلة تضع المنطقة بأسرها في قفص يملك مفتاحه، مستغلاً الفوضى في سوريا والضعف في لبنان لتعزيز موقفه.

اما السؤال الحقيقي فهو ليس عما إذا كان سينجح في تجنب المحاكمة، بل عن الثمن الإقليمي الذي ستدفعه المنطقة بأسرها مقابل بقائه في السلطة وهروبه المستمر إلى الأمام، والصورة الجديدة التي وضعها للادارة الاميركية الحالية التي أعجبت بها وتبنّتها، متناسية كل مظاهر عدم الاحترام والتقدير الذي اظهره نتنياهو تجاه الرؤساء الاميركيين بمن فيهم دونالد ترامب نفسه (خلال فترة ولايته الاولى).

طوني خوري - النشرة

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا