إمّا أورشليم أو الجحيم
ما جدوى وما معنى السلام في الشرق الأوسط وفقاً لرؤية دونالد ترامب (Pax Americana)، أو وفقاً لرؤية بنيامين نتنياهو (Pax Israeliana). بفوهة المسدس على الرأس «اما أن توقّع أو تموت. الرئيس الأميركي أعطى «حماس» بلغة الغانغستر لا بلغة الأمبراطور، 3 أو 4 أيام لعقد صفقة مع الشيطان، والا اطلاق العنان لنتنياهو من أجل ازالة غزة وأهل غزة من الوجود.هكذا انتهى بنا الأمر، وبمباركة من العروش العربية، أن نختار بين أورشليم والجحيم، متى ترانا خرجنا من هذا الجحيم ..؟
في خطة الرئيس الأميركي، والذي رحب بها رئيس حكومتنا نواف سلام، باعتباره قاضي القضاة، لا اشارة الى جوهر الأزمة ولا الى جوهر القضية.حل هتلري لمشكلة غزة، دون أي أفق سياسي، بعدما أكد رئيس «الحكومة الاسرائيلية» بأنه لم يوافق «أبداً» على اقامة الدولة الفلسطينية.ماذا يعني ذلك سوى تغطية فوهة البركان بقبعة الكاوبوي ؟
لا ندري على أي أساس وافقت الدول العربية الغراء الا بعبارة»... والا لن تبقوا على عروشكم».ما يعنينا أن هذه الخدعة الكبرى التي مؤداها الاستسلام لا السلام لا تتحصر في غزة، وقد تحولت الى حطام، وانما تذهب الى أبعد من ذلك بكثير. دول عارية، ومن ضفاف المتوسط الى ضفاف البحر الأحمر، وربما الى ضفاف الأطلسي وترقص، حافية القدمين حول القنبلة النووية الاسرائيلية، من أجل تحقيق «اسرائيل الكبرى» كمحور ايديولوجي واستراتيجي لمستقبل الشرق الأوسط، بعدما كان برنار ـ هنري ليفي قد كتب»... ذلك الشرق الذي كان يهودياً، وسيبقى يهودياً» ؟
ماذا عن مصر التي تفاخر، وبلغة 1967، أنها تمتلك أضخم أرمادا جوية في المنطقة ؟ الخبيرالاستخباراتي الاسرائيلي في الشؤون المصرية ايلي ديكال اذ يدعو الى القيام بعملية استباقية لتدمير الجيش المصري، اعتبر أن ذلك لا يستغرق أكثر من الوقت الذي يحتاجه احتساء القهوة على ضفاف النيل ...
بلهجة تووية، لا دولة فلسطينية الى الأبد.في رأس بعض أركان الادارة الأميركية التخلص من الخطرالفلسطيني، باقامة دولة لهم في السعودية، التي بوسع أراضيها وامكاناتها استيعاب كل شعوب المنطقة. ولكن ألا يعني النص التوراتي الذي يأخذ به نتنياهو يهودياً، ويأخذ به ترامب مسيحياً، ازالة الدولة اللبنانية والدولة السورية والدولة الأردنية، وربما الدولة العراقية أيضاً، لتكون الخطوة الأولى بتعرية القارة العربية كلها حتى من عظامها.
في هذه الحال، ماذا ينتظر لبنان واللبنانيين، الذي يدعو الى التطبيع مع الدولة العبرية للخروج من دوامة الأزمات والتسويات ... والأهم دوامة الوصايات ؟ للحال يفترض نزع سلاح حزب الله، اذ لا سلاح في المنطقة، وبحالة الموت السريري للدول العربية سوى مقلاع داود، وقد حلت محله قنبلة وايزمان الذي كان له الدور المحوري في اشراك روبرت أوبنهايمر، أبو القنبلة الأميركية، في صناعة القنبلة الاسرائيلية.
مثلما غزة لبنان.لا سلاح ولا حزب الله على الأرض اللبنانية، والا فتح الأجواء (المفتوحة أصلاً منذ الخمسينات من القرن الفائت) أمام قاذفات الجنرال تومير بار، لاستكمال تدمير الجنوب والبقاع والضاحية. ومثلما بات الجنوب السوري، وصولاً الى أبواب دمشق، في قبضة الجنرال ايال زامير، يفترض أن يكون الجنوب اللبناني، وصولاً الى أبواب بيروت، في قبضته.
أيضاً وأيضاً مثلما رفع الجنود «الاسرائيليون» نجمة داود في قلب مدينة القنيطرة، دون أن يرف جفن لحكومة أحمد الشرع، ترفع في قلب مدينة النبطية، دون أن يرف جفن لحكومة نواف سلام، وقد التحقنا بالقافلة في الطريق المقدسة الى أورشليم....
هذا ما يريده البيت الأبيض، حين تدعو الخطة الى نزع السلاح في غزة وزوال حركة «حماس» منها، وهذا ما وافقت عليه قطر ومصر وتركيا، بالتأثير المباشر على الحركة (حقاً، هل حدث خلل في دوران الكرة الأرضية ؟). بالتوازي نزع سلاح حزب الله وزواله من لبنان مع بيئته الحاضنة، وحتى طائفته الحاضنة. الى الصومال أم الى جنوب السودان بعدما رأى أحد كبار القوم استحالة ادخالهم في المعادلة اللبنانية ؟
ترامب، بتلك الثلة من رجال الأعمال في ادارته، كما لو أنها ادارة شركة لا ادارة أمبراطورية، لا ينظر الى المنطقة، باستثناء «اسرائيل» التي هي الابنة الكبرى والوحيدة للولايات المتحدة، الا كحالة عقارية أو كمنجم للنفط والغاز أو كمغارة علي بابا. هكذا تصبح غزة بعد خرابها، ريفييرا الشرق الأوسط، ويصبح لبنان لاس فيغاس الشرق الأوسط، وتصبح سوريا مركز اللعبة الأميركية الكبرى في الشرق الأوسط ..
ليبقى السؤال الكبير لماذا انتقال طائرات التزويد بالوقود الى قاعدة «العديد» في قطر؟ بطبيعة الحال، التنين لا يدق على الباب، لكن تدجين الشرق الأوسط يقتضي تدجين ايران، أو تقويض ايران، دون أن يبقى هناك من أثر لآيات الله الذين طالما كانوا هاجس دونالد ترامب، مثلما هم هاجس بنيامين نتنياهو. كل هذا بترحيب عربي (بانتظار ترحيب الرئيس نواف سلام).
الخلاصة، «الحاخامات» على أكتافنا، مثلما كان السلاطين على أكتافنا التي لم تعد منذ ألف عام أكتاف أهل الحل والربط، وانما أكتاف العبيد ...
نبيه البرجي-الديار
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآن| شاركنا رأيك في التعليقات | |||
| تابعونا على وسائل التواصل | |||
| Youtube | Google News | ||
|---|---|---|---|