اللعبة لم تنتهِ بعد.. المتورّطون ماذا ينتظرهم بعد قرارات الهيئة الإتهاميّة؟
لم يكن ملف BetArabia مجرد مشروع تقني عابر، بل تحوّل منذ لحظة ولادته إلى عنوان صارخ للهدر والفساد في مؤسسات الدولة اللبنانية. فالشركة المشغلة OSS، التي فُوِّضت بشكل استثنائي عبر مرسوم غير قانوني، وضعت يدها على قطاع حساس مرتبط بالمقامرة الرقمية وأموال اللبنانيين، في ظل غياب أي إطار تشريعي واضح أو رقابة مالية شفافة.
تبيّن مع مرور الوقت أنّ المشروع لم يكن سوى غطاء لتقنين الفساد وتحصينه، إذ أتاح استباحة المال العام بغطاء رسمي، وفتح الباب أمام شبهات تبييض أموال واسعة، في حين جرى تجاهل التحذيرات القانونية التي أطلقها ديوان المحاسبة والعديد من الخبراء. وبدلاً من أن يكون العائد للدولة، جرى تقاسم الأرباح لمصالح خاصة، ما انعكس هدراً مباشراً لملايين الدولارات التي كان من المفترض أن تدخل خزينة الدولة.
وما لم يكن في الحسبان أنّ مدير عام جهاز أمن الدولة اللواء إدكار لوندس تحرّك بحزم وقطع الطريق على هذا المسار الخطير من الفساد والهدر العام، عبر متابعته الدقيقة للملف وإشرافه المباشر على التحقيقات، ما أفضى إلى توقيف المتورطين الأساسيين ووضع حدّ لمحاولات تبييض الأموال عبر غطاء سياسي وإداري مشبوه.
وفي ضوء هذه المستجدات، جاءت التوقيفات القضائية لتشمل شخصيات معروفة في الوسط العام، من بينها رئيس مجلس إدارة كازينو لبنان رولان خوري، ورجل الأعمال جاد غاريوس، وريكاردو بشير، وداني عبود، فيما ظل هشام عيتاني فارّاً من العدالة، بعد صدور مذكرة توقيف غيابية بحقه. وقد أودع هؤلاء رهن التحقيقات، ما جعل الملف يأخذ أبعاداً استثنائية نظراً إلى حساسيته وتعقيداته.
وفي هذا السياق، التأمت الهيئة الاتهامية في جبل لبنان برئاسة القاضي فادي العريضي والقضاة انياس معتوق ومايا عويدات وهم مستشارون مكلفون وأصدرت سلسلة قرارات بشأن طلبات إخلاء السبيل للموقوفين. وجاء في القرار: "إن الهيئة قررت ردّ الاستئناف المقدم من هشام عيتاني شكلاً، كما ردّ استئناف شربل أبي راشد. وصدّقت على إخلاء سبيل عدد من الموقوفين ومن بينهم محمد فتح الله، أحمد نعسان، ورود حرب، وزياد صادق وفق الكفالات المقررة. كما أخلت سبيل رولان خوري، جاد غاريوس، ريكاردو بشير، وداني عبود لقاء كفالة مالية قدرها عشرون مليار ليرة لبنانية لكل واحد منهم، مع منعهم من السفر وإبلاغ الأمن العام بذلك.اما بقية الموقوفين تم إخلاؤهم مقابل كفالات تترواح بين ثلاثة مليارات وعشرة مليارات".
ماذا بعد؟
بدأ المسار القضائي في قضية "بيت ارابيا" وكازينو لبنان بسلسلة خطوات متتابعة، لكل منها دور حاسم في رسم مآل الملف. في البداية، تحركت النيابة العامة وطلبت من الأجهزة الأمنية المختصة القيام بالتحقيقات والاستقصاءات وجمع الأدلة، تمهيداً لتكوين ملف أولي يُبنى عليه المسار القانوني.
وبناءً على نتائج هذه التحقيقات، قام قاضي التحقيق باستدعاء الأشخاص المشتبه فيهم والاستماع إلى إفاداتهم، حيث اصدر في نهاية هذه المرحلة قراراً ظنياً حدد فيه التهم المنسوبة إليهم. وهنا انتقلت القضية إلى الهيئة الاتهامية المؤلفة من ثلاثة قضاة التي انعقدت لدراسة الملف والقرار الظني، وتملك صلاحية تصديقه كما هو، أو تعديله، أو تحويل التهم من جنحة إلى جناية بحسب معطيات الملف. إلا أن الهيئة الاتهامية، في هذا الملف تحديداً، اختارت إخلاء سبيل الموقوفين لقاء كفالات مالية عالية، ما يشير مبدئياً إلى اتجاهها نحو تأكيد توصيف الأفعال كجنحٍ لا كجنايات، وإن كان هذا الأمر لا يزال غير محسوم نهائياً.
وفي حال تم تثبيت توصيف الجنحة بشكل نهائي، فإن القضية ستحال عندها إلى القاضي المنفرد الجزائي، والذي يُرجّح أن يكون في جونيه، باعتبار أن الجرم حصل في نطاق كسروان حيث يقع كازينو لبنان. وهناك، سيصدر القاضي المنفرد حكمه في القضية.
لكنّ المسار القضائي لا يتوقف بالضرورة عند هذا الحدّ، إذ تبقى إمكانية الاستئناف والتمييز قائمة أمام محاكم أعلى درجة من قبل هيئة القضايا أو النيابة العامة الاستئنافية، ما يعني أن ملف «BetArabia» قد يشهد جولات قضائية إضافية، قبل أن يصدر فيه حكم مبرم ونهائي.
روجيه أبو فاضل - الديار
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآن| شاركنا رأيك في التعليقات | |||
| تابعونا على وسائل التواصل | |||
| Youtube | Google News | ||
|---|---|---|---|