فيديو قديم يعود لعام 2000.. شاهدوا كيف كانت الفنانة هيفا وهبي هل تغيرت كثيراً؟
سلام ليس مقطوعًا من شجرة
عقب موقعة صخرة الروشة، تعزّز الانطباع السائد لدى شريحة واسعة من مختلف الأطياف بأن الرئيس نواف سلام أقحم نفسه في مواجهة خاسرة، وأنه كان من الأفضل تجاهل الحدث، والتعامل معه على الطريقة اللبنانية التقليدية "دعها تمضي دعها تمر". هذا الشعور يعبر عن ذهنية أرساها "حزب الله" بالحديد والنار لاستباحة كرامة الدولة وليّ عنق القوانين على مدى 3 عقود ونصف، بحيث صار التعامل معه ينطلق من فكرة توطّدت في العقل الجمعي بأنه قضاء لا مردّ له، والحل الوحيد هو السعي لاسترضائه.
هذه الذهنية المتجذرّة في عمق بنية الدولة كانت السبب الرئيس في تحرك الرئيس سلام. فيما "الحزب" ما أراد من خلال هذه الموقعة إلا تثبيتها، وكان سيفعلها بوجود قرار حكومي أم من دونه. وبالتالي فإن ما حصل يحمل طابع انقلاب موصوف من قبل ميليشيا متمردة على الشرعية ليس على شخص الرئيس سلام، ولا حتى على موقع رئاسة الحكومة، بل على مسيرة استنهاض الدولة.
ثمة لقطة مشهورة من فيلم "الجزيرة" المصري، والذي تدور أحداثه حول الصراع بين الدولة وهياكل موازية تسيطر على تجارة المخدرات، ترتكز قوتها على تحالفات خفيّة ومصلحية مع رجال حفظ القانون، يظهر فيها الممثل أحمد السقا وهو يقول "من اليوم ليس هناك حكومة... أنا الحكومة". هذه اللقطة تختصر ما حصل عند الروشة، ولا سيما الظهور العلني النادر لوفيق صفا في مشهدية تحمل كل سمات البلطجة والخروج على القانون.
على مسافة قريبة من موقع اغتيال "حزب الله" للرئيس رفيق الحريري، بطنين من المتفجرات، وأطنان من الحقد، اختزن ظهور وفيق صفا رمزيات مكثفة، من اللباس الأسود المرتبط بالانقلاب على حكومة الرئيس سعد الحريري، مرورًا بتزعّم رهط الرجال والدراجات النارية الذي يستحضر روحية "7 أيار" لتحدي بيروت وهويتها ورمزيتها كمركز للشرعية، واستفزاز أهلها بشعارات وشتائم مذهبية. وصولًا إلى ظهور استعلائي متعمّد في فيديو يحفل بالهجوم الشخصي على رئيس الحكومة فيما هو يرتشف القهوة متلذذًا، ثم خروجه المتلفز لشكر قائد الجيش ومدير عام قوى الأمن، حيث يجتمع الظهوران في توجيه رسالة يتوخى من خلالها القول "أنا الحاكم".
فالشكر "المفخّخ" وما حفّ به من أخبار عن اجتماع بقائد الجيش يرميان إلى إظهار أن المؤسسات الأمنية لا تزال تخضع لمشيئة صفا وحزبه وليس لقرارات الحكومة، بما يمنح مصداقية للأنباء التي تردّدت في أكثر من وسيلة إعلامية غربية عن وجود تعاون بين ضباط في مراكز قيادية و"الحزب" على حساب الدولة.
في الواقع، يحمّل سلوك بعض المؤسسات الأمنية يوم الصخرة الكثير من علامات الاستفهام، التي تمتد من شوارع بيروت إلى الرياض ونيويورك وواشنطن، ولا سيما أنها المرة الثانية التي تمتنع عن تنفيذ قرار حكومي، وينسحب الأمر على أداء الوزراء المعنيين بالإشراف عليها، خصوصًا بعدما كشف بيان وزارة الدفاع عن وجود إشكالية في التضامن الوزاري. هذه العوامل كلها تجتمع في دعم انقلاب "الحزب" على الشرعية، ومحاولة إظهار رئيس الحكومة ضعيفًا ومعزولًا، وزيادة الضغط عليه لدفعه إلى الاستقالة أو إسقاطه.
بيد أن الرئيس نواف سلام ليس مقطوعًا من شجرة، فهو يخوض حرب بناء الدولة بصلابة استثنائية، مستندًا إلى ثقة برلمانية حاسمة، وأكثرية داخلية تشتمل على سياديين وتغييريين ونخب وقوى وهياكل ناشئة تنتمي إلى مختلف المذاهب السياسية والفكرية، بالإضافة إلى المؤسسات الدينية الكبرى ما خلا تلك المستلبة من الميليشيا. يناظره دعم كبير دولي وعربي وسعودي بالذات.
لكن الحرب جولات، وإذا كانت الميليشيا تمكنت من كسب جولة تستر بها عيوب انكساراتها المتوالية، بعدما أظهر الرئيس نبيه بري مرة جديدة أنه درع الدويلة وليس شريكًا موثوقًا، فإن الرئيس سلام يعكف على دراسة مروحة من الحلول والأدوات السياسية والقانونية لتصويب الأداء الحكومي المتراخي. في موازاة إعادة ترتيب الكتلة الصلبة الداعمة له، مع توالي صدور مواقف فردية وجماعية ستتوسع دائرتها تباعًا لتشكيل غطاء لقراراته وخطواته، ويتحضر لاستكمال جولات مواجهة امتدادات "الحزب" داخل بنية الدولة العميقة، ومكافحة ذهنية التطبيع معه السائدة، والتي تعد شرطًا شارطًا لكسب حرب بناء الدولة.
في كرة القدم لا تنتهي المباراة إلا عندما يطلق الحكم صافرته، وكذلك الحال في الصراع بين الدولة والدويلة، التي تستفيد من تحالفاتها القديمة مع بعض شركاء ثنائية "المافيا والميليشيا" من الطامحين إلى إعادة إنتاج نفوذهم. الكرة في الملعب، والمباراة لا تزال في بداياتها.
سامر زريق - "نداء الوطن"
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|